لعل عشاق الأدب الروسي يعطون تورجنيف مكانة متميزة إلى جانب بوشكين وتولستوي وديستوفيسكي وتشيخوف وغيرهم، لكن القليل من يعرف قصة الحب العنيف الذي اقتحم حياته...!

• هذا الأديب عاش فترة في باريس، وكان دائماً بصحبة صديقه الشاعر الفرنسي دي موسيه، وذات يوم اصطحبه إلى مشاهدة مسرحية حلاق إشبيلية، ومنذ تلك الليلة ظل تورجنيف متعلقاً بعشق مطربة المسرحية أكثر من أربعين عاماً... وكتب في مذكراته عقب تلك الليلة:

Ad

"رأيت بولين الليلة لأول مرة، أجمل وأروع امرأة في الوجود، أحسب أنني لن أنظر إلى أي امرأة بعدها".

• ظل تورجنيف محتلاً مقعده الأمامي في دار الأوبرا ليستمع لبولين، لكن لم يحاول الاقتراب منها أو المرور من أمام غرفتها في المسرح، كما يفعل أكثر المعجبين بها، ونشر في إحدى المجلات الأدبية قصة قصيرة يعبر فيها عن لواعج حبه العنيف، حتى انه لم يعد يستطيع العيش دون أن يرى المعشوقة كل يوم وهي تغرد بأجمل صوت أوبرالي لم يشهد التاريخ له مثيلاً.

أدرك صديقه الشاعر مكابدته فقال له:

- دع عنك هذا الحياء مادمت تحبها كل هذا الحب، لماذا لا تقتحم غرفتها في المسرح وتشرح لها مشاعرك؟

• يا عزيزي موسيه لقد خُلقت شديد الخجل، ولا أجسر على فعل ما تطلب مني.

- هل تحب أن أجمعك بها في بيتي؟

• كيف؟

- أقيم حفلاً على شرفها أدعو إليه حشداً من الكُتاب والشعراء والأدباء.

• كيف أتمكن في حفل كهذا أن أظهر لها حبي؟

- هي قرأت قصتك وقد أخبرتني شقيقتها أنها تأثرت كثيراً.

* * *

• التقى تورجنيف ببولين وجهاً لوجه فبادرته بالقول:

- إن عاطفتك فيما كتبت عاطفة نبيلة بدون شك، لكن لا يحسن أن يداعبك الأمل أن أستجيب لمثل هذه المشاعر المتأججة. إنني سيدة متزوجة، وفوق كل شيء فأنا أحب زوجي، وأرجو أن تقبل دعوتي للعشاء في بيتي.

• بالفعل وصلت إليه دعوة من زوجها لويس فياردو... وبعد العشاء انفردت به وقالت له:

- بعد أن قرأت قصتك، أعتقد أنك صرت كاتبي المفضل، لاسيما أنني عكفت على قراءة معظم كتاباتك، وهذا لا يعني أنني أحبك يا عزيزي تورجنيف، ودعني أشكرك إذ إنك أعطيتني الكثير من المعلومات عن بلدك روسيا، لشد ما تحب بلدك...!

• وأنت ألا تحبين بلدك؟

- من ذا الذي لا يحب بلده؟

• من غير المجدي أن أقول لك إني أحبك أكثر من بلدي.

- لماذا لا تعتبرني أختك؟

• خيال فنانة مع أنك لست فنانة فحسب. أنت أعظم امرأة في حياتي.

- أنت يا عزيزي تورجنيف شديد الإغراق بالعاطفة.

* * *

• بعد هذا اللقاء استمر تورجنيف لا يفارق محبوبته أربعين سنة أينما ذهبت، من باريس إلى مدريد إلى روما، بل إلى بطرسبرغ... مما ينطبق على هذه العلاقة أوثق أوصاف الحب الأفلاطوني.