الروس يقترعون غداً «تجديداً» لبوتين
أول انتخابات بعد ضم القرم... وأزمة النفط تلقي بظلالها
بدون حماس كبير يتوجه الناخبون الروس إلى صناديق الاقتراع غداً، لاختيار نواب مجلس الدوما (البرلمان)، في ظل أزمة اقتصادية أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للسكان، وتدهور في العلاقات مع الغرب.ويمكن للرئيس فلاديمير بوتين، الذي يحظى بشعبية قياسية وحزب «روسيا الموحدة» الذي يتزعمه، أن يتابعا باطمئنان هذه الانتخابات، التي يتوقع أن تضمن الفوز للحزب الحاكم، مع ترجيح الاستعداد لترشح بوتين لولاية رئاسية رابعة في 2018.ويوجد 110 ملايين ناخب في روسيا مدعوون لاختيار 450 نائباً في مجلس الدوما.
ويتنافس في الانتخابات أكثر من 6500 مرشح من 14 حزباً، وينتخب نصف النواب لأول مرة بأغلبية الأصوات.وسيجدد الناخبون كذلك برلمانات بعض المناطق وينتخبون حكامها. وعلى هذا الأساس سيختبر الرئيس الشيشاني رمضان قديروف لأول مرة خيار الناخبين منذ أن عينه الكرملين في هذا المنصب عام 2007.وستكون أول انتخابات تشريعية في جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في 2014 ثم نظمت استفتاء أيّد ضمها، ولم تعترف به كييف ولا الغرب.حينها هلل قسم من سكان روسيا الاتحادية لقرار ضم القرم، غير أن تلك المشاعر خبت مع الوقت، رغم ارتفاع شعبية بوتين. وعموماً ورغم أهميتها، لم تثر الحملة الانتخابية حماساً كبيراً.وتدور الانتخابات في ظروف استثنائية تتمثل في انهيار أسعار المحروقات، التي تؤمن قسماً مهماً من عائدات خزينة الدولة والعقوبات الغربية على إثر الأزمة الأوكرانية والأزمة النقدية التي تعيشها روسيا منذ نهاية 2014، والتي أعقبتها فترة انكماش هي الأطول منذ أن تصدر بوتين المشهد السياسي في 1999. هذه الأزمة التي قضت وفق الخبراء على كل التقدم الاقتصادي المحرز على مدى عشر سنوات أنهكت القدرة الشرائية للروس، خصوصاً المتقاعدين من ذوي الدخل المتدني، والموظفين الذين وعد بوتين بتحسين مستوى معيشتهم.وبعيداً عن الوضع الاقتصادي، فالانتخابات هي الأولى على المستوى الوطني منذ ضم القرم واندلاع النزاع في شرق أوكرانيا، وتدهور العلاقات مع الغرب إلى أدنى مستوى منذ نهاية الحرب الباردة.وتأتي بعد نحو سنة من تدخل روسيا في النزاع السوري، والذي أعاد تأكيد دورها كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط.وتمكنت المعارضة الليبرالية من ترشيح عدد أكبر بكثير من المرشحين من انتخابات 2011، إضافة إلى نشر لقطاتها المصورة الانتخابية عبر شاشات التلفزيون، لكنها لا تبدو كثيرة التفاؤل.وفي مواجهة آلة السلطة القوية وعدم تعاون التلفزيون الحكومي، يجد المعارضون صعوبة في شحذ حماس الناخبين الذين يميلون لاختيار مرشحي السلطة، أو يمتنعون عن المشاركة.ويتحرك المرشحون المعارضون بطريقة غير منظمة، وبسبب الخلافات الداخلية فشلت المعارضة الليبرالية مجدداً في تقديم لائحة موحدة.وتمثل الانتخابات بالنسبة إلى السلطات الاختبار الأخير قبل انتخابات 2018 الرئاسية، التي بدأ الكرملين الإعداد لها على قدم وساق. ففي منتصف أغسطس الماضي غير بوتين مسؤول مكتبه، وهو منصب استراتيجي، وعين دبلوماسياً معروفاً بولائه له واستقلاليته عن مجموعات الضغط المحيطة برجل الدولة.وشملت التعديلات كذلك مناصب أخرى في مؤسسات الدولة، وتغيير حكام بعض المناطق، وإزاحة وزراء لا يحظون بشعبية أو مسؤولين محليين.وأمس الأول دعا بوتين مواطنيه إلى التصويت «من أجل روسيا»، لكنه لم يعلن بعد إن كان سيترشح لولاية رابعة ليحطم بذلك الرقم القياسي الذي سجله ليونيد بريجنيف لبقائه في السلطة. ولكن لا يوجد اليوم مَن يستبعد الأمر.