شروق أمين تستحضر عبء الصراعات العربية
«غاليري أيام» في بيروت تستضيف معرضها «إنه عالم مجنون»
بعد انطلاقته الأولى في «منصة كاب للفن المعاصر» في الكويت (أحد أهم المساحات الفنية الرائدة في منطقة الخليج)، ينتقل معرض «إنه عالمٌ مجنون» للرسامة التشكيلية الكويتية شروق أمين إلى «غاليري أيام» في بيروت (17 سبتمبر- 5 نوفمبر)، ويضمّ لوحات هي الأحدث لها نفذتها بتقنية الـ «ميكسد ميديا»، تتنوع أفكارها بين الشؤون السياسية والاجتماعية.
تنظّم «غاليري أيام» في بيروت معرض «إنه عالمٌ مجنون» تحت إدارة الأمينة الزائرة مارتينا كورنياتي، التي سبق أن عملت مديرة فنية للحدث الفني الرسمي على هامش بينالي البندقية 2015 (في عين العاصفة الرعدية: ممارسات فنية صاخبة في العالم العربي وجنوب آسيا)، الذي سلط الضوء على مجموعة متنوعة من الفنانين المحترفين، من ضمنهم شروق أمين.«إنه عالم الرجل»، المعرض الأول لشروق أمين في بلدها الأم الكويت، نظمته منذ أربع سنوات بعدما واجهت مقصّ الرقابة من السلطات المحلية، ومنعها من عرض لوحاتها ما أثار جدلاً واسعاً، ذلك لغوصها في سلبيات بعض نواحي الحياة عند الخليجيين. تجسّد أمين في معرضها«إنه عالم مجنون» لوحاتها العادات الاجتماعية التي تتحكّم بالمنطقة، فضلاً عن الصدام المتكرر بين الثقافة الشبابية المتأثرة بالعولمة وبين الحياة التقليدية في شبه الجزيرة العربية، وتستحضر العبء الذي تخلّفه الصراعات العنيفة التي دمّرت أجزاء من الوطن العربي، والأوضاع المتدهورة لمدن متهالكة مع الإشارة إلى المشاكل الاجتماعية التي تؤثر في شعوب المنطقة.
تعكس عناوين الأعمال المختارة خلفيّة أمين في مجال الـ «إكفارفيس»، المنهج الذي يتأمّل العمل الفني من منظور أدبي، ومن الممكن بدوره أن يمنح رؤية جديدة للمادة. وهي استوحت عناوين لوحاتها من روايات مشهورة مع تحريف طفيف عليها، على سبيل المثال: نادي اللعبة والحظ «نادي البهجة والحظ- إيمي تان»، وكالة النساء المتحريات الثانية «وكالة النساء التحريات الأولى- ألكسندر ماكول سميث»، لمن يقرع السرير «لمن تُقرع الأجراس» إرنست همنغواي، وحرصت على اتباع هذا الأسلوب لتسهيل دخول المتفرّج في محتوى لوحاتها الثقيل، الذي يبدو كعالم بائس يسوده الدمار المتصاعد واللامبالاة المتزايدة. تعدّ التحديات التي تواجه النساء والأطفال الذين يعانون التعنيف السياسي بشكل يومي، موضوعاً محورياً في سلسلة لوحات أمين الجديدة، ومن ضمن المواضيع مشكلة زواج الفتيات القصّر اللواتي لا يملكن صوتاً يعبّرن به عن أنفسهن، إضافة إلى التفاوت السياسي والاقتصادي في الكويت، البلد الغني بالنفط، حيث يكمن التناقض بين تجارب المقيمين معدومي القيد مع العقلية الاستهلاكية التي تدير الثقافة الشعبية.
متعددة المناهج
شروق أمين رسامة تشكيلية متعددة المناهج، تتميّز بلوحاتها الجريئة والمتعددة المواد، لاقت معارضها استحسان النقاد في وطنها الكويت، كصوت رائد في مجال المرأة في الخليج العربي، ذلك أنها غالباً ما تناقش الفن مع السياسة بالإضافة إلى القضايا الاجتماعية التي تؤثر في المناخ الثقافي للمنطقة العربية. يحثّ تجسيد شروق أمين للجانب الخفي من المجتمع الخليجي والمثير للجدل أحياناً، المشاهدين على التفكير بقابلية تطويع القواعد الدينية ومفاهيم التقوى في المساحات العامة والخاصة وآثار العولمة، لافتة إلى وجود ثقافات فرعية مهمة. نتيجة لذلك تعد شروق أمين عضواً مؤثراً في جيل من الفنانين يعيد رسم معالم الثقافة البصرية في المنطقة العربية.تجمع أمين، من خلال مقاربة ما بعد حداثية لفن البورتريه، بين فن التصوير الفوتوغرافي والتشكيل، وتجسّد شخوصها المجهولة التي تنتمي إلى أجيال متفاوتة بأسلوب فكاهي تارة وساخر طوراً، وتكشف في الوقت ذاته تناقضات جوهرية في الدولة المحافظة وتبرز الهوة الثقافية للمجتمع العالمي في العصر الحديث.تعرض أمين لوحاتها منذ منتصف التسعينيات، وتقتنيها مجموعات خاصة وعامة في الشرق الأوسط، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية. عام 2014، نشرت غاليري «أيام» دراسة تلقي الضوء على عقدين من الزمن من أعمال شروق أمين.
التحديات التي تواجه النساء والأطفال موضوع محوري في لوحات أمين الجديدة
شروق أمين استوحت عناوين لوحاتها من روايات مشهورة
شروق أمين استوحت عناوين لوحاتها من روايات مشهورة