ما ملامح مشروع تطوير النشر الذي أعلنته الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر أخّيراً؟
بدأ مشروع تطوير النشر بسلاسل قليلة تعتبر واحدة من المدخلات الأساسية لوصول الدعم الثقافي إلى المثقفين والقارئ العادي بأسعار قليلة. على مدى 25 سنة، حدث تطوّر وتضخّم كبير للمشروع، فكنّا نعمل إلى جانب الهيئة العامة للكتاب، باعتبارها المسؤول الأول عن النشر، وما يميّز الثقافة الجماهيريّة إلى الآن أن جميع إصداراتها لا تتعدى العشرة جنيهات. هدفنا من المشروع المتمثّل في دعم الثقافة الجماهيريّة، إيصال الإصدارات والكتب كافة إلى الناس بأسعار زهيدة، تبدأ من جنيه حتى 8 و10 جنيهات كحد أقصى، ذلك في ظل ارتفاع أسعار الكتب، وتنافس دور النشر. زادت أعداد السلاسل بشكلٍ كبير وصل إلى 24 سلسلة، وأصبح كثير منها مُتشابها ويؤدّي الدور نفسه، وجاءنا تقرير من الرقابة الإداريّة العام الماضي، في عهد وزير الثقافة السابق د. جابر عصفور الذي شكّل لجنة لتطوير النشر، خرجت بتوصيات أظهرت، إلى جانب تقرير الإدارة الإداريّة، تكدس سلاسل عدة بسبب مشاكل في التوزيع، أو انحراف السلسلة عن غرضها الأساسي، بأن أصبحت تستهدف النخبة وليس الجمهور العادي. عرضنا تلك التوصيات على مجلس الإدارة فأخذ قراره بخصوص السلاسل، وساعدنا في إزالة الحرج عن تغيير بعض رؤسائها، أن مُددهم كانت أوشكت على الانتهاء، وهكذا عرضنا أسماء جديدة مكان الرؤساء القدامى.وكيف يكون مشروعاً لـ{تطوير النشر» ويشمل التخلّي عن بعض السلاسل أو الإصدارات؟
لا نتخلّى عن أي إصدار في أي حال من الأحوال. حافظنا على 18 سلسلة من أهم سلاسلنا الرئيسة، مراعين في ذلك معدلات التوزيع ومدى قدرة السلسلة على الوصول إلى الناس، من بينها «الذخائر» التي تطبع الكثير من أهم الكتب، و{ذاكرة الكتابة» التي زادت عدد طبعاتها إلى 5 آلاف نسخة من بعد ألفين، و{كتابات نقديّة»، و{دراسات شعبيّة»، وغيرها.يتعدى عدد قصور الثقافة المئة، لكن الفاعل منها قد يصل إلى 27 فقط، لماذا؟
إنها القصور الضخمة في عواصم المحافظات، لكن ثمة أيضاً المدن الكبرى بقصورها، مثل أبو حماد، وشبين، والقناطر الخيريّة، وفي الأقصر وحدها أربعة قصور ثقافة من أجمل ما يمكن. كذلك ثمة المكتبات التي أنشأها صندوق التنمية الثقافية، وتمارس دور قصور الثقافة نفسه، من أنشطة ومسرح وخلافه، وتتعدى كونها مكتبة صغيرة.كنت أريد أن أخرج من تلك المسميات، مكتبة، بيت، وقصر وخلافه، إلى أن نُطلق عليها جميعها «المراكز الثقافيّة»، ويكون داخل كل قرية، ومدينة، ومحافظة، مركز ثقافي يعبّر عن ثقافتها وتراثها واحتياجات أهلها. غير أن ثمة إجراءات تشريعيّة في ما يخص ذلك، حتى بالنسبة إلى مُسمى هيئة قصور الثقافة نفسه ثمة مُطالبات من المُثقفين بإعادته إلى مُسمّاه قديماً ليكون «الثقافة الجماهيريّة»، ما سيسمح لنا بتجنّب التناقض الذي يصدم البعض عندما يسمع مصطلح قصر ثقافة ويجده في النهاية شقة في أحد المباني.منذ ثورة يناير، توالى على الهيئة ستة رؤساء، ألم يعطل هذا الأمر سير خطط ومشروعات التطوير؟
طبعاً، فهذا الأمر يضعف الاستقرار العام وتنفيذ الخطط المتاحة. لكن الهيئة كانت تتمتّع بميزة كبيرة جداً، هي أن الرؤساء السابقين لم تتعد مددهم الثلاث سنوات لأنها كافية جداً لتنفيذ الخطط كافة، فبعد الثلاث سنوات يصير الأمر عبئاً على المؤسسة وعلى الرئيس شخصياً. لذا فإن الثلاث سنوات التي ينصّ عليها القانون 18 هي الأمثل، لكن المدد التي تصل إلى أشهر فقط ظالمة لأي رئيس هيئة أو زميل سابق، وتقلل من نسب الاستقرار، ولا تستطيع الحكم خلالها على أداء المسؤول.سينما وتراث وخطاب دينيماذا عن مشروعات السينما في قصور الثقافة؟
ثمة مشروع للسينمات التجارية في قاعات قصور الثقافة، وسنصل بها إلى مئة دار تجارية، تجعل قصور الثقافة أكبر موزع للسينما في مصر، لا سيما أن السينما الديجيتال لم تعد تكلف الكثير، كذلك الشركات التي تعاقدنا معها تعهدت بتوفير جزء من تكلفة التجهيزات، فيما تتحمّل الإدارة جزءاً، والدولة جزءاً، وصاحب الفيلم جزءاً. كذلك نجد أن قاعات الـ60 و70 كرسياً أصبحت منتشرة في المراكز التجارية ودور العرض، وتلك القاعات متوافرة بشكلٍ كبير في قصور الثقافة المختلفة، فلماذا لا نستغلها ونترك صالات المسرح التي كانت تُستخدم للعرض السينمائي لتستمر عليها العروض المسرحيّة، بعد تفعيل قاعات السينما؟ نبدأ قريباً بـ15 دار عرض، نستكملها تباعاً.كيف تتعاملون مع توجه الدولة إلى تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف؟
ثمة بروتوكول مع وزارة الأوقاف يجري تفعيله من خلال مديريات الثقافة ومديريات الأوقاف التابعة لها. نختار شيخاً ذا أفق رحب للتعامل مع الأنشطة الثقافية، ولديه قابلية لإلقاء ندوة في قصر الثقافة، ونتعاون في الفترة المقبلة مع الأوقاف في توفير مشايخ يجوبون مناطق محافظة ما، ثم يتكرّر الأمر في غيرها من محافظات. كذلك نجد في إصدارات الهيئة في شهر رمضان الماضي عناوين مثل، «فضائل الصبر في القرآن والسنة، المختار من أشعار الصحابة الأخيار، عقيدة أهل السنة والجماعة، الخوارج وقضية التكفير، رسالة في بركة رمضان، بلاغة الحج في الحديث النبوي الشريف»، وتلك الكتب لن تقف عند الإصدار بل تتبعها ندوات لصاحبها كي يوضّح محتواه.لماذا لا تجمعون التراث الخاص بكل منطقة عن طريق قصر الثقافة التابع لها؟
لدينا مشروع مهم قامت به هيئة قصور الثقافة قبل سنوات منذ عهد الدكتور أحمد نوّار، هو «أطلس الفلكلور»، وكان أول رئيس له الدكتور صلاح الراوي، واستمر فترة طويلة جامعاً للتراث. كذلك نجح رؤساء الهيئة السابقون في إجراء بروتوكولات مع أكاديميّة الفنون، بأن يحصل أبناء الثقافة الجماهيريّة العاملون في أطلس، والحاملون لمؤهلات مناسبة، على دبلومة المعهد العالي للفنون الشعبية، وفعلاً تحولوا إلى باحثين، لكن واجه أطلس مشاكل عدة وفساداً في الفترة السابقة.كذلك ثمة لجنة برئاسة صلاح الراوي لإعادة بناء «أطلس الفلكلور» مع عودة سلسلة «دراسات شعبية»، فضلاً عن منحة أقرها مجلس الإدارة في آخر اجتماعاته، قيمتها 100 ألف جنيه مقسمة على 10 بحوث في جمع التراث، وهو تفعيل لجزء من اللجنة العليا لجمع التراث غير المادي، والتي بدأت اجتماعاتها، ونبدأ في تجهيز ملف مصر للتراث غير المادي، بعد الكوارث التي حدثت في تسجيل التراث.وصول الكتاب إلى مستحقيه
وصلت نسبة الأمية في مصر إلى 41 %، ما يؤرق الدكتور سيد خطاب. يقول في هذا السياق: «أنا معني بإيصال الدعم الثقافي إلى مستحقّيه، والعدالة الثقافية أمر يؤكّد أهميته وزير الثقافة. يتحقق الوصول إلى نسبة الـ41 % من الأميين من خلال الفرق المسرحيّة والفنيّة والاستعراضيّة، وفرق الفنون الشعبيّة وغيرها مما يحلّ مكان الكتاب. عموماً، لدينا أذرع طويلة قادرة على الوصول إلى الناس».يشار إلى أن الدكتور سيد خطاب ممثل ومخرج مسرحي مصري، بدأ نشاطه الفني عقب تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وعمل مساعد مخرج في المسرح، ومن أفلامه «الرغبة» 1979 و{ضربة شمس» 1980، و{الحريف» 1938، ومن مسرحياته «يوم عاصف جداً» و{زكي غبي جداً» و{الورثة»، وتولى منصبه الراهن منذ فبراير الماضي.