كنجستون لاسي هاوس

نشر في 12-09-2016
آخر تحديث 12-09-2016 | 00:00
 فوزية شويش السالم كنجستون لاسي هاوس من أجمل البيوت في إنكلترا، وأقول إنه بيت وليس قصراً، وإن كان أكبر حجماً وضخامة وجمالا من أي قصر عربي، في بريطانيا التقسيمات بالنسبة إلى المباني تختلف تماما عن التصنيفات العربية، عندنا كبر مساحة البناء يحدد التصنيف ومسماه، مساحة البناء الكبيرة تسمى في البلاد العربية قصرا، والأصغر فيلا، وأيضا بيت صغير، أما في إنكلترا فهناك أسماء عديدة تنطوي تحتها أحجام وأشكال البيوت وتصنيفاتها، فمثلا الأسماء الخاصة للبيوت تنقسم إلى "ديتاتش هاوس" البيت المنفصل القائم وحده من أربع جهات، لا يلتصق به أحد، البيت "السمي ديتاتش" بيتان ملتصقان ببعضهما من جهة واحدة، "بنقلو هاوس" بيت من دور واحد، "تيراس هاوس" عبارة عن بيوت مترادفة ملتصقة ببعضها من دور واحد، "أوست هاوس" بيوت عُمرت أساسا لتجفيف الشعير لصناعة البيرة، وتعد الآن مساكن، وبلوك "أوف فلاتس" الشقق المتصلة.

وهناك مسميات كثيرة للقصور، مثل "البالاس" و"الكاسل" و"المانور هاوس".

كلما ازداد الإرث الحضاري الثقافي ازدادت التقسيمات والتخصصات واختلاف المقامات، لذا أخذني العجب عندما زرت بيت "كنجستون لاسي هاوس" يعد تقسيمه كبيت منفصل وليس قلعة أو قصرا، وإن كان أكبر منهما وأروع من أي قصر لأي حاكم أو ثري عربي.

الفرق بكل بساطة يعود إلى المفهوم الثقافي ومرجعه الحضاري، الشعب الإنكليزي رضع الثقافة من المهد وهضمها عبر ممارسته لطبقات حضارية تراكمية، أنتجت وعيا وتذوقا جماليا عبر مراحل عصوره المختلفة.

فمثلا كنجستون لاسي هاوس يعود إلى عائلة بنكية، أي إنها تملك البنوك أبا عن جد، هذا البيت عبارة عن مقاطعة تغطي مساحة 8500 أيكر، ما يعادل 72 ميلا مشيا بالممرات فقط، يعبرها نهر وفرع منه أيضا.

البيت قمة بالفخامة وبذخ الرفاهية المترف بالاختيارات الفنية ذات الجمالية العالية التي لا سقف يحدد قيمتها، كل شيء بهذا البيت ذي الطوابق الأربعة، عبارة عن قطعة فنية مذهلة، تم اختيارها بذوق رهيف مدرك تماما لقيمتها الجمالية.

بدءا من البناء الخارجي إلى الداخلي، من الجدران إلى الأسقف التي رسمها أشهر فناني إيطاليا في ذاك العصر، رخام البيت والسلالم والطاولات أحضر من إيطاليا، كلها قطع اختيرت ونحتت من أفضل وأندر أنواعه.

جميع الأبواب الخشبية عبارة عن منحوتات متحفية لا يوجد لها مثيل.

عدد اللوحات لم أستطع حصره، الجدران كلها مغطاة بها من أولها إلى آخرها، سواء كانت بورتريهات رسمها أشهر الفنانين لملاك هذا البيت عبر العقود المتتالية لهم في امتلاكه، أو للوحات مشاهير الفنانين العالميين التي ابتاعوها من الفنانين ذاتهم في أزمنتهم، مثل لوحات الرسام روبنز، فان ديوك، تيتان، بورغال، والإنكليزي الشهير جوشا رينولدز، وجلبرت جاكسون رسام البورتريه الإنكليزي المعروف، وبومبو جيروليمو باتوني الإيطالي، وأيضا "جيدو ريني" رسام العهد البيروكي الإيطالي، ولوحات لفنان عصر الريناساينس سبستيانو دل بيمبو.

هذا البيت عبارة عن متحف غاية في الجمال، كل قطعة فيه تحبس الأنفاس، ثراء فني جمالي بصري غير عادي،

اشترى أرض هذي المقاطعة "سير جون" المصرفي المعروف عام 1632 وبناه "سير رالف" عام 1660، وتعاقب على امتلاكه عائلة المصرفيين الارستقراطيين المشهورة باسم عائلة لاسي، وأضاف كل منهم لمسات فنية جمالية قيمة لهذا البيت عبر أزمنة ملكيتهم له.

لم تبق تحفة فنية في العالم لا يوجد لها مثيل بهذا البيت، خاصة بعدما آلت ملكيته إلى "وليم جون باينكس" صاحب الشخصية اللامعة المثيرة، عالم الآثار المغامر، سينقب عن الآثار المصرية وسينقل الكثير منها إلى بيت "كنجستون لاسي".

دهشت من وجود مسلتين وقبر فرعوني في مقاطعته، وطاولة الملك التي اكتشفها من معبد فيلة، كما أن هناك تمثال الحر الطليق في مشيته رمسيس الثاني، ومجموعة كبيرة من أحجار المعابد والتماثيل الصغيرة وحفريات مختلفة.

طبع الرسومات الموجودة في معبد رمسيس الثاني بضوء الشموع، وسلمها لفنانين على رأسهم الفنان الشهير "ليننت دي بيلفوندز" وعملوها لوحات انطباعية في غاية الروعة.

عمل بالحفر والتنبيش بالأقصر والنوبة والأبيدوس، وكان أول رجل أوروبي زار صحراء بترا بالأردن، وجبل لبنان، وتدمر.

غرفة الخدم عجيبة تكشف حياة أزمنة غير معروفة، مثل الطبل الكبير المتصل بأسلاك مربوطة بالغرف، حين يقرع تظهر الغرفة التي صدر منها القرع، وغرابة غرفة الغسل والكي لا مثيل لها.

back to top