فاز ترامب في أربعة من استطلاعات الرأي السبعة الأخيرة التي أُجريت في أيوا، وحقق التعادل في استطلاع خامس، وفي سنة تبدو فيها ولايات متأرجحة كثيرة بعيدة عن منال المرشح الجمهوري، يحقق ترامب نتائج ممتازة في ولاية أيوا. لم يتوقع جمهوريون كثيرون الفوز بهذه الولاية خلال هذه الدورة نظراً إلى تاريخها: فاز أوباما بهذه الولاية بست نقاط عام 2012 وبنحو عشر عام 2008، أما جورج بوش الابن، ففاز بها بفارق بسيط عام 2004 وخسرها بفارق بسيط أيضاً عام 2000، وعلاوة على ذلك خسر ترامب هذه الولاية خلال الانتخابات الأولية أمام تيد كروز في شهر فبراير. إذاً لمَ يحقق هذا التقدم في الوقت الراهن؟يولّد المؤتمر الحزبي الأول في الأمة جواً سياسياً فريداً في أيوا، ويظن بعض الجمهوريين أن هذا الجو، بدل أن يسلّط الضوء على الخلافات داخل الحزب، يولّد حزباً جمهورياً أكثر توحداً ودعماً لترامب، مقارنة بالجمهوريين في الولايات الأخرى.
يوضح استراتيجي متخصص في الحملات الجمهورية عمل في سباقات عدة في هذه الولاية: «لا شك أن الحزب الجمهوري في أيوا، (الحاكم تيري) برانستاد، وقادة آخرين في الولاية سعوا إلى توحيد داعمي الحزب في وقت أبكر، مقارنة بالولايات الأخرى. وكان ذلك ضرورياً، فقد بدا واضحاً أن مؤتمراً من 17 شخصاً قد يلحق ضرراً بالغاً بالحزب. لذلك علت منذ اليوم الأول الأصوات الداعية إلى الوحدة، حتى قبل أن تصبح هذه الخطوة ضرورة وطنية».في المقابل تتوافر بعض الأدلة التي تُظهر أن ديمقراطيي أيوا لا يقدمون دعماً مماثلاً لمرشحتهم، ففي استطلاع إيمرسون الأخير، حظيت كلينتون بدعم 78% من الديمقراطيين، في حين تمتع ترامب بتأييد 86% من الجمهوريين. كذلك حققت كلينتون الفوز بفارق ضئيل جداً في مؤتمر اصطدم «بروايات متضاربة، ومتطوعين منهكين وغير مدربين، وناخبين حائرين، ومواقع ضيقة ومكتظة في المقاطعات، ونقص في نماذج تسجيل الناخبين، وغيرها من المشاكل» (ربما لا يزال بعض داعمي بيرني ساندرز مترددين في تأييد كلينتون، لكنهم لم يقرروا حتى اليوم تقديم دعمهم لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين. فقد حصلت على 1% من الأصوات في استطلاع إيمرسون).من السهل أن ننسى خلال هذه السنة السياسية الحافلة، إلا أن مؤتمر شهر فبراير عكس أيضاً قاعدة جمهورية أكثر حماسة، مع ارتفاع الإقبال الجمهوري على صناديق الاقتراع بنسبة 54% مقارنة بعام 2012 وتراجع الإقبال الديمقراطي بنسبة 22% مقارنة بعام 2008، علماً أن هذه السنة الأخيرة التي تعرض فيها المرشح الديمقراطي لمنافسة. فقد بلغ عدد المشاركين للمرة الأولى في المؤتمر الجمهوري 84 ألفاً مقابل 75 ألفاً للديمقراطيين. صحيح أن الجمهوريين ليسوا أكثر حماسة بكثير من الديمقراطيين، إلا أن هذا الاختلاف يبدو كبيراً مقارنة بالدورات السابقة.يوضح مستشار جمهوري مخضرم: «استخدمنا المؤتمرات لبناء شبكة سياسية شملت 99 مقاطعة، فساعدت هذه الشبكة أيوا على التوحد بسرعة أكبر وتفادي الصراعات الداخلية. على سبيل المثال، إن كان المسؤول عن مقاطعة ما مستاء من مسألة معينة، فإنه يكفي أن يتصل بالحزب الجمهوري في أيوا لنسمع شكواه».علاوة على ذلك حقق الجمهوريون دورة ممتازة في انتخابات منتصف الولاية، ولا شك أن حصد بعض الانتصارات يسهّل على أنصار الحزب التوحد والشعور بالحماسة. في عام 2014 أُعيد انتخاب برانستاد بنسبة 59% من الأصوات مقابل 37%، كذلك حققت جوني إرنست انتصاراً ساحقاً على المرشح الديمقراطي بروس برالي، مسجلةً نسبة 52% من الأصوات مقابل 43%، بالإضافة إلى ذلك، فاز الحزب الجمهوري بثلاثة من المناصب الخمسة الأقل أهمية في هذه الولاية، حصل على ثلث المقاعد في مجلس النواب الأميركي، ووسّع سيطرته على مجلس النواب في الولاية. ويبدو أن هذا النجاح في أيوا استمر حتى هذه الدورة أيضاً، ففي سنة خاض فيها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الحاليين معركة صعبة ليضمنوا إعادة انتخابهم، بدا فوز السيناتور تشاك غراسلي مضموناً.ما زال من المبكر معرفة ما إذا كانت أصوات أيوا الانتخابية الستة ستكون مصيرية، لكن الديمقراطيين لم يتوقعوا على الأرجح أن عملاق العقارات من مانهاتن سيحقق تقدماً صغيراً بل ثابتاً في ولاية الزراعة والمزارعين البارزة هذه التي كانت تُعتبر حتى وقت ليس ببعيد ميالة إلى الأزرق أكثر منه إلى الأرجواني.* جيم غيراتي
مقالات
ما سر نجاح ترامب في أيوا؟
11-09-2016