ما أجمل تلك المنشورات التي انتشرت بمناسبة موسم الحج على وسائل التواصل الاجتماعي، ففي تلك الأيام المفترجة يستحب الدعاء والاستغفار والصيام، والعبادة في هذه الأيام من أعظم العبادات، لكن الأجمل أن تقترن بأفعال أكثر جمالا، وهي العمل الذي يسبق القول أو التلميح إليه.

وبالطبع ليس هناك عيب في الإسلام ولا تعاليمه السمحة، ولكن العيب في الفهم وخداع النفس، فالشيطان يزين للناس أعمالهم بأنهم سيكونون من الأتقياء الأنقياء، ولكن أين نحن من تقوى القلوب؟ وأين نحن من قوله عز وجل "كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ"؟ وأين نحن من الزهد في الدنيا التي تجعل البعض يشعر أنه الأوحد في الأرض، متناسيا وحدانية الله عز وجل وكبرياءه.

Ad

كميات فساد وإفساد محزنة في بلدي العزيز مصر: سرقة، لحم حمير، غش، احتكار سلع، غياب ضمير، تجارة في صحة البشر، حتى حليب الأطفال لم يسلم من غياب الضمير، قتل ودم وتخريب، حتى الحج لم يسلم من غياب الضمير: حوادث، وحرائق الأرجح أنها بفعل فاعل، ويتوقع الأسوأ.

وللأسف رغم كل ذلك نتوقع أننا الأقرب إلى الله والأطهر بسعينا للمرة الثالثة أو الرابعة إلى الحج، فكم من فقير ومحتاج ومعسر وجار أو قريب أو صديق لم تقدم له يد العون، للأسف هذا ليس الإسلام الصحيح ولا تعاليمه، فقضاء حوائج الناس، وتفريج كروبهم، ومساعدة محتاج، وستر فتاة، والمساهمة في علاج مريض أكبر وأعظم عند الله من العبادة أحيانا.

فالحج فرض لمرة واحدة، والعمرة إن كان هناك من هو في حاجة إلى ثمن تكلفتها فهو أولى بها، فلا تبالغ فيها رغم علمك أن هناك محتاجاً بجوارك. وللأسف هناك من يضحون للتفاخر لا التقرب إلى الله، والله أعلم بالنيات، ولكن كيف تضحي ومصدر مالك حرام، من تجارة في قوت الناس، ومن المساهمة في سفك دم بالتجارة في الأسلحة، ومن سرقة المال العام؟

ولا أنسى قضية الفساد التي اتهم فيها بعض الوزراء بشأن حج الأسرة، وكذلك أعضاء مجلس النواب الذين يحصلون على رحلات حج من مجلس نواب دون مراعاة لشعب يعاني الفقر بكل أنواعه! ألا تعلمون أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ".