طابور التاكسي والحمض النووي

نشر في 18-09-2016
آخر تحديث 18-09-2016 | 00:20
 محمد الوشيحي كنت أنا وأحد الأصدقاء عند باب "دبي مول"، ننتظر سيارة أجرة لتقلنا إلى الفندق الذي نسكنه. كنا في طوابير من البشر تضم نحو مئة وخمسين شخصاً أو أكثر، وأمامنا مجموعة صغيرة من العاملين الهنود ينظمون عملية ركوبنا بسلاسة ويسر، عبر مسارات ثلاثة. وبسرعة وجدنا أنفسنا في التاكسي.

وقبل أن يتحرك التاكسي، التفت صديقي إلى سيل المنتظرين الذي لا يتوقف عن الحركة، وقال: "أقسم بالله لو أنك كلفت حكومتنا بترتيب عملية كهذه، فلن تتمكن من ترتيبها". ثم أضاف بعد أن التفت إليّ وعلى وجهه تبدو علامات الجدية: "سيدرجونها في مناقصة، وستفوز بها الشركة الفلانية (ذكرَ اسم اخطبوطية عُرف عنها الاستحواذ على غالبية مناقصات الحكومة، ثم لا تنفذ شروط المناقصات) بمبلغ يجعل النسور تقلم مخالبها بأسنانها، وستسلمها بدورها إلى شركة بالباطن بمبلغ لا يكاد يكفي لرواتب العمال، وستضطر "شركة الباطن" إلى زيادة دخلها بألف حيلة وحيلة، فتبتز شركة التاكسي، فتضطر الأخيرة إلى تقليل عدد سيارات التاكسي ورفع الأجرة على الراكب وتقليل راتب السائق، بل قد تتأخر عن دفع رواتب السواقين، وهكذا وهكذا وهكذا، فيغضب الناس، فينتشر طبالو الحكومة في الفضائيات ووسائل الإعلام يذكّرون الناس بالنعم التي هم فيها: "احمدوا ربكم ماكلين شاربين نايمين، فلا تبطروا على ما أنتم فيه من نعم، فتصبحوا مثل الليبيين والعراقيين والسوريين"، وندخل في ليلة طويلة.

وقبل أكثر من سنة، هاتفني: "وزارة الأشغال افتتحت (لفة فوق حدر)، وأكاد لا أصدق هذا الإنجاز"، ثم هاتفني ضاحكاً: "أغلقوها، وهذه هي الكويت الجديدة التي أعرفها"... وقبل نحو شهر، تماماً في يوم "افتتاح" المدينة المائية التي أذهلت يورو ديزني، هاتفته ساخراً: "أظنك لن تجحد هذا الإنجاز الذي أثبت ألا شيء مستحيل على هذه الحكومة العظيمة"، فقال: "حتى هذه الألعاب البلاستيكية لن تصمد". وفعلاً تمت إزالة المدينة المائية الباهرة ليلة أمس.

وعن قضية فحص الحمض النووي قلت له: "الحكومة تعهدت بإنجاز المشروع على أكمل وجه، وتعهدت أيضاً بالحفاظ على سرية المعلومات"، فلم يرد علي، بل دخل في نوبة ضحك وسعال لا نهاية لها، ثم انتزع كلمتين من بين ضحكاته، ذكرني عبرهما بطابور التاكسي أمام "دبي مول". لكنني نبهته إلى أن هذا الفحص سيشمل المواطنين والمقيمين، أي سيشمل الأميركان والأوروبيين.

وللحديث بقية

back to top