كلينتون تتراجع وتواجه صعوبات استثنائية
اعتذرت عن وصف «نصف» أنصار ترامب بأنهم «بائسون»
تراجع هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، يتواصل في استطلاعات الرأي، مسجلة انخفاضا جديدا في شعبيتها مقابل منافسها الجمهوري دونالد ترامب.فقد تراجعت نسبة تفضيلها كرئيسة للبلاد على المستوى الوطني للمرة الأولى منذ بدء السباق، في حين صعدت أسهم ترامب، على الرغم من وصفه بأنه أكثر مرشح جمهوري يحظى بعدم الشعبية.ولايزال الأميركيون منشغلون بمتابعة ردود الفعل على تصريحات ترامب حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعدما وصفه بأنه أفضل من الرئيس الأميركي باراك أوباما.
واللافت أن نأي عدد من الجمهوريين بأنفسهم بعيدا من تلك التصريحات، سرعان ما تبدد لتتحول أقواله الى موقف موحد لعدد كبير من قيادات الحزب في انقلاب دراماتيكي عن مواقف الجمهوريين من روسيا. على الأقل هذا كان موقفهم خلال انتخابات عام 2012 حين اعتبر ميت رومني الذي نافس أوباما أن روسيا هي أكبر عدو للولايات المتحدة ورئيسها دكتاتور.ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل خرجت أصوات محافظة بعضها محسوب على الحزب الجمهوري وبعضها على يمينه، وخصوصا من اليمين المتطرف وأنصار النازيين الجدد وجماعة الكوكلاكس كلان العنصرية، تدعو الولايات المتحدة الى عقد شراكة تحالفية مع بوتين وروسيا دفاعا عن العرق الأبيض!هكذا إذاً تختصر المواجهة الجارية اليوم في انتخابات الرئاسة الأميركية، في مؤشر الى حجم الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد، ومحاولات الأغلبية البيضاء الحفاظ على تفوقها في بلد تتغير تركيبته الديمغرافية شيئا فشيئا.تصريحات ترامب ليست جديدة ولا فريدة، لكنها تواصل استقطاب ردود الفعل والانقسام الذي تعمق حتى في "سيليكون فالي" في كاليفورنيا مركز الصناعات التكنولوجية. فقد أعلن الشريك المؤسس لموقع فيسبوك داستن موسكوفيتز، أمس الأول، تقديمه تبرعا بقيمة 20 مليون دولار لحملة كلينتون لهزيمة ترامب، لينضم الى غالبية مديري تلك الشركات الذين يدعمون كلينتون، وعلى رأسهم تيم كوك رئيس شركة "آبل" . وفيما يتوقع المراقبون أن تستعيد كلينتون تقدمها، تساءل العديد من الديمقراطيين عن أسباب تراجعها رغم قابليتها وقدرتها على هزيمة ترامب، بحسب ادعاءاتهم.ونقل الإعلام الأميركي عن مسؤولين في حملة كلينتون ومن خارجها تحليلات تشير الى أن استغراق كلينتون في بناء حملة مالية وجباية تبرعات لدعم مرشحي الحزب الديمقراطي في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب التي ستجري في اليوم نفسه لانتخابات الرئاسة، صرفها عن الاهتمام بتنظيم فعاليات انتخابية كالتي يقوم بها ترامب.كلينتون التي تسعى الى تأمين غالبية ديمقراطية في الكونغرس لتمكينها من ممارسة الحكم بسهولة، كانت تستند على تقدمها في استطلاعات الرأي بعيد انتهاء مؤتمرات الحزبين في يوليو الماضي. في هذا الوقت نجح ترامب في محاصرتها وجعلها في موقف دفاعي حول قضيتي بريدها الإلكتروني وعلاقة مؤسسة زوجها بعملها كوزيرة للخارجية.وتمكن أخيرا من فتح 30 مكتبا انتخابيا في 21 ولاية، مركزاً على 3 ولايات حاسمة هي أوهايو وبنسلفانيا ونيوهامبشر. وعقد مهرجانات متواصلة ومقابلات قدم فيها مبادرات محددة وليس فقط شعارات عامة، الأمر الذي ترجم صعودا في شعبيته.هذه التطورات فرضت على الديمقراطيين الاستنفار واقترح كثيرون من مساعدي كلينتون تغيير أدائها وعلاقتها سواء بالجمهور أو بالإعلام. وهو ما ترجمته كلينتون سريعا عبر عقد سلسلة من المؤتمرات الصحافية، منهية ما وصف بـ "تصحر" علاقتها بالصحافة. وبدأت في بث مادة إعلانية مصورة في محطات التلفزة وتوجيه رسائل ايجابية عن رؤيتها لمستقبل البلاد. إلا أن كلينتون واجهت هفوة خطيرة، بعد أن وصفت "نصف" أنصار ترامب بأنهم من "سلة من البائسين العنصريين والمتعصبين جنسيا والكارهين للأجانب والمعادين للإسلام". وفي وقت لاحق، قالت كلينتون: "بعض من هؤلاء الناس من البائسين، ولكن الحمد لله أنهم ليسوا أميركا". وعندما نشرت التعليقات، وتم بث كلمة كلينتون على الإنترنت، وصف ترامب تصريحاتها في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بأنها كانت "مهينة للغاية".وتساءل قائلا: "كيف يمكن أن تكون رئيسة لبلادنا ولديها مثل هذا الازدراء والاحتقار لكثير من الأميركيين العظماء؟" وحاولت كلينتون في وقت لاحق توضيح تصريحاتها. وقالت في بيان صادر عن حملتها: "الليلة الماضية، استخدمت التعميم بإفراط، ولم يكن ذلك فكرة جيدة. أنا أعتذر لقول كلمة نصف. كان ذلك خطأ". وانقسم الديمقراطيون بين من يقول إن تراجع كلينتون مؤقت ولديها القدرة والحنكة على قلب الاستطلاعات، ومن يقول إن المعركة الانتخابية الجارية فيها من الجنون ما لا يمكن توقعه. وحذروا من الاستهانة بقدرات ترامب الذي أثبت خلال الانتخابات التمهيدية انه قادر على مخالفة كل التوقعات، وقد يكرر ذلك في الانتخابات العامة. ويضيف هذا الفريق بأن كلينتون تواجه تحديات عدة. فهي مرشحة لحزب حكم دورتين، ومن الصعب تكرار تجربة الرئيس جورج بوش الأب الذي تولى الرئاسة بعد دورتين لرونالد ريغان، فيما البعض يعتقد أن البلاد تسير في طريق خطأ ما يفرض تغيير الحزب الحاكم. كما أنها أول امرأة تترشح عن حزب رئيسي في مجتمع لاتزال قيادية المرأة مشكوكا فيها، فضلا عن أنها ضحية 25 عاما من الهجمات المستمرة عليها من الحزب الجمهوري، ما يفرض على الحزب الديمقراطي اعتماد أساليب جديدة في المواجهة.
إحياء الذكرى الـ 15 لـ «11 سبتمبر»
أحيت الولايات المتحدة أمس ذكرى مرور 15 عاماً على 11 سبتمبر 2001 مع إقامة قداديس تكريماً لذكرى ضحايا الاعتداءات، التي شكلت صدمة كبيرة، وغيّرت العالم إلى الأبد.وسقط نحو ثلاثة آلاف قتيل في هذه الاعتداءات التي تبناها تنظيم "القاعدة"، ونفذها 19 متطرفاً بطائرات ركاب مخطوفة صدمت برجي التجارة العالمي والبنتاغون، مقر وزارة الدفاع الأميركية وفي شانكسفيل بولاية بنسلفانيا.ومازال نحو 75 ألف شخص يعانون اضطرابات صحية نفسية أو جسدية مرتبطة بالهجمات، استنشق كثيرون منهم جزيئات مسببة للسرطان خلال محاولتهم إنقاذ أشخاص.وشكلت هذه الاعتداءات أول هجوم منذ أكثر من قرنين على أرض الولايات المتحدة التي ردت بشن "حرب عالمية ضد الإرهاب" مازالت مستمرة إلى اليوم.وأدت تلك الهجمات إلى اجتياح قادته الولايات المتحدة لأفغانستان (2001) والعراق (2003)، حيث تستمر الحرب بعد أكثر من عشر سنوات على تلك الهجمات.وبدأ أقارب الضحايا في تلاوة أسماء قتلاهم في عملية تستمر ساعات، في موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين انهارا في الاعتداءات بالقرب من "برج الحرية" الجديد.ووقف الرئيس باراك أوباما وعائلته دقيقة صمت على الضحايا في البيت الأبيض، وألقى كلمة لاحقاً في مقر وزارة الدفاع خلال مراسم تأبين برفقة وزير الدفاع آشتون كارتر.وشارك المرشحان الرئاسيان هيلاري كلينتون ودونالد ترامب في مراسم تكريم الضحايا في نيويورك عند نصب 11 سبتمبر، إضافة إلى عدد من كبار الشخصيات في المدينة وأقارب الضحايا ورجال الشرطة.وسيتوقف القداس 6 مرات، في إشارة إلى اللحظات التي اصطدمت فيها الطائرات في كلا البرجين، وفي الهجوم على البنتاغون وفي تحطم الرحلة 93 في بنسلفانيا.وخلال لحظة الصمت الأولى قرعت أجراس الكنائس في نيويورك عند الساعة 8.46 (12.46 ت غ)، وهي لحظة اصطدام الطائرة الأولى التابعة لشركة الطيران "أميركان ايرلاينز" في الرحلة 11، بأحد البرجين.ولا يتوقع حضور جورج بوش الذي كان رئيساً إبان الهجمات، المراسم سواء في نيويورك أو في واشنطن. وقال مكتبه انه سيتوجه الى كنيسة في دالاس في تكساس، وبعد ذلك إلى افتتاح مباراة بين فريق "دالاس كاوبويز" امام فريق "نيويورك جيانتس"، حيث سيشارك في القرعة مع ضابطي شرطة من نيويورك شاركا في عمليات الإنقاذ أثناء الاعتداءات.وبدأ أمس موسم مباريات دوري كرة القدم الأميركية الخاصة بالولايات المتحدة. وسيشاهد المتفرجون على المباريات على التلفزيون رسائل من أوباما وبوش.