لم يكن الوصول إلى هوية صاحب الجثة، التي عثر عليها فوق جزيرة "تيران" المصرية حتى الآن بحكم القضاء المصري، في حالة تحلل داخل "بدلة غطس" أمراً صعباً على الإطلاق، على الرغم من أن محمد سعد (37 عاما)، لم يكن يحمل أوراق هوية شخصية، وهو يسبح في مياه البحر الأحمر من "المملكة العربية السعودية" إلى مصر، إلا أن بلاغات وصرخات شقيقه لشرطة "شرم الشيخ"، المدينة الساحلية المصرية المطلة على البحر الأحمر، كانت سبباً في التعرف على هذا الشاب المصري الذي راح ضحية المرارة التي يعرفها كثير من المصريين في الغربة.

كانت خطة محمد سعد في الهروب من "الكفيل السعودي"، الذي طالبه بمبلغ "مليون ريال" سعودي، ما يعادل أكثر من مليوني جنيه مصري، عبر البحر الأحمر هي خلاص من رحلة شقاء طويلة، سافر خلالها إلى "المملكة الأردنية"، ثم إلى "المملكة العربية السعودية" التي استقر بها 7 سنوات، استطاع أن يجتاز خلالها مشكلات عدة، إلا أنه في العام الأخير، وبسبب مروره بوعكة صحية، أسند إلى زميل له مهمة الإشراف على بناء عقار، وبعد خروجه من المشفى، اكتشف أن صديقه لم يكن ملتزماً بالمواصفات الفنية للبناء، فطالبه "الكفيل السعودي" بمبلغ "مليون ريال"، منصوص عليها في التعاقد.

Ad

هنا، تعقدت الأمور في وجه محمد، ولم يرغب في دخول السجن الذي كان بديلاً لعدم سداده المليون ريال، فالشاب المصري لا يملك هذا المبلغ، لكنه وجد البحر طريقاً، مستغلاً قدرته على السباحة، حيث اختار النقطة الأقرب بين الحدود "المصرية -السعودية"، فارتدى "بدلة غطس"، واتصل بعائلته يخبرها أنه سيعود عائماً عن طريق جزيرة "تيران" التي تمكن من تحديد موقعها قبل البدء في الإبحار.

بعد عدة ساعات في البحر تحول محمد إلى جثة لاهثة، وحين انقطع الاتصال به لجأ شقيقه الذي كان ينتظره في شرم الشيخ لإبلاغ الشرطة للبحث عنه، لكن أحداً لم يعثر عليه إلا فريق من "القوات البحرية" وجد جثته عائمة الخميس الماضي، متحللة في ملابس الغطس، وأرجع السبب المبدئي للوفاة إلى المجهود البدني الشاق والعطش الشديد.

يشار إلى أن حكماً صدر من محكمة القضاء الإداري يونيو الماضي، قضى بأحقية مصر في امتلاك جزيرتي "تيران" و"صنافير"، المهمتين في البحر الأحمر، بعد توقيع الحكومة المصرية والسعودية اتفاقاً لترسيم الحدود بينهما، مطلع أبريل الماضي، نص على تنازل الحكومة المصرية عن الجزيرتين، وهو ما رفضه قطاع عريض من المصريين، وأدى إلى خروج أول تظاهرات ضد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.