سابقاً كتبت ما معناه "دلدلة اللسان لا تغيظ إيران"، واليوم أكرر قولي ذاك لكل مَن فرح بعدم موافقة سلطات إيران على حج شعبها، ولكل مَن رأى أن ذلك مدعاة لاستتباب الأمن في الحج وسلاسة أداء الشعائر، ولكل مَن اعتقد أن إيران اختفت عن مشهد الحج هذا العام.

لهؤلاء كلهم، ولمن يمنون أنفسهم بحج هادئ، أقول: ليس بالضرورة عدم وجود الإيرانيين بشخوصهم في مكان ما ليحل الأمن والسلام، فهذا لبنان مكبل أمامكم على الجدار وشاشات الفضائيات، من دون وجود واضح للإيرانيين، فحزب حسن نصرالله يؤدي الغرض وأكثر.

Ad

وها هو العراق، بعراقييه، يتفوق على بعض المسؤولين الإيرانيين في إيرانيتهم، ويعلمهم كيف يكون الخضوع الكامل للسلطات في إيران، وها هي ميادين سورية، تعج بمقاتلين من جنسيات مختلفة، يرتدون القميص الإيراني، ويموتون فداءً لمطامع إيران، وها هو اليمن تحت سلطة لا تضع توقيعها على كتاب، ولو كان عقد نكاح، من دون موافقة إيران.

أيها السيدات والسادة، غياب الإيرانيين عن الحج أخطر من وجودهم، فوجودهم سيجعلهم تحت نظر العين وسمع الأذن، لكن غيابهم، قد يجعلهم يوعزون لأتباعهم المتعصبين من الجنسيات المختلفة لـ"سد الغياب"، وليثيروا الفوضى والارتباك، ويقوموا بما كان يقوم به حجاج الاستخبارات الإيرانية وأكثر، لكن هذه المرة من دون رقابة لصيقة، كتلك التي كانت تُفرض على الحجاج الإيرانيين... يحدث هذا، فتظهر إيران أمام العالم وهي تسبّل عينيها وتمسح دموعها المرسومة وتضع يديها خلف ظهرها، وتصرخ: "ها أنذا بعيدة عن مكة، فانظروا ماذا فعلت السعودية بالحجاج، لتعرفوا أن السعودية هي السبب، وتتأكدوا من براءتنا".

حمى الله الحجاج، وأعان السلطات السعودية على هذه المسؤولية المقدسة التي حولتها إيران إلى "ميدان معركة"... وكل عام وأنتم بخير.