قبل ساعات من بدء تنفيذ اتفاق الهدنة الروسي- الأميركي، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس خلال زيارة لمدينة داريا في ريف دمشق، أن «الدولة السورية مصممة على استعادة كل منطقة من الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان وإعادة الإعمار».

وبعد أدائه صلاة عيد الأضحى في المدينة، التي حاصرها أربع سنوات، ودخلها جيشه بعد تهجير أهلها نهاية الشهر الماضي، اثر اتفاق مع فصائل المعارضة، قال الأسد: «القوات المسلحة مستمرة في عملها من دون تردد ومن دون هوادة، بغض النظر عن أي ظروف داخلية أو خارجية في إعادة الأمن والأمان إلى كل منطقة، وعملاً بأحكام الدستور السوري، الذي ليس فقط يخولها بل يفرض عليها أن تقوم بهذا العمل على مدار الساعة».

Ad

واعتبر الأسد أن «البعض لديه أوهام، وبعد 5 سنوات لم يستفيقوا من هذه الأوهام»، معتبراً أن «من كان يراهن على وعود في الخارج فهى لن تؤدي إلى نتيجة».

وعقب أدائه الصلاة، قام بجولة في شوارع مدينة داريا رافقه فيها عدد من المسؤولين. وأظهرت صور نشرتها صفحة الرئاسة على «فيسبوك» الأسد يتجول في أحد شوارع المدينة، وظهرت أثار الحطام على جانبيه. وبدت على طرفي الشارع أبنية وقد دمرت جزئياً وامتلأت جدرانها بالطلقات النارية.

هدنة وضمانات

ودخل وقف إطلاق النار المتفق عليه بين روسيا والولايات المتحدة حيز التنفيذ عند الساعة السابعة مساء أمس، وبموجبه، يمتنع النظام عن القيام بأي أعمال قتالية في مناطق المعارضة المعتدلة، التي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن «جبهة فتح الشام».

كما ينص على وقف كل عمليات القصف الجوي للنظام في مناطق أساسية سيتم تحديدها، ووقف خصوصاً القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين.

وطالبت الهيئة العليا للمفاوضات أمس بضمانات لتطبيق اتفاق الهدنة. وقال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط: «نريد أن نعرف الضمانات، وآلية تطبيق هذه الاتفاقية، والتصنيف الذي تم اعتماده بالنسبة للارهاب، وما الرد على المخالفات؟»، مضيفاً «نطلب ضمانات خصوصاً من الولايات المتحدة التي هي طرف في هذا الاتفاق».

رد الهيئة

وإذ لم تتخذ المعارضة السياسية والمسلحة موقفاً من الاتفاق، الذي يستثني «فتح الشام»، وتنظيم «داعش»، أكد المسلط أن «رد هيئة المفاوضات مبني على المشاورات مع المكونات السياسية وفصائل الجيش الحر»، موضحاً أنها «تراجع الأمور بشكل كامل، ولابد من رؤية الالتزام بهذا الاتفاق. مهم جدا بالنسبة لنا ان نرى مدى التزام كل الأطراف بالاتفاق، حتى الدول الموقعة له».

وتساءل «هل ستلتزم روسيا؟ هل سيلتزم النظام بوقف قصفه وجرائمه؟».

«أحرار الشام»

وبينما هاجمت حركة «أحرار الشام» بنود الاتفاق، لعدم تحقيق «أدنى أهداف الشعب الثائر، وضياع كل تضحياته ومكتسباته، مقابل تثبيت النظام وتطويق الثورة أمنياً وعسكرياً»، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية أمس أنها ستوقف عملياتها تماشياً مع الاتفاق الأميركي- الروسي، الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار مع غروب شمس أمس.

وتسيطر الوحدات على أراض في شمال سورية، وقالت في بيان إنها تأمل أن يسمح الاتفاق بأن تركز الجهود على قتال تنظيم الدولة الإسلامية، وتهيئة الأجواء اللازمة للتوصل إلى انتقال سياسي.

وأعلن تحالف قوات سورية الديمقراطية، الذي يضم وحدات حماية الشعب أيضا التزامه بالاتفاق. ولعب التحالف ووحدات حماية الشعب دورا قياديا في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سورية.

مفاوضات وطلعات

في المقابل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس، أن «المباحثات بين النظام والمعارضة قد تبدأ الشهر المقبل»، متوقعاً أن يرسل المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا الدعوات إلى المشاركين في الجولة القادمة في مطلع أكتوبر.

وقال بوغدانوف، لوكالة «نوفوستي»، إن «الاتفاق الروسي- الأميركي حول منع تحليق سلاح الجو السوري لا يعني إعلان منطقة حظر طيران في سورية»، موضحاً أنه «سيكون بيننا تنسيق، وسنقرر من يقوم بطلعات إلى أي جهة. كما سيقوم الطيران السوري بطلعات لكن حسب الجدول». وكشف الدبلوماسي الروسي أن هيئة المفاوضات اقترحت عقد لقاء ثنائي يمكن أن يتم على هامش أعمال الدورة القادمة للجمعية الأممية العامة في نيويورك.

هدنة ومساعدات

وبعد أدائه صلاة العيد في إسطنبول، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الهدنة المبدئية في حلب ومدتها 48 ساعة قد يتم تمديدها إلى أسبوع، ثم لفترة أخرى إذا صمدت، وأن الهدف «إحلال سلام من الدرجة الأولى» في سورية، مشيراً إلى إرسال قافلة مساعدات إلى المدينة مع الموعد المقرر لبدء سريان الهدنة تشمل غذاء وألعاباً وملابس للناس عبر ممرات محددة سلفاً.

وأشار الرئيس التركي إلى أن «منظمة الهلال الأحمر لدينا تعمل على الوصول إلى الراعي وجرابلس أيضاً بالتنسيق مع (وكالة إدارة الكوارث التركية)»، وهي من المناطق التي استعادها الجيش الحر بدعم تركي من «داعش».

بدوره، أعلن رئيس هيئة أركان القوات التركية خلوصي آكا، لدى تفقده العسكريين المتمركزين في كركميش على حدود سورية أمس، مواصلة عملية «درع الفرات»، التي بدأت في 24 أغسطس، حتى لا يعود هناك «أي إرهابي».

وفي حماة، تمكّن تنظيم «جند الأقصى» من السيطرة ليل الأحد- الاثنين على قرية كوكب قرب مدينة صوران بالريف الشمالي، عقب معارك مع قوات النظام بدأها بتفجير سيارة مفخخة وغنم فيها كميات من الأسلحة والذخائر.

وفي حمص، أطلقت قوات النظام، مساء أمس الأول، سراح 194 معتقلاً، بينهم 17 امرأة، كمقدمة اتفاق لإطلاق سراح المعتقلين ضمن الهدنة التي سبق أن تم إقرارها في حي الوعر بحمص برعاية من الأمم المتحدة.