المخرج اللبناني أسد فولدكار: الكويت أساس الدراما الخليجية
عُرض الفيلم في مهرجانات سينمائية أبرزها «دبي السينمائي الدولي» و«روتردام السينمائي الدولي» و«سندانس السينمائيّ الدولي»، وهو من إنتاج الصبّاح للإعلام» بالتعاون مع «إيغل فيلمز» وProduction Razor الألمانيّة وشركة Ginger Production.
«الجريدة» تحدثت إلى أسد فولدكار في الحوار التالي.
ما سبب الانقطاع عن السينما؟
الإنتاج هو السبب الرئيس فسيناريو «بالحلال» جاهز منذ ثماني سنوات إنما لا يمكننا دائماً تقديم أعمالٍ بإنتاج بسيط على شاكلة فيلمي الأول «لما حكيت مريم». يحتاج الفيلم السينمائي إلى كلفة مادية كبيرة ورأسمالٍ، وإلى قرارات كبيرة. لذا من يتوّلاه هو عادة صاحب القرار.
إذاً توقيت العمل حُدّد انطلاقاً من توافر الإنتاج.
صحيح، القرارات الإنتاجية هي التي حددت التوقيت لأن الجهة المنتجة تأخذ في عين الاعتبار المردود المادي لكل عمل.ما دمت الكاتب والمخرج، هل تتصوّر المشهدية قبل تجسيدها في الورق؟
تحوي الكتابة خيالاً أوسع من الإخراج، ذلك لأن المخرج يتقيّد بالمشكلات حوله فيتحوّل خيال الكاتب إلى أمر آخر في التنفيذ. فعندما أكتب المشهد أتخيله أجمل ممّا يُنفّذ لأن الحقيقة أقل دائماً من الخيال.عُرض الفيلم في مهرجان «سندانس» الأميركي، فكيف تفاعل الجمهور الأجنبي معه؟
بشكل إيجابي جداً. ازدحمت الصالات بالمشاهدين، خصوصاً أن ثمة اهتماماً وفضولاً لاكتشاف الجو الإسلامي وتفاصيله في ظل «الإسلاموفوبيا» المتفشيّة غرباً. لقد أُعجبوا بالقصة التي رأوها اكتشافاً للمجتمع المسلم وليست عملية ترفيه فحسب.هل تقبّل الجمهور العربي أن تحكي صراحة عن خصوصيته؟
حين عُرض الفيلم في مهرجاني دبي والأردن جاءت ردود الفعل المبدئية إيجابية جداً إنما ثمة من يعتبر أنه لا يجوز التحدث عن هذه الخصوصية. لكنني أرى هؤلاء معقدين بعض الشيء وكأننا نعيش في قمقم أحد لا يعرف عنا شيئاً بينما أخبارنا وخصوصاً السلبية منها معلومة لدى كل الناس. لذا أفضل أن نتحدث عن أنفسنا بواقعية بدلا من أن يتحدثوا عنا بمغالطات. فما المانع من تقديم قصة ملؤها الحب لهذه الثقافة، وإن اعتبرها بعضهم غير إيجابية. نحن نفسح في المجال للبحث والنقاش فلمَ يمنعوننا من التحدث في هذا الموضوع؟لكننا اعتدنا في الدراما المحلية عدم تسمية الممثلين بدلالة دينية.
نسمح لأنفسنا بمشاهدة المواضيع المطروحة كافة عبر التلفزيون ولكن عندما تُطرح في السينما نعترض من مبدأ أن الفيلم السينمائي أوسع انتشاراً من التلفزيون، فضلاً عن أنه من المعيب التحدث عن هذا الدين. إذا تحدثنا عن الطلاق، فعلى أي أساس سيتطلق هؤلاء؟ يبقى حلّ الموضوع وفق الطائفة، لذا كان لا بد من طرح خلفية الشخصيات الدينية لتكون واقعية وحقيقية ومنتمية إلى بيئة محددة.المعالجة بإطار ساخر كوميدي تخفف من وطأة الانتقادات؟
طبعاً، فمعالجة أي مشكلة بإطار فكاهي يخفف من حدّة التصادم فيكون الأمر مقبولاً أكثر لدى الآخر . قصدت أن أعالج الموضوع بهذا الإطار لأنني لا أريد التجريح أو إثارة صدمة معيّنة، بل طرحه للمناقشة.الفيلم نابع من ذكرياتك، فهل تنطلق دائماً من مجتمعك وبيئتك في أعمالك الفنية؟
طبعاً لأن لديّ الكثير لأقوله. عندما ننطلق من مجتمع معيّن ندرك تفاصيله الصغيرة، وهو أمر مهم لرسم التفاصيل العريضة في القصة وفي رسم الشخصيات ووصف المجتمع والبيت. إذ لا يجوز تقديم شخصيات من دون جذور.مررت كثيراً من الرسائل في الفيلم.
أعتبر أن هذا الفيلم رسالة بحدّ ذاتها وليس للترفيه فحسب أو فيلم سطحي. إنه موضوع أساس وقاسٍ وهو مواجهة لواقع نعيشه. صحيح أننا نضحك على بعض المشاهد ولكنها أحداث مبكية للشخصيات.الإقبال على الإنتاج السينمائي اللبناني، إلام تعزوه؟
أتوجه بهذا السؤال إلى المنتجين الذين فجأة أصبحوا يريدون تقديم أفلام سينمائية فبدأت المنافسة. إنه أمر جيّد بالنسبة إلينا ككتاب ومخرجين، ولكن ذلك يتطلب نوعاً معيناً من الأفلام. على كلّ، لا دعم للسينما في لبنان، وبالتالي يتكفّل المنتج اللبناني بتمويل الفيلم من ماله الخاص فيعمل على تعويض الكلفة المادية. من هنا، تتجه السينما اللبنانية إلى «الشعبية» و«الجماهيرية».الانطلاقة... والدراما
بعد سنين من التلفزيون والانقطاع عن السينما، هل ثمة تأثير للإخراج التلفزيوني في عملك السينمائي؟
أفصل بينهما تقنياً إنما يبقى تأثير التلفزيون على صعيد تفكيري بالمشاهد ومدى تقبّله لهذا التعبير أو ذاك.انطلقت فنياً في مصر قبل لبنان، فما أهمية ذلك على مسيرتك المهنيّة؟
انطلقت من لبنان عبر فيلم «لما حكيت مريم» إنما انتشرت أكثر في مصر. إلا أنني أحنّ دائماً إلى الأعمال اللبنانية. صحيح أن ثمة فارقاً شاسعاً بين الاثنين خصوصاً على صعيد الإنتاج، لكنني أحنّ أحياناً إلى الإنتاج اللبناني الأخف من حين إلى آخر. عندما أكون في لبنان أشتاق إلى مصر، والعكس صحيح إن على صعيد الفنّ أو المجتمع.كيف ترى مسيرة الدراما المصرية ونظيرتها الخليجية؟
اكتشفت منذ عامين الدراما الخليجية عندما قدّمت مسلسلين كوميديين سعوديين يحكيان عن المجتمع الخليجي فتعرفت من خلالهما إلى هذا المجتمع. ليس التصوير في السعودية بالأمر المريح، بل صعب لأن ثمة ضوابط معيّنة يجب الامتثال لها هناك، مثل عدم التصوير على الطرقات وعدم توافر ممثلات. من جهة أخرى، تابعت «ساق البامبو» وكان عملاً مثيراً أهنئهم عليه. بالنسبة إلى المسلسلات المصرية، التطوّر الفكري والتقني ملحوظ ولا مجال للمقارنة بين الأعمال المصرية التي قدّمت منذ 10 سنوات والأعمال الراهنة.هل من تجارب على صعيد الدراما الكويتية؟
أشرفت على عمل كويتي ومكثت هناك في الكويت. هي أساس الدراما الخليجية التي أراها تتطوّر بفضل الانفتاح الفضائي.هل تابعت الدراما اللبنانية المحلية؟
أتابعها بشكل متقطّع بسبب سفري الدائم. كان الإنتاج الدرامي منذ 20 عاماً غير وارد بالنسبة إلى المحطات التي كانت تستورد دراما من بلدان مختلفة، أمّا راهناً فثمة وفرة أعمال لبنانية تُعرض على المحطات كافة. وهذا أمر جميل يفرحني بغض النظر عن النوعية والمستوى.هل من مشروع على صعيد الأعمال العربية المشتركة؟
برأيي، إنها مرحلة ستنتهي قريباً. إذا توافر إنتاج ونصّ جميل ومنطقي لمَ لا؟ ولكن لم يعد ثمة اهتمام عربي بتقديم أعمال مماثلة.وفرة الأعمال اللبنانية على المحطات تفرحني بغض النظر عن المستوى