بدر بورسلي

نشر في 15-09-2016
آخر تحديث 15-09-2016 | 00:00
 مسفر الدوسري بدر الأغنية الخليجية، يكتب الأغنية كما يتنفس، بتلقائية رقراقة وسلسة كالماء، إلا أن ما يدهشك فيها إلى حدّ الصدمة في ذات الوقت، أنها كتبت "بهندسة" أنيقة لم توضع بها زخرفة عبثاً، إنما عن سابق إتقان ورؤية، وهنا تكمن الدهشة الصادمة، إذ كيف تلتقي التلقائية والقصدية – إن صحّت التسمية- معاً بهذه الخفة من أجنحة الكلمات؟!

تلك هي خلطة بدر بورسلي السرية أو السحرية – إن شئت- في كتابة الأغنية.

أغنية بورسلي في رأيي أعادت بناء الأغنية الكويتية على وجه الخصوص، والخليجية بوجه عام، بحكم موقع الأغنية الكويتية المميز على خريطة الفن الخليجي، وهذه الخلطة السرية لأغنية بدر، هي التي جعلته يصبح مدرسة في التأليف الغنائي من أكثر المدارس "حرفنة" ومن أحبها لقلبي، إلا أن هذه الميزة الفريدة في كتابة الأغنية ليست من السهل أن تتأتى سوى لبدر بورسلي، وليس لأحد سواه، لأن خلطته تلك ساهم في إثرائها عوامل شخصية في حياة بدر نفسه، ففي السير الذاتية التي كتبت عن كاتبنا الغنائي تذكر كلها أنه خريج الكلية الصناعية قسم الخرسانة والفن المعماري، فإذا ما سلّمنا بموهبته الشعرية أولاً، فأظن أن دراسته في الفن المعماري ألقت بظلالها الكثيف على تلك "الهندسة" الواضحة في أغنيته، وهذا هو الجزء الأول من خلطة بدر بورسلي السرية، المتعلق بالإتقان والكلمة المرسومة بالمسطرة والقلم، وكأنما الكلمة لم توضع مصادفة أو عبثاً.

أما الجزء الآخر، والمتعلق بتلك التلقائية المزخرفة بالروحانية الشفافة في أغنية بدر بورسلي، فالسير ذاتها تذكر أن من علّمه أوزان الشعر هو الشاعر الكبير سعود الزيد، رحمة الله عليه، والشاعر سعود الزيد بحد ذاته محراب روحي، تتجلى بحضرته الروح وتسمو.

ولا شك أن ملازمة كاتبنا الغنائي لذلك الشاعر من أجل الشعر أثر بشكل إيجابي في شخصيته، وجعلته أكثر رقة وشفافية في التعامل مع ذاته ومشاعره ومفردات الحياة، لينعكس ذلك على أغنيته التي يكتبها، تلك باعتقادي سيرة ليست من اليسر أن تتحقق سوى لبدر بورسلي، إلا أن هذا ليس فقط ما يميز مدرسته، فكاتبنا درس فن الإخراج التلفزيوني بالولايات المتحدة، ومارسه بالفعل في تلفزيون الكويت سنوات طويلة، وأخرج العديد من البرامج والسهرات الناجحة وقتها جماهيرياً.

إلا أن أهم ما أنجزه بدر بورسلي في مجال الإخراج، هو أنه "أخرج" الأغنية الكويتية بروح أخرى لا تشبه أي روح، أغنية بعطر كويتي جميل ولوحة معاصرة أنيقة آسرة، أغنية لم تقطع حبلها السري من ملح البحر، وفي ذات الوقت لم تغلق النوافذ أمام السفر ومصادقة الريح.

أغنية بدر بورسلي "مثقلة" بأرشق المشاعر، وهذه ميزة ليست واضحة وجلية سوى في قلة قليلة يعدّون على أصابع اليد الواحدة ممن يكتبون الأغنية بالخليج، في مقدمتهم مهندس الأغنية بدر بورسلي.

back to top