دعا رئيس حكومة الوفاق في ليبيا، المعترف بها دولياً، جميع الأطراف في البلاد إلى الاجتماع، لمناقشة آلية لإنهاء الصراع، وذلك غداة سيطرة القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر وحكومة طبرق (شرق) على أكبر موانئ تصدير النفط.وقال السراج في بيان على "فيسبوك": "أدعو جميع الأطراف إلى إنهاء الأعمال الاستفزازية، والاجتماع بشكل عاجل على طاولة واحدة، لمناقشة آلية الخروج من الأزمة وإنهاء الصراع".
واعتبر أن "ليبيا تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها"، مضيفاً: "لن أقبل بأن أقود طرفا ليبيا، أو أدير حربا ضد طرف ليبي آخر"، في إشارة إلى إمكانية وقوع مواجهات بين قوات حكومته والقوات التي سيطرت على موانئ التصدير.وكانت قوات الحكومة الموازية في ليبيا، بقيادة حفتر، استكملت أمس الأول سيطرتها على كامل منطقة الهلال النفطي، التي تضم أكبر موانئ التصدير، في إطار هجوم بدأته الأحد الماضي، وتمكنت خلاله من طرد قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق من المنطقة.وتحظى هذه العملية العسكرية بدعم الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا، والتي تتخذ من مدينة البيضاء في الشرق مقرا لها، وكذلك من البرلمان المنتخب، الذي يتخذ من مدينة طبرق مقرا له.ودفع الهجوم المباغت الولايات المتحدة وخمسة من كبار حلفائها الأوروبيين الداعمين لحكومة الوفاق إلى دعوة "كل القوات المسلحة" الموجودة في الهلال النفطي بين مدينتي بنغازي وسرت لـ"الانسحاب الفوري وغير المشروط".
كوبلر وحفتر
في السياق، اشتكى المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا مارتن كوبلر، في كلمة أمام جلسة طارئة لمجلس الأمن أمس الأول، من أنه "سعى في العديد من المرات للتواصل مع حفتر، لتشجيعه على الحوار، لكن جميع محاولاتي باءت بالفشل".وقال إن "التطورات الأخيرة في الهلال النفطي ستؤدي إلى المزيد من إعاقة تصدير النفط وحرمان ليبيا من مصدر الدخل الوحيد وإلى المزيد من الانقسام"، مشددا على ضرورة أن تكون حماية مصادر النفط واستغلالها تحت سلطة المجلس الرئاسي بقيادة السراج، وأن تحل الخلافات عبر الحوار وليس بالقوة.في المقابل، عبَّر حفتر عن تفهمه لما وصفه بـ"مخاوف الدول الأوروبية والولايات المتحدة من سيطرة قواته على موانئ الهلال النفطي"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذه المخاوف ليست في محلها.وأوضح حفتر في حوار مع مجلة "الأهرام العربي" المصرية نشر أمس الأول، أن السيطرة على الهلال النفطي ليست موجهة ضد مصالح هذه الدول، بل هدفها "تحرير المنشآت النفطية من قبضة عصابة ميليشياوية".في سياق منفصل، أفرج عن مواطنين ألمانيين عاملين في المجال الإنساني اعتقلهما يوم الجمعة الماضي خفر السواحل الليبيون.تدخل إيطالي
في هذه الأثناء، كشفت الحكومة الإيطالية عن قرار مفاجئ، بإرسال وحدات عسكرية بحماية بحرية إلى ليبيا، من أجل إنشاء وإدارة وحماية مستشفى ميداني ملحق بمطار مصراتة الخاضع لسيطرة حكومة السراج التي تقاتل تنظيم داعش في سرت منذ منتصف مايو الماضي.وقالت وزيرة الدفاع روبيرتا بينوتي في تصريح عقب جلسة استماع مشتركة أمام لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع بمجلسي الشيوخ والنواب أمس الأول، إن "البرلمان بصدد النظر في التصويت على قرار نعتبره ايجابيا" يدعم اقتراح الحكومة بإرسال 300 جندي إلى ليبيا".وأضافت أن القوة العسكرية الإيطالية المبرمجة لإنشاء مستشفى عسكري ميداني في مصراتة "جاهزة، لكنها لم تنطلق بعد" من قاعدة براتيكا دي مارى الجوية جنوبي العاصمة روما، مؤكدة "اننا جاهزون للدخول في المرحلة العملية فوراً إذا ما قرر البرلمان".وأوضحت أن العملية المسماة "ايبوقراط" تضم 300 عسكري، بينهم 60 طبيبا وممرضا و135 للدعم اللوجيستي و100 جندي في "قوة الحماية"، إضافة إلى طائرة عسكرية جاهزة لأي إجلاء محتمل للقوة الإيطالية وسفينة عسكرية قبالة السواحل الليبية.وفي تعقيبه على إفادة الوزيرة، أكد عضو مجلس الشيوخ وزير الدفاع في الحكومة السابقة ماريو ماورو، أن الوحدات العسكرية الإيطالية انطلقت بالفعل من الأراضي الإيطالية في طريقها إلى ليبيا قبل تصويت البرلمان على طلب الحكومة، معتبرا أن هذه الخطوة تمثل "دخول إيطاليا الحرب بجانب أحد طرفي الصراع".فرنسا
إلى ذلك، دعت فرنسا أمس للتحرك، من أجل منع "خطر حقيقي" يهدد وجود ليبيا كدولة موحدة.وحذر المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لو فول، أمس، من تفكك ليبيا، وقال إن الأمر يتطلب التحرك لمنع ذلك.وجاء التحذير الفرنسي في وقت تتزايد المخاوف من وقوع اشتباكات بين قوات حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج المدعومة من المجتمع الدولي في طرابلس، وقوات حفتر الموالية لحكومة موازية في طبرق شرق البلاد.مراجعة بريطانية
في موازاة ذلك، وجَّه برلمانيون بريطانيون في تقرير نشر أمس انتقادا شديدا إلى حكومة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون والحكومة الفرنسية، بسبب التدخل عسكريا بليبيا في 2011، معتبرين أن التدخل استند إلى "افتراضات خاطئة".وقال التقرير إنه بحلول منتصف عام 2011، فإن التدخل المحدود لحماية المدنيين تحول إلى سياسة انتهازية لتغيير النظام، ولم يكن مدعوما باستراتيجية لدعم ورسم شكل ليبيا ما بعد معمر القذافي.وأضاف أن التدخل أسفر عن "انهيار سياسي واقتصادي وحرب بين الميليشيات والقبائل وأزمات إنسانية وأخرى خاصة بالمهاجرين وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وانتشار الأسلحة التي كانت في حوزة نظام القذافي في مختلف أنحاء المنطقة ونمو تنظيم داعش".