مؤلم الواقع الذي نراه وقد أصبح الفساد هاجس معظم المواطنين، خصوصا أن أعضاء الحكومة قد اعترفوا به وأقروا بوجوده وانتشاره، ومحزن أن الحكومة التي تقر بوجوده لم تقم بوضع الحلول لاستئصاله والقضاء عليه، بل تركته يتحصن ويكبر إلى أن أصبح إمبراطورية متكاملة متحصنة في قلاع المؤسسات الدستورية، وبدأ يقضي على البنيان الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بل حتى المؤسسات الدستورية لم تسلم من سهامه، وهو أمر أصبح واقعاً يستحيل محاربته والقضاء عليه بسهولة في ظل مؤسسات تكاد تكون راضية عنه، أو لا تملك قوة تحاربه، وفي ظل انعدام وجود إدارة رشيدة تعمل على تجفيف منابعه.

لقد فقد المواطن بسبب ما يراه من فساد وانحراف وغياب دولة القانون والمؤسسات كل ثقته بمؤسساته الدستورية، وكل قوته للقضاء على إمبراطورية الفساد، لذلك أصبحت الهوة بينه وبين تلك المؤسسات عميقة، وتكاد تكون معدومة، خصوصاً وهو يشاهد بعثرة الحكومة لمقدرات وطنه في الوقت الذي تدعي فيه العجز والتقشف ورفع الدعوم عن المواطنين، والحديث عن تطبيق الضرائب، ونهاية دولة الرفاهية، وغيرها من الأمور السوداوية والمظلمة التي جعلت من المواطن خائفاً مما هو آت أمام غول الفساد الذي ينهش جسد الوطن، ويفتك بمستقبل أبنائه دون أي رادع يوقف تمدده وانتشاره.

Ad

يعني بالعربي المشرمح:

لقد أصبح للفساد إمبراطورية متكاملة تسيطر على دفة الدولة، وتحمي كل من يساعدها، ويسهل لها مهمتها، الأمر الذي جعلها تقرر المساس بالمواطن ودخله بعد أن ضمنت قدرتها على المساس بمقدرات الدولة، فأصبحت تغرف من أموال الدولة وأموال الشعب دون رادع أو خوف من أحد، لتواصل تدمير كل من يتعرض لها، وهو الأمر الذي بات في غاية الخطورة، خصوصا أن التاريخ يحدثنا أن معظم الأمم والشعوب تعرضت لكوارث وأهوال نجحت في التغلب عليها إلا الدول التي انتشر فيها الفساد، فمعظمها انهار وتآكل، فهل ثمة رجل رشيد يحطم أسوار تلك القلعة قبل قبل فوات الأوان؟