يتردد صدى أصوات المطارق في صبيحة معظم الأيام في ضواحي مدينة دنفر، حيث يقوم جاي سمول صاحب الشركة التي تسور المنازل ببناء حوالي 1300 منزل جديد في هذه السنة. ويزيد ذلك بأكثر من ثلاثة أمثال ما شيده قبل بضع سنوات، وهو يقول "عندها لم يكن المرء قادراً على الحصول على عمل". والآن، لم يعد بوسع شركات البناء تأمين العدد الكافي من العمال لإنجاز البناء.

وبعد 8 أعوام على انهيار قطاع البناء الذي دفع ما يقدر بـ 30 في المئة من عمال البناء الى البحث عن فرص عمل في حقول جديدة تجهد شركات البناء في شتى أنحاء البلاد للعثور على عمال من كل مستويات الخبرة، بحسب الجمعية الوطنية لبناء المنازل التي تقدر أن هناك حوالي 200 ألف وظيفة بناء شاغرة في الولايات المتحدة – بزيادة 81 في المئة عن العامين الماضيين.

Ad

وقد وصلت نسبة فرص العمل في البناء مقابل التوظيف – بحسب وزارة العمل – الى أعلى مستوياتها منذ سنة 2007.

ويقول جون كورسن، المدير التنفيذي لمعهد بنائي المنازل، وهو جهة وطنية غير ربحية تدرب العمال في حقل البناء: "نقص عدد العمال يزداد سوءاً مع ازدياد قوة الطلب".

وأصبح التأثير مضاعفاً. ومن دون وجود العدد الكافي من العمال يتخلف البناء السكني عن الطلب في المنازل مقلصا الاقتصاد الإجمالي.

ومع ارتفاع تكلفة العمل تسعى شركات البناء الى تشييد منازل أغلى بغية الحفاظ على هوامشها، وهو ما يعني التخلي عن سوق منازل البداية. وقد أفضى ذلك الى إحداث نقص في منازل مستوى الدخول وابعاد مشترين محتملين في وقت وصلت فيه معدلات الرهونات العقارية الى ما يقارب مستويات متدنية تاريخية.

وعلى صعيد البلاد توجد نسبة تبلغ 17 في المئة أقل من الناس يعملون في البناء مما كان الحال ابان ذروة السوق، كما شهدت بعض الولايات – بما فيها أريزونا وكاليفورنيا وجورجيا وميسوري – انخفاضا بنسبة 20 في المئة أو أكثر، بحسب معلومات أسوشيتد جنرال كونتراكتورز أوف أميركا Associated General Contractors of America.

ويفضي نقص العمالة الى زيادة تكلفة شركات البناء – وأجور العمال أيضاً – وإبطاء عمليات البناء.

ويقدر سمول البناء في دنفر أن في وسعه تشييد ما لا يقل عن 10 في المئة من المنازل في هذه السنة إذا توافر لديه العدد الكافي من العمال. ولكنه يظل مفتقراً الى العمال، على الرغم من رفع الأجر الى مستويات أعلى مما كان يدفع خلال فقاعة الإسكان قبل عقد من الزمن.

ويقول سمول: "وصلنا الى نقطة تصبح محدودا معها حقا في ما تستطيع تقديمه. وقد خسرنا العديد من الناس في الانهيار وليس في وسعنا استعادتهم".

التكلفة الأعلى

وصلت تكلفة بناء منزل متوسط لعائلة واحدة الى مستوى أعلى بـ 13.7 في المئة الآن مما كانت عليه في سنة 2007 حتى مع كون التكلفة الاجمالية لبناء وبيع منزل – وهو رقم يشمل تكلفة الأرض والتمويل والتسويق – قد ارتفعت 2.9 في المئة فقط خلال الفترة ذاتها، بحسب دراسة أجرتها الجمعية الوطنية لشركات بناء المنازل.

وبرزت المشكلة بجلاء من خلال الطلب القوي على منازل جديدة مع بلوغ المبيعات أعلى مستوى في 9 سنوات في شهر يوليو الماضي.

وتقول الشركات الخاصة انها تواجه صعوبة في اجتذاب العمال وهي تضطر في أغلب الأحيان الى إعطاء الموظفين زيادات لمنعهم من التوجه الى شركات منافسة. وتصنف فئة النجارين والكهربائيين في أغلب الأحيان على أنها الاختصاص الأكثر طلباً.

ويقول توني رادر، نائب رئيس شركة شووب بيلدنغ كومبانيSchwob Building Company وهي متعاقد عام في منطقة دالاس إن شركته بدأت بتسليم نشرات اعلانية في مناسبات رياضية وكنائس ومدارس بأمل اجتذاب مزيد من الناس الى الميدان.

ويضيف: "المشكلة الأكبر التي أواجهها في كل يوم هي أين سنجد أشخاصاً للقيام بالعمل. وقد أصبح من الشائع بصورة متزايدة بالنسبة الى شركته وللآخرين رفض مشاريع عمل.

ويكافح متقاولو دالاس في وجه الامداد المحدود للعمال مع ظهور ثلاثة مشاريع مختلطة الاستعمال على مقربة من بعضها البعض الآخر في ما يدعى "الخمسة مليارات دولار ميل" في فريسكو، وهي ضاحية شمالية. وفي غضون ذلك تضيف منطقة المتروبوليتان حوالي 30 ألف منزل جديد سنوياً.

ومع وجود عدد أقل من العمال يتوخى المقاولون الحذر ازاء توقيع عقود عمل جديدة، خاصة أن العديد منها يشتمل على غرامات في حال عدم اكمال العمل في الموعد المحدد.

ويقول أحد المقاولين في منطقة شمال دالاس رفض الكشف عن اسمه "أنا أواجه قضيتين قضائيتين الآن قد تكلفانا الكثير من المال بسبب عدم وجود ما يكفي من العمال لإنجاز العمل".

ويقول محامون في الأسواق السكنية الحادة إنه أصبح من الشائع بصورة متزايدة بالنسبة الى شركات البناء القيام بمحاولة التفاوض للحصول على مزيد من الوقت.