لا يُعتبر مرض الرئيس مسألة بسيطة، فمع تمتع شخص واحد بكل هذا النفوذ فإن من الضروري أن يكون خلف محتمل مستعداً دوماً لاستلام زمام السلطة في حال أصبح القائد الأعلى عاجزاً عن الاضطلاع بمهامه، كذلك من الأهمية بمكان ألا نخفي عن الشعب أي معلومات عن صحة الرئيس المحتمل، وخصوصاً مع تكرر عمل مماثل خلال القرن العشرين. فقد أخفى رؤساء مثل وودرو ولسون، وفرانكلن روزفلت، وجون كينيدي مشاكل صحية خطيرة عن الشعب، وقد ساهمت الصحافة في إبقاء هذه المعلومات سرية، ونتيجة لذلك يجب ألا نتعامل مع إعلان هيلاري كلينتون أن الأطباء شخصوا إصابتها بذات الرئة بجدية بالغة فحسب، بل يلزم أن يدفع هذا الإعلان حملتَي كلا الحزبين الكبيرين إلى نشر سجلات المرشحين الطبية.
كانت التداعيات السياسية لحالة كلينتون الصحية واضحة خلال الاحتفال الذي أُقيم في نيويورك في ذكرى اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر. صحيح أن معظم الأشخاص الجادين تجاهلوا الشائعات بشأن صحة كلينتون التي يروّجها مؤيدو دونالد ترامب، إلا أن ما حدث سيعمّق الشكوك حيال وضعها الصحي وما إذا كانت حملتها صادقة بشأنه، وكما أشرتُ الشهر الماضي، لا يكفي بعد انتشار أخبار هذه المسألة إجراء اختبار في «مرطبان» مريب في مهزلة فكاهية لإثبات أن كلينتون لا تعاني مشكلة صحية غير معروفة.كانت كلينتون حتى اليوم أكثر صراحة بشأن وضعها الصحي مقارنة بترامب، ولكن حتى بيانها الأكثر تفصيلاً يقصّر عن بلوغ مستوى ما أعلنه مرشحون رئاسيون سابقون، وما عاد بإمكانها راهناً رفض تقديم المزيد من التفاصيل إلى أن يكشف ترامب عن حالته الصحية، فعليها في الوقت الراهن إظهار الحقيقة كاملة بتقديم تقارير طبية مفصلة والسماح لمراسلين يتمتعون بخبرة طبية بطرح الأسئلة على أطبائها، ومن الضروري أيضاً أن يقوم ترامب بالمثل نظراً إلى سنّه، ولكن كما هي الحال مع عائداته الضريبية، نشك في أن ينشر هذا الثري وثيقة واحدة. إلا أن الشكوك لا تحوم حول حالته هو الصحية.يجب أن تدرك حملة كلينتون أن النقاش ما عاد يدور حول نظريات مؤامرة بل حول انهيارها، على ما يبدو، تحت وطأة الإجهاد خلال حملتها هذه، فقد تتعافى كلينتون بعد القليل من الراحة والأدوية وتصبح مستعدة لتبوء سدة الرئاسة، ولكن إن لم نحصل على ملف كامل عن وضعها الصحي (يشمل المزيد من التفاصيل عن ارتجاج الدماغ الذي تعرضت له عام 2012)، لا نلوم الناخبين إن سخروا بالتطمينات التي يقدمها داعموها، فبعد أسابيع من النكسات التي عانتها مصداقيتها، كان وضع هيلاري كلينتون المتردي في ذكرى اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر آخر ما يحتاج إليه معسكرها.* جوناثان س. توبين
مقالات
ما عادت نظرية مؤامرة
14-09-2016