يقدم تيري دو مونبريال في كتاب «عشرون عاماً قلبت موازين العالم» صورة للعالم عشية عام 1989، حينما كان النظام العالمي مزدوج القطبية ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ويتأرجح بينهما عالم ثالث محكوم بالمنافسة بين البلدان المتقدمة «تقليدياً» والبلدان «الصاعدة»، فقد تحققت النبؤة الخاصة بصعود القارة الآسيوية، ممثلة في الصين والهند.

يؤكد المؤلف بروز ملامح ثورة جديدة في أوروبا الشرقية الوسطى، ذلك بعد أربع سنوات من وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفياتي عام 1985، وكان سقوط سور برلين في شهر نوفمبر من تلك السنة إعلاناً بتغيير وجه أوروبا والعالم، فعبر ذلك الحدث- المنعطف قررت الشعوب أن تصنع تاريخها مباشرة بعيداً عن جميع الوسطاء، ما أدى إلى «إعادة تركيب» المنطقة الممتدة من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، وإلى إعادة تركيب أوروبا كلها. وكان الحدث الأهم عام 1990 إعادة توحيد الأمة الألمانية بعدما كانت مقسومة إلى شطرين طوال فترة الحرب الباردة.

Ad

وكان 1992 عام الاضطرابات في روسيا، مع محاولة الانقلاب التي استطاع بوريس يلتسين في نهايتها أن يفرض نفسه بوصفه أول رئيس لروسيا بعد انهيار الشيوعية. تزامناً مع ذلك، شهدت منطقة البلقان اضطرابات ذات طابع قومي وعرقي.

ويحدد مونبريال أكبر حدث خلال السنوات العشر الأخيرة بتفجيرات نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر 2001. أصبح هناك بكل بساطة «ما قبل» هذه التفجيرات وما بعدها. وبعدما ردد الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش خطاباً ينتمي إلى قانون «صدام الحضارات» و{حرب الخير ضد الشر» تبنى مقولة «الحرب ضد الإرهاب».

وإذ يشير المؤلف إلى الحرب على العراق في ربيع عام 2003 كأكبر حدث في العقد الأخير، لا يتردد في وصف الحسابات الأميركية الخاصة بشن تلك الحرب بأنها كانت خاطئة، وأدت إلى جعل سفينة العالم بلا قبطان.

يقدم تيري دو مونبريال بما يملكه من خبرة متميزة وحنكة في مجال التحليلات السياسية والاقتصادية عملاً فريداً، يساعد القارئ في فهم 20 عاماً كانت بمثابة فترة انتقالية فاصلة في مستقبل البشرية وركيزة لبناء العلاقات الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين.

يشار إلى أن المؤلف تيري دو مونبريال خبير وباحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية، هو أول مدير للمركز الفرنسي للتحليلات والتوقعات التابع لوزارة الخارجية الفرنسية، وهو الرئيس المؤسس للمؤتمر العالمي للسياسات العامة.