فنزويلا المأزومة تسعى إلى اجتذاب دولارات السياح لتعويض «العملات الصعبة»
تنزلق إلى الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي يحمل بذور أعمال عنف
إذا أمضى كل شخص أسبوعاً في البرازيل، وأنفق خلاله 100 دولار يومياً، كما تعتبر الحكومة، فإن ذلك يؤمّن للبلاد 700 مليون دولار سنوياً، وهي نقطة في بحر بالنسبة إلى الديون التجارية التي تبلغ 12.5 ملياراً.
يعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من أشد منتقدي الولايات المتحدة، لكن بلاده تعاني بشدة من الأزمة الاقتصادية، وباتت تبذل كل الجهود لجذب أموال السياح من الدولارات، حتى تعوض النقص الحاد لديها في العملات الصعبة.وكان السياح القلائل قد اعتادوا حتى الآن التعامل بالبوليفار، العملة المحلية التي تنخفض قيمتها باستمرار، من أجل نفقاتهم في فنزويلا.وقد منع فيها الدولار رسميا باعتباره عملة للدفع، فيما تتهم الحكومة الاشتراكية واشنطن بشن "حرب اقتصادية" عليها، وتمارس رقابة صارمة على العملات الأجنبية.
لكن هذا البلد الذي يستورد تقريبا كل ما يستهلكه، يحتاج الى دولارات لتمويل الاستيراد.وقال اسدروبال اوليفيروس مدير مكتب "ايكوناناليتيكا" للاستشارات، إن الحكومة "تحتاج الى العملات الصعبة، وتنظر في كل الوسائل لزيادة احتياطياتها بالدولار".ويوفر فندق أوروبيلدينغ الراقي في كراكاس، منذ يونيو، لزبائنه إمكان تسوية حسابات غرفهم عبر بطاقات بالدولار.وفي جزيرة مرغريتا (شمال) التي تجتذب أكبر عدد من السياح، تستعد الفنادق الكبرى بسرعة للاقتداء به.
بطاقات الاعتماد
وقال مارتن اسبينوزا رئيس اتحاد الفنادق في جزيرة مرغريتا "من الضروري أن يؤمن في فنزويلا هذا النوع من المعاملات التي تتيح للسياح الدفع ببطاقات الاعتماد وللفنادق الحصول على الدولار لتامين ما يحتاجون الى استيراده".نظريا، يطبق هذا التدبير منذ 6 اشهر، لكن الإجراءات المصرفية المعقدة للحصول على الحق بوضع الفاتورة بالدولار، تستغرق وقتا.لكن الصورة ليست بسيطة الى هذا الحد. فالفنادق لا تستطيع الاحتفاظ إلا بـ 40 في المئة من المبالغ التي تحصل عليها. ويتعين عليها أن تعيد بيع المبلغ المتبقي للبنك المركزي، الذي يتطلع بدوره الى الدولارات في بلد يطاول النقص 80 في المئة من المواد الغذائية والأدوية. من جهتهم، يبدي المحللون شكوكا، فقد استقبلت فنزويلا حوالي مليون سائح أجنبي في 2014، قبيل تفاقم الأزمة الاقتصادية.وإذا أمضى كل شخص أسبوعا في البلاد وأنفق فيها 100 دولار يوميا، كما تعتبر الحكومة، فإن ذلك يؤمن للبلاد 700 مليون دولار سنويا، وهي نقطة في بحر بالنسبة الى الديون التجارية التي تبلغ 12.5 مليارا.ورغم الشواطئ الرائعة والمناظر الجبلية الخلابة، من المتوقع أظن يتضاءل عدد السياح، فيما تنزلق البلاد الى الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي يحمل في طياته بذور اعمال عنف.وقال اسدروبال أوليفيروس، إن "السياحة ليست واحدا من القطاعات التي تؤمن أكبر قدر من العملات الصعبة" في كراكاس. لذلك لن يؤمن هذا الإصلاح "حلا على المدى البعيد".سعر مغر
وقد اعتاد المسافرون الأجانب أن يعيشوا مثل ملوك في فنزويلا، إذ كانوا يبدلون دولاراتهم الثمينة بالبوليفار في السوق السوداء التي تمنح سعرا مغريا جدا.لكن التضخم المتصاعد الذي بلغ 180 في المئة في 2015 وفق السلطات و720 في المئة هذه السنةن كما يقول صندوق النقد الدولي، قضى بشكل تدريجي على هذه الإيجابية، وأدى الى ارتفاع جنوني للأسعار في المتاجر والمطاعم. والسياح الذين سيدفعون ببطاقاتهم المصرفية، سيفرض عليهم معدل الصرف الرسمي، الاقل اثارة للاهتمام.وقال أوليفيروس إن "ذلك سيشكل بالنسبة الى السائح إجحافا، لأنه كان يستفيد بطريقة ما من هذا الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء"، موضحا: "لذلك سيفكر كثيرون مرتين على الأرجح قبل أن يأتوا".ويرى المحللون في التدبير انعكاسا لسياسة اقتصادية مأزومة. وقال انخيل غارسيا بانشز مدير مكتب "ايكونومتريكا" إن "مراقبة اسعار الصرف باتت حاضرة بقوة".وأضاف: "لم يعد ممكنا الدفاع الآن عن هذا الأمر، وما نراه في هذا المجال هو بمنزلة اختبار". لكنه اعتبر أن "ذلك لن يؤدي الى تغييرات جوهرية".
صندوق النقد الدولي: التضخم المتصاعد في كراكاس بلغ هذا العام 720 %