يستعد اثنان من منتجي النفط الأعضاء بمنظمة "أوبك" تأثرت إمداداتهما بالصراعات المحلية لإضافة مئات الآلاف من البراميل للأسواق العالمية خلال أسابيع.

ورفعت شركة النفط الحكومية الليبية، أمس الأول، القيود على مبيعات الخام من موانئ "رأس لانوف" و"السدرة"، و"الزويتينة"، مما قد يطلق سراح 300 ألف برميل يومياً من الإمدادات.

Ad

وصرح رئيس شركة "ناشونال أويل"، في بيان على موقع الشركة أن استئناف الشحنات من الموانئ الليبية الثلاثة قد يسمح لليبيا بمضاعفة إنتاج النفط إلى 600 ألف برميل يوميا خلال أربعة أسابيع.

وفي نيجيريا، فإن "أكسون موبيل" مستعدة لاستئناف شحنات خام "كوا إبوي" والتي بلغت في المتوسط 340 ألف برميل يومياً العام الماضي، حسب تقديرات "بلومبرغ".

كما من المتوقع أن يتم إعادة تدفق ثاني أكبر خامات التصدير النيجيرية التي تديرها "رويال داتش شل" بنحو 200 ألف برميل يوميا خلال أيام.

وحسب تقديرات لوكالة الطاقة الدولية، فإن فائض المعروض النفطي الحالي يبلغ نحو 370 ألف برميل يوميا.

وقد يحدث ذلك مع استعداد الدول الأعضاء في "أوبك" وروسيا للاجتماع في الجزائر في وقت لاحق هذا الشهر لمناقشة تجميد محتمل للإنتاج لتحقيق استقرار في أسواق النفط في العالم.

هبوط الإنفاق

وعلى صعيد متصل، قالت وكالة الطاقة الدولية إن من المتوقع أن تهبط الاستثمارات العالمية في أنشطة المنبع للنفط والغاز بنسبة 24 في المئة، هذا العام بينما لا توجد علامات تذكر على تحسنها في 2017.

وذكرت وكالة الطاقة في تقرير أن الانخفاض المتوقع هذا العام يأتي عقب هبوط الإنفاق في القطاع بنسبة 25 في المئة في 2015 ليبلغ إجمالا 583 مليار دولار.

وأضاف التقرير أن "إجمالي الانخفاض يتجاوز 300 مليار دولار على مدى العامين، وهو أمر غير مسبوق"، مشيرا إلى أن انخفاض استثمارات أنشطة المنبع للنفط والغاز على مدى عامين متتاليين لم يحدث منذ 40 عاما.

وتابع: "علاوة على ذلك لا توجد علامات على أن الشركات تخطط لزيادة نفقاتها الرأسمالية في أنشطة المبنع في عام 2017".

وبلغ إجمالي الاستثمارات في قطاعات النفط والغاز والفحم 900 مليار دولار في 2015 بانخفاض 18 في المئة عن 2014.

وانخفض إجمالي الاستثمارات العالمية في جميع قطاعات الطاقة 8 في المئة إلى 1.8 تريليون دولار في العام الماضي، بحسب تقرير الوكالة.

وكان أكبر انخفاض في الاستثمارات من نصيب قطاع أنشطة المنبع للنفط والغاز بأميركا الشمالية، وهو ما ساهم أيضا في تصدر الصين قائمة إجمالي استثمارات الطاقة، بعدما تصدرتها الولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث السابقة.

وهبطت أسعار النفط إلى نحو النصف على مدى العامين الأخيرين بسبب تخمة الإنتاج، بينما تراجعت أسعار الغاز العالمية بوتيرة مماثلة.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الاستثمارات قد تساهم في عودة التوازن للسوق. وقال تقرير الوكالة إن "الاستثمارات عند مستواها الحالي ربما لا تكفي للحفاظ على مستوى إنتاج النفط والغاز بما يشير إلى اتجاه الأسواق صوب تقلص المعروض... من المرجح أن تستعيد أسواق النفط توازنها قبل أسواق الغاز حيث تكبح الاستثمارات في القطاعات المنخفضة الكربون الطلب على الغاز".

وكانت وكالة الطاقة قالت، يوم الثلاثاء، في تقرير منفصل، إن سوق النفط الخام العالمية ستظل متخمة بالمعروض حتى النصف الأول من 2017 على أقل تقدير.

وبلغت الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة المنخفضة الكربون 315 مليار دولار في عام 2015 لتشكل 17 في المئة من إجمالي الاستثمارات.

وفي العام الماضي اتفقت أكثر من 190 دولة خلال محادثات المناخ في باريس على الحد من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري للمساهمة في كبح الزيادة في درجات الحرارة العالمية إلى ما دون الدرجتين المئويتين.

تراجع المخزونات

على صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار النفط، صباح أمس، بعد تراجعها نحو 3 في المئة في الجلسة السابقة مدعومة بانخفاض مفاجئ في مخزونات الخام الأميركية.

وتراجعت مخزونات الخام بالولايات المتحدة 559 ألف برميل في الأسبوع المنتهي يوم التاسع من سبتمبر، مخالفة بذلك التوقعات لزيادة قدرها 3.8 ملايين برميل.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 45.05 دولاراً للبرميل مرتفعة 20 سنتا بما يعادل 0.4 في المئة عن التسوية السابقة. وزادت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط ستة سنتات أو 0.1 في المئة إلى 43.64 دولاراً للبرميل.

وكانت أسعار الخام انخفضت نحو 3 في المئة للجلسة الثانية على التوالي، أمس الأول، إثر زيادة 4.6 ملايين برميل في مخزونات نواتج التقطير الأميركية. القفزة كانت الأكبر لأسبوع واحد منذ يناير وتصل بمخزونات نواتج التقطير إلى أعلى مستوى موسمي لها في ست سنوات.

وقال ريك سبونر كبير محللي السوق لدى سي.ام.سي ماركتس: "خبر جيد في هذا الوقت من السنة أن نرى تراجعا كهذا (في مخزونات الخام)... لكن السوق تبدو أكثر انشغالا في الوقت الحالي باحتمال حدوث زيادة كبيرة في المعروض القادم من ليبيا".

وتراجعت أسعار الخام نحو 8 في المئة في الجلسات الخمس الأخيرة وثمة بواعث قلق متنامية من احتمال عودة إمدادات خام من ليبيا ونيجيريا.

شركات النفط الوطنية ستواصل الهيمنة على الاستثمارات

قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول لـ"رويترز" إن شركات النفط الوطنية ستواصل الهيمنة على الاستثمارات في أنشطة المنبع للنفط والغاز إذا بقيت أسعار الخام عند المستويات المتدنية الحالية.

وذكرت الوكالة أن الشركات الوطنية، ومن بينها أرامكو السعودية العملاقة التي تديرها الدولة وسي إن بي سي الصينية وبيميكس المكسيكية، زادت حصتها في استثمارات أنشطة المنبع إلى 44 في المئة، مسجلة أعلى مستوى لها في 40 عاما.

واضطرت شركات النفط الدولية، ومن بينها شل البريطانية الهولندية وإكسون موبيل الأمريكية العملاقة وتوتال الفرنسية، إلى تقليص استثماراتها في ظل ضعف أسعار الخام الذي يضغط على هوامش أرباحها.

وقلصت شركات النفط الوطنية أيضا استثماراتها لكن بوتيرة أقل من الشركات المستقلة.

وأوضح بيرول في مقابلة مع "رويترز" أنه "بالنسبة إلى شركات النفط الوطنية التي تملك الجزء الأكبر من الاحتياطيات العالمية المنخفضة التكلفة، فإن حصتها (من الاستثمارات) ستظل كما هي إن لم ترتفع".

وتظهر أرقام وكالة الطاقة الدولية تقلص الإنفاق على أنشطة المنبع للنفط والغاز بما يزيد على 300 مليار دولار في 2015 و2016 وهو مبلغ غير مسبوق.

وجاء أكبر خفض في التكاليف من شركات مستقلة في أميركا الشمالية وهي أباتشي وميرفي أويل وديفون إنرجي وماراثون والتي خفضت الإنفاق بنحو 80 في المئة في الفترة بين 2014 و2016 بحسب وكالة الطاقة.

وتمكنت شركات النفط الوطنية في السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر من جمع أموال لاستثمارات جديدة من خلال إصدار سندات حكومية وهو ما أتاح لها تعويض هبوط إيرادات النفط.

ومع استحواذ شركات النفط الوطنية على حصة أكبر من الاستثمارات في القطاع، فإن سوق النفط ربما يشهد آلية جديدة يقل فيها تأثير العوامل الأساسية على قرارات الإنتاج.

وقال بيرول إن "هناك بعض شركات النفط الوطنية التي تأخذ في الاعتبار عوامل أخرى عند اتخاذ القرارات"، مشيرا إلى العوامل الاقتصادية المحلية والقضايا السياسية وكذلك الدفاع عن الحصة السوقية.

وأضاف أن "قطاع النفط الذي تهيمن عليه شركات النفط الدولية وذلك الذي تهيمن عليه شركات النفط الوطنية يعكسان صورتين مختلفتين".