مع تمكن قوات الرئيس السوري بشار الأسد من التقدم باتجاه مدينة خان طومان في ريف حلب بعد إحكام حصارها على الأحياء الشرقية منذ سيطرتها قبل يومين على كامل منطقة الكليات العسكرية، بدأت فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات "جيش الفتح" هجوماً معاكساً ليل الاثنين- الثلاثاء لوقف تقدم النظام وإعادة فتح طريق الإمداد الوحيد لها في منطقة الراموسة.وبدأت فصائل "الفتح" عمليتها بتفجير عربة مفخخة استهدفت قوات النظام على أطراف منطقة العامرية تلتها معارك دامية، مترافقة مع قصف بالقذائف استهدفت مناطق سيطرة النظام في حي الحمدانية ومنطقة الأعظمية وحيي صلاح الدين والأشرفية ومحيط البحوث العلمية، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات في جبهتي الراموسة وغرب الكليات العسكرية، المدفعية والتسليح والمدرسة الفنية الجوية.
وبينما قام مجهولون باغتيال قائد سرية نيران "الفرقة 11" النظامية الرائد ياسر عفوف في محيط بلدة القريتين بريف حمص الشرقي، شنّ الطيران الروسي، للمرة الأولى منذ أشهر، غارات جوية على ريف درعا الغربي، مستهدفاً بلدة إبطع ومدينة داعل، وسط اشتباكات في محيط الكتيبة المهجورة.
«درع الفرات»
وعلى جبهة موازية، واصل الجيش الحر تقدمه على الشريط الحدودي مع تركيا شمالاً، رافعاً عدد القرى والبلدات التي حررها من تنظيم "داعش" إلى تسع بعد تحريره أمس، قريتي نبغة ومزرعة نبغة شمالي حلب، في تطور عزز ربط مدينة مارع بجرابلس.مع إتمام اليوم الـ13 من انطلاق عملية "درع الفرات" التي بدأها بتحرير جرابلس بدعم جوي وبري تركي، يواصل الجيش الحر تقدمه نحو بلدة "الباب"، آخر معاقل "داعش" في شمال حلب.وتوصلت الإدارة الذاتية لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي في منطقة كوباني بريف حلب الشرقي، إلى اتفاق مع السلطات التركية يقضي بإنهاء الاعتصام على الحدود، وبناء جدار على مسافة 8 أمتار جنوب سكة القطار داخل المدينة، ذات الأغلبية الكردية.المنطقة الآمنة
وفي واشنطن، أكدت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون أمس، أن إشاعات اعتلال صحتها لا تشتتها، مجددة تأييدها لفرض "منطقة حظر طيران" فوق سورية، التي يعارضها بشدة الرئيس باراك أوباما ويضغط نظيره التركي رجب طيب إردوغان منذ سنوات لإقرارها.وفي طهران، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أنه لا يحق لتركيا ولا غيرها المساس بسيادة الدول الأخرى بما فيها سورية دون طلب من الحكومة، مؤكداً أن محاربة الإرهاب في المنطقة موضوع جاد ومهم، نظراً إلى انتشار "العصابات" القاتلة للأطفال في سورية خلال السنوات الأخيرة، وإثارة حرب أهلية دمرت البنى التحتية للبلاد.وبحسب قناة "العالم"، أكد قاسمي أنه يمكن إدراك "خطوة تركيا ضد الإرهابيين في سورية، لكن من المؤكد أنه لا الحكومة التركية ولا غيرها يمكنها المساس بسيادة سورية دون طلب من الحكومة".زيارة مملوك
ومع دخول الأزمة السياسية منعطفاً جديداً وصل فيه التفاهم الأميركي الروسي إلى طريق مسدود، وتبدل فيه الموقف التركي من التصلب إلى المرونة لجهة مصير الأسد، بدأ رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك زيارة نادرة إلى موسكو، سبقتها تكهنات عن احتمال اجتماعه بمسؤولين أتراك ينضم إليه لاحقاً إيرانيون. ووفق مصادر إعلامية موالية للنظام، فإنه رغم استبعاد اللقاء بين الرئيسين السوري والتركي برعاية روسية كلياً في الفترة الحالية مع وجود رغبة من أنقرة في توسيع خطواتها تجاه دمشق لتشمل أيضاً أموراً اقتصادية، فإن الروس يعملون بكل جهد على تحسين هذه العلاقات ويقدمون إغراءات اقتصادية كبيرة للأتراك، كما يعملون على تحسين العلاقات السورية- الأميركية.«أصدقاء سورية»
وفي لندن، التي تستضيف اليوم اجتماعاً مرتقباً لمجمموعة "أصدقاء سورية" برئاسة وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، من المقرر أن يعرض المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب رؤيته لعملية الانتقال السياسي، بحسب وزارة الخارجية التركية، التي أوضحت أن الاجتماع المرتقب سيشارك فيه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، إلى جانب نظرائه في كل من فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وقطر والإمارات وألمانيا والأردن وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.مجلس الإعلام
داخلياً، أصدر الأسد قراراً بإلغاء المجلس الوطني للإعلام، على أن تحل مكانه وزارة الإعلام في كل النصوص التشريعية والأنظمة النافذة.ويأتي المرسوم بناء على اقتراح الحكومة في أولى جلساتها بإلغاء المجلس الوطني للإعلام وإعادة هيكلة وإلغاء عدد من المجالس.«عاصمة الثورة» تستعد لسابق عهدها
في وسط مدينة حمص السورية، يجمع العمال الركام، ويرفعون الحجارة، وينظفون جدرانا سوداء اللون، فقد حان الوقت لإعادة السوق القديم والمهجور حالياً لما كان عليه قبل الحرب.وفي هذه المدينة، التي أطلق عليها معارضو الرئيس بشار الأسد "عاصمة الثورة"، تعمل محافظة حمص مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مشروع يهدف إلى إزالة آثار معارك دامت عامين عن سوق يعود عمره إلى مئات السنين.وبالقرب من ساحة الساعة، التي كانت تعد خط تماس المعارك، ينشغل العمال برفع الحجارة من أمام أحد مداخل السوق القديم بإشراف من فريق هندسي يتفقد بدوره ما تبقى من إمدادات مياه وكهرباء.وأنشئ سوق حمص القديمة في القرن الثالث عشر في ظل الدولة الأيوبية ومؤسسها صلاح الدين الأيوبي، وازدهرت في وقت لاحق في ظل الحكم المملوكي حتى القرن الرابع عشر وصولاً إلى مرحلة السلطنة العثمانية التي انتهت في بدايات القرن العشرين.وتعد حمص من أولى المدن التي تحولت فيها حركة الاحتجاجات الى نزاع مسلح في عام 2012، وإثر معارك عنيفة وحصار خانق للمدينة القديمة دام عامين، تمكن الجيش النظامي في 2014، في إطار اتفاق مع الفصائل المعارضة، من استعادة السيطرة على مجمل المدينة.ولا يختلف سوق حمص القديمة عن سوقي دمشق وحلب الشهيرين، إلا أنه أصغر منهما حجماً، ويتضمن 13 شارعاً و982 محلاً، وفق ما قال المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم.