«عزيزو» حريمي سفيه!
كشفت الكثير من المحاولات المغرضة خلال السنوات الأخيرة سهولة اختراق النسيج الكويتي، وإشعال نار الفتنة بين مكوناته بتغريدة أو رسالة صوتية أو مقال أو أي من أشكال التواصل الاجتماعي الحديثة.
هاجت وسائل التواصل الاجتماعي قبل يومين بسبب مقطع فيديو تتحدث فيه امرأة، بحقارة لا يساويها سوى جبنها في الكشف عن شخصيتها، وهي تعترض على تسمية أحد الشوارع الفرعية في منطقة الشعب البحري باسم المرحوم حسن جوهر حيات، والاعتراض على إطلاق الأسماء على الشوارع أو المرافق العامة أو المناطق يبقى مسألة جدلية، وقد تناقش فيها المعايير العامة ودرجة استحقاق الشخصيات لتخليدهم تبعاً لمستوى عطائهم للبلد، وخصوصا بعد أن عجت الكويت بالمئات من الأسماء على المدارس والشوارع والضواحي!لكن الاعتراض الوقح والمتعمّد بزج عبارات الاستفزاز الطائفي والعرقي والمساس الصريح بشريحة من المكون الاجتماعي والنسيج الوطني الكويتي أين موقعه من الإعراب؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ وما الهدف من بثه على مقطع مصور ليشاهده كل مواطن خلال بضع دقائق؟ قد لا يكون التفسير لهذه الجريمة الخسيسة سوى الفتنة أو استمرار هذه الفتنة القائمة بالفعل كلما أخذت تهفت وتنحسر.
المرحوم جوهر حيات شخصية سياسية مع بداية العهد الدستوري وتولى عضوية مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية، وإطلاق اسمه تكريماً لعطائه الوطني لا يختلف عن العشرات من زملائه المعاصرين واللاحقين ممن مثلوا الشعب الكويتي في انتخابات حرة، وعائلته الكريمة من الأسر المؤسسة لكيان هذا البلد ووجوده، ومن المؤكد أن هذه المعلومات غير خافية على تلك المرأة المريضة، التي كانت تترقب وتتلذذ بالتراشق اللفظي وتبادل السباب وتعميق الخلاف بين السنّة والشيعة في الكويت، فهذا هو المقصود تماماً، فقد كشفت الكثير من المحاولات المغرضة خلال السنوات الأخيرة سهولة اختراق النسيج الكويتي، وإشعال نار الفتنة بين مكوناته بتغريدة أو رسالة صوتية أو مقال أو أي من أشكال التواصل الاجتماعي الحديثة.إن مشكلة ضعف وهشاشة مفهوم المواطنة وتطبيقاتها من صنيعة الحكومة، فلا التنشئة الوطنية ولا المناهج التعليمية ولا التشريعات القانونية ولا الإعلام الرسمي ساهمت في خلق هوية كويتية جامعة وشاملة ومتسامحة في احتواء ألوان الطيف المجتمعي، ولا يستبعد أن تكون مثل هذه الأقلام المدسوسة والأصوات المأجورة تعمل وفق توجيهات منظمة للحفاظ على مبدأ فرّق تسد، وباتت اللعبة مكشوفة في تعاقب استهداف كل فئة والاستفراد بها بين فترة وأخرى، فقبل مدة خرجت إحدى «الشيخات» في وسائل الإعلام وهي تتجاسر على القبائل، وما أحدثه ذلك من تهييج المجتمع وضرب بعضه ببعض، واليوم تطل «حرمة الشعب البحري» للتطاول على الشيعة، وغداً بالتأكيد ستكون الضحية القادمة السنّة الحضر وهكذا!قد يحتج البعض قائلاً إن ضعف الجبهة الداخلية واستعداد الكثير من الكويتيين ليكونوا حطباً لهذه الفتن بسبب الجهل أو العاطفة أو النفوس الضعيفة هو العامل الأساسي لتهييجهم بهذه السهولة، خصوصاً عند تمرير بعض القضايا السياسية أو لإلهاء الناس عن المشاكل التي قد تجمعهم مثل زيادة الأسعار وتقليص الميزانية هذه الأيام، وهذا التبرير قد يحمل درجة من الوجاهة والاعتبار، لكن السؤال لماذا من ينتقد الحكومة في مقطع فيديو يتم كشفه وتعريفه وفضحه بلمح البصر، ويزج في سجن المباحث فوراً، ويقدم للمحاكمة سريعاً، ومن يهين الشعب ويهيج بعضه على بعض يبقى حراً طليقاً، رغم كل المطالبات بمحاسبته خصوصاً أن الأجهزة الأمنية هي نفسها؟ هذا السلوك قد يكشف السر في ظهور «عزيزوات» الفتنة بين حين وآخر!