أدى ملايين المسلمين حول العالم، أمس، صلاة عيد الأضحى المبارك، ونحروا الأضاحي في أجواء من الحذر والترقب، حيث تعيش عشرات الدول الإسلامية في أزمات سياسية وحروب أهلية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وفي وقت يتصاعد خطر الإرهاب على الملسمين، وبالتوازي خطر التيارات الشعبوية اليمينية في أوروبا، وينتظر العالم هوية الرئيس الأميركي المقبل الذي من المتوقع أن يستمر في سياسة العزلة الخارجية التي يتبعها الرئيس الحالي باراك أوباما، والتي أدت الى تعقد الأزمات الدولية.

Ad

دول الخليج

وفي دول مجلس التعاون الخليجي، أدى ملايين المسلمين من مواطنين ووافدين صلاة العيد في المساجد والساحات العامة، وركزت خطب العيد على ضرورة وحدة الصف ونبذ التعصب والإرهاب، وضرورة مواجهة الخطابات الطائفية والمذهبية.

ففي السعودية احتفل اكثر من 1.8 مليون حاج مسلم بأول أيام عيد الأضحى قبل أن يقوموا برمي الجمرات في مشعر منى.

فلسطين

وفي فلسطين، أدى عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين صلاة العيد في المسجد الأقصى المبارك، على الرغم من منع القوات الإسرائيلية الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول الى القدس وأداء الصلاة فيها، إذ تقتصر صلاة العيد على المقدسيين والفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48.

وفي إندونيسيا أكبر دولة في عدد المسلمين في العالم تجمع المصلون في المساجد، وقاموا بنحر الأضاحي. وفي مسجد كبير في وسط العاصمة جاكرتا ذبحت عشرات من الأضاحي في ساحة المرآب.

سورية والعراق

وفي سورية، خيمت الحرب الأهلية التي تعيشها البلاد على احتفالات العيد، فيما أحيا العراقيون أول ايام الأضحى في أجواء طغت عليها الخلافات المذهبية، مع مشاركة أكثر من مليوني إيراني في زيارة الإمام الحسين كتعويض عن الوقوف بعرفات، بعد أن منعت طهران حجاجها من التوجه الى السعودية.

آسيا

واحتفل ملايين من الأفغان أمس بعيد الأضحى بالصلاة على أمل توقف القتال الذي أدى الى خسائر قياسية هذه السنة. وقام المسلمون في آسيا بذبح الاضاحي وتوزيعها على الفقراء، وزيارة الاقرباء لتبادل التهاني بالعيد، أما في باكستان، ثاني أكبر دولة إسلامية في عدد السكان، فسيبدأ عيد الأضحى الثلاثاء بسبب اختلاف حول التقويم القمري.

الحج

وكان حجاج بيت الله الحرام تجمعوا أمس الأول على جبل عرفة المشعر الوحيد الواقع خارج نطاق الحرم المكي، حيث أمضوا يومهم بالابتهال والدعاء حتى الغروب. وبعد الغروب بدأ الحجاج الإفاضة الى مزدلفة ليبدأوا في أول أيام العيد رمي الجمرات في منى. ويجمع الحجاج في مزدلفة الحصى التي يستخدمون سبعا منها لرمي كل من الجمرات الثلاث (الكبرى والوسطى والصغرى)، في رمزية لرجم الشيطان.

وقال السوري محمد خيارة (51 عاما) وهو يجمع الحصيات في مزدلفة "إنها المرة الرابعة التي أقوم بها بفريضة الحج".

وعلى طول الطريق الذي يمتد بضعة كيلومترات بين صعيد عرفة ومزدلفة، التي يقطعها الكثير من الحجاج مشيا على الأقدام، تسبب عشرات الحافلات ازدحاما شديدا.

وطوال نهار الأحد تقاطرت حشود الحجاج في أفواج من المد الأبيض باتجاه عرفة، حيث جبل الرحمة ومسجد نمرة في أجواء من الحر الشديد. ويعد الوقوف في عرفة ذروة مناسك الحج التي بدأت السبت.

لم تعلن الرياض حتى الآن نتائج تحقيقاتها في حادث التدافع الذي وقع العام الماضي، لكنها أكدت انها اتخذت خلال العام الحالي إجراءات من بينها تزويد الحجاج بسوار الكتروني يتضمن بياناتهم الشخصية.

وعبر الحاج العماني يوسف المهري (24 عاما) الذي كان يحمل مظلة، ويضع سجادة صلاة على كتفه ان "السعوديين ينظمون كل شيء لنا. نشعر بالراحة فعلا".

وفي المجموع يشارك مليون و855 ألفا و406 حجاج في الحج هذه السنة، بينهم مليون و325 الفا و372 قدموا من الخارج، كما تقول السلطات السعودية.

الملك سلمان ونجله

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز زار أمس الأول منى للإشراف المباشر على راحة حجاج بيت الله الحرام وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، وليطمئن على جميع مراحل الخطة العامة لتنقلات الحجاج في المشاعر المقدسة.

وهنأ الملك سلمان "الأمة الإسلامية بعيد الأضحى"، معربا عن فخره بخدمة حجاج بيت الله، وخدمة الحرمين الشريفين".

وأدى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي صلاة عيد الأضحى المبارك مع منسوبي القوات المسلحة وقوات تحالف دعم الشرعية في اليمن في الحد الجنوبي بجيزان.

وتناول بن سلمان وجبة إفطار عيد الأضحى مع الضباط والأفراد، كما رأس اجتماعاً ناقش فيه مع قادة الوحدات الموقف العملياتي، ومن ثم استمع إلى إيجاز عن الموقف الراهن في منطقة المسؤولية.

«تحسينات» تنظيمية تلقى استحسان الحجاج
لاقت الإجراءات التنظيمية الجديدة التي اتخذتها السلطات السعودية لضمان الهدوء خلال شعائر الحج، استحساناً من الحجاج.

وبدأ الحجاج رمي الجمرات التي ترمز إلى رجم الشيطان، من دون حوادث تذكر.

واقتصر يوم أمس على رمي جمرة العقبة، على أن ترمى الجمرات الثلاث (العقبة التي تعرف بالجمرة الكبرى، والوسطى والصغرى) اليوم وغدا. وعلى الحجاج أن يرموا كل جمرة بسبع حصيات.

وزادت السلطات من عدد الكاميرات التي تفصل بين كل منها أمتار معدودة، والمثبتة فوق المسارات التي يسلكها الحجاج لمراقبة تحركاتهم. وانتشر مئات من رجال الأمن في الطبقات الأربع لجسر الجمرات التي تصل بينها ممرات آلية. وعند كل من الجمرات الثلاث، يقوم رجال الأمن بتنظيم حركة الحجاج الذين يقوم كل منهم برمي سبع حصيات.

ووضعت بالقرب من الجمرات، منصة مرتفعة وقف عليها 3 من رجال الأمن، يوجهون عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية زملاءهم الموجودين على الأرض، ويلفتونهم الى بعض الحجاج الذين يمضون وقتا طويلا في عملية الرمي أو يعرقلون حركة المرور.

كما غلف الجدار الدائري المنخفض الارتفاع الذي يحيط بالجمرات، بطبقة من الرغوة العازلة تتيح امتصاص الصدمة في حال التدافع.

ولقيت الإجراءات الإضافية استحسان الحجاج، ومنهم السعودي إبراهيم العايد (40 عاما) الذي اعتاد أداء الحج سنويا في الماضي، إلا انها المرة الاولى التي يؤدي فيها هذه الفريضة منذ عام 2006.

وقال لوكالة فرانس برس أثناء عودته من رمي الجمرات الى المخيم في منى "كل شيء تغير بالكامل: في السابق كان يجب الاستعداد قبل وقت لرمي الجمرات (...) اليوم، كل شيء حصل بسرعة". وأضاف "ثمة تحسن ملحوظ".

ورأى فاروق حملاوي أن "كارثة العام الماضي" أدت لإدخال تحسينات كبيرة على مناسك الحج. وأضاف الحاج الجزائري أن "الناس تعلموا أن التنظيم واحترام المسارات (...) يؤديان الى تفادي الكوارث".

ولم تعلن الرياض نتائج التحقيق الذي فتحته في حادث التدافع العام الماضي، إلا أنها اتخذت إجراءات هذه السنة، لاسيما منها ذات طبيعة تقنية، كالسوار الإلكتروني الذي يرتديه الحجاج ويتضمن معلوماتهم الشخصية.

وقال محمد رحمان (65 عاما) الذي قدم من بنغلادش "أشعر بالامان، والباقي على الله. أنا فرح لأنني أحقق حلمي بأداء الحج". وأقبل الحجاج أمس على تقديم الأضاحي في أول أيام العيد.

وباتت هذه العملية تتم بشكل الكتروني، إذ يقوم الحجاج بدفع بدل مالي يناهز 125 دولارا، ويحصلون في المقابل على إيصال بذلك. وتقوم السلطات بعمليات نحر الخراف في أمكنة مخصصة بعيدا من الحجاج، على أن توزع اللحوم بعد ذلك على المحتاجين في السعودية والعالم.

وقال الحاج السعودي مشعل القحطاني (33 عاما) بعيد حصوله على الإيصال، ان هذه الطريقة في تقديم الأضاحي "تساهم في كسب الوقت. حاليا أعداد الحجاج تقدر بالملايين، وإذا أراد كل منهم نحر الخروف بنفسه (كما كان يجري في فترات سابقة)، فإن الأمر سيتطلب أياما".