يقول خبراء الطاقة إن التخلص من الفحم لن يكون سهلاً. وفي خضم تقلبات أسعار النفط مدفوعة بالزيادة في عدد منصات الزيت الحجري وتباطؤ الاقتصاد الصيني وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسعي منظمة أوبك لتثبيت الإنتاج، تبدو الصورة اليوم ضبابية بامتياز.

ويقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن ألمانيا التي تشعر بقلق من عدم تحقيق هدفها في بلوغ خفض جوهري في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020 اقترحت فرض رسوم عالية في السنة الماضية على المولدات الأكثر تلويثاً للبيئة. وكانت الضريبة تهدف إلى توجيه ضربة قوية إلى الفحم البني الذي يعتبر الأكثر قذارة والمصدر الرئيسي للكهرباء في ألمانيا.

Ad

وتعتبر ألمانيا نفسها رائدة في الحملة ضد تغير المناخ، وقد تكون حقاً المستثمر الأكثر حماسة في العالم في ميدان الطاقة المتجددة، وخاصة الرياح والشمس. واضطرت برلين في مواجهة رفض الاتحادات العمالية إلى التراجع، واستبدلت الضريبة بمساعدة تبلغ 1.6 مليار يورو من أجل القيام بعملية حفظ تدريجية تشمل ثمانية مصانع تعمل بالفحم وإغلاقها بصورة دائمة بحلول عام 2023.

الطاقة الألمانية

ويقول التقرير إن دعاة حماية البيئة رفضوا هذه الخطوة، ولاحظ تقرير لأوكسفام حول سياسة الطاقة الألمانية أن القرار الألماني يوازي طرح خدمة إلى المنشآت على حساب دافعي الضرائب والمستهلكين.

ولم يكن ذلك كل شيء، على أي حال، فقد رفضت مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل طلباً تقدمت به وزيرة البيئة بربارة هندريكس يهدف إلى وضع خريطة طريق لإزالة الفحم بشكل تام بأمل تأجيل القرارات ذات الصلة الى ما بعد الانتخابات الوطنية في السنة المقبلة.

وقد يبدو تردد برلين مثل موقف يتجاوز قليلاً الهدف المعلن حيث من المقرر على الأقل اغلاق مولدات الفحم في نهاية المطاف. ولكن المقاومة في الدول الصديقة للبيئة تبرز تحدياً جوهرياً للجهود الدولية الرامية الى تحقيق خفض أساسي في الوقود الحفري في امدادات الطاقة في العالم، ولايزال العمال والمتقاعدون والاقتصادات والمجتمعات المحلية يعتمدون على وقود تأمل بقيتنا التخلص منه من أجل الحفاظ على كوكب الأرض لأطفالنا وأحفادنا.

ويشير تقرير الصحيفة إلى ما أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر على شاشة التلفزيون في 18 أبريل سنة 1977 عن «إعلان معادل للحرب» ضد الاعتماد على النفط الأجنبي، وقوله للأميركيين إن «الولايات المتحدة في حاجة إلى التحول نحو الفحم المتوافر بكثرة». ويبدو من غير الإنصاف أن نقول ببساطة للمجتمعات التي عملت على ذلك التحول والانتقال «نحن آسفون، إن الخطوة لم تنجح».

ولكن شعور أولئك الذين سيعانون من هذا التحول ليس مسألة تتعلق بالإنصاف، لأن التحول الناجح نحو مستقبل من الكربون المتدني يتطلب دعماً من تلك الشريحة التي تظل محورية في الجدال العام المتعلق بتغير المناخ.

عمال الفحم

ويقول مات بيكر وهو مفوض سابق في لجنة المرافق العامة في كولورادو «إن مستوى التحول هائل. وأنت لا يمكنك القيام بذلك العمل ضمن إطار العمل الذي نفكر فيه من دون موافقة ما يدعى بشريحة الخاسرين في هذا التحول».

ويضيف تقرير النيويورك تايمز أن عدد عمال الفحم المتبقين في ألمانيا قد يكون قليلاً، وهناك نحو 63000 وظيفة مرتبطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالفحم، من أصل إجمالي القوة العاملة التي تعد 43 مليوناً. ولكن ذلك العدد القليل يتمتع بتنظيم جيد ضمن اتحادات عمالية قوية– وحتى في الولايات المتحدة، حيث يوجد نحو 50000 من المشتغلين بالتعدين، وليست لديهم قوة سياسية تذكر، فقد احتل مصير الفحم العناوين الرئيسية في حملة الانتخابات الرئاسية.

وقد استمر التوظيف في مناجم الفحم الأميركية بالتراجع طوال عقود من الزمن. وكان ذلك مدفوعاً بقوى السوق، وليس نتيجة السياسة البيئية في الولايات المتحدة. ويرجع هذا التطور إلى التخمة التي شهدتها أسواق الصلب العالمية والغاز الطبيعي الرخيص. ومع أن خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما حول الطاقة النظيفة لم تنطلق بعد فإن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أشارت إلى وجود مساعدة حكومية لهذه الغاية، وعرضت تقديم 30 مليار دولار على 10 سنوات.

ويعتبر الوضع أشد خطورة وأهمية في الصين، وهي أكبر مستهلك للفحم في العالم. وبعد سنوات من إضافة مولدات تعمل بالفحم وبوتيرة هائلة اعترفت حكومة بكين أخيراً بالتكلفة الصحية الناجمة عن ذلك وأمرت بوضع حدود تتعلق بإنشاء مصانع جديدة.