أعلنت الأمم المتحدة، أمس، تعليق قوافلها الإنسانية في سورية غداة استهداف شاحنات محملة بالمساعدات في ريف حلب الغربي، في وقت نفى كل من الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد والروسي مسؤوليته عن الاعتداء.

وتزامنا مع تعرض مناطق عدة في البلاد لقصف مدفعي وجوي كثيف، أعلن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إنه "في إجراء أمني فوري، علقت جميع القوافل بانتظار تقييم جديد للوضع الأمني" في سورية.

Ad

وقال لاركي "انه يوم قاتم جدا للعاملين الإنسانيين في سورية، لا بل في العالم"، مشددا على أنه "من المهم للغاية أن نتمكن من تبيان الوقائع من خلال تحقيق مستقل".

وتسبب قصف لقافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي أمس الأول في مقتل "نحو 20 مدنيا وموظفا في الهلال الأحمر السوري بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية حيوية من الشاحنات"، وفق ما أعلن الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.

ونعى الهلال الأحمر في حلب رئيس شعبته في أورم الكبرى، عمر بركات، إضافة الى عدد من سائقي الشاحنات وعمال تفريغ المواد الذين قضوا خلال القصف. وأعلن في بيان تعليق جميع أعماله في محافظة حلب ثلاثة أيام.

نفي النظام

وقال مصدر عسكري سوري، وفق تصريحات نقلها الإعلام الرسمي "لا صحة للأنباء التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام عن استهداف الجيش العربي السوري قافلة مساعدات انسانية فى ريف حلب".

ويأتي هذا النفي بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية أن "الطيران الروسي أو السوري لم ينفذ أي ضربة جوية على قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة في جنوب غرب حلب".

وجاء استهداف القافلة بعد ساعات من إعلان الجيش السوري انتهاء سريان الهدنة التي كانت مستمرة منذ أسبوع بموجب اتفاق روسي - أميركي.

وأظهرت صور التقطها مصور لـ "فرانس برس" في بلدة أورم الكبرى شاحنات خضراء اللون محملة بالمساعدات، وقد تبعثرت محتوياتها من صناديق وأكياس بيضاء. ويبدو في صور أخرى عبوات ادوية متناثرة على الأرض.

تشكيك روسي

وشكك المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال إيغور كوناشنكوف في أن تكون القافلة أصيبت في غارة جوية. وقال "درسنا بانتباه مشاهد الفيديو للناشطين المزعومين الموجودين على الأرض، ولم نجد أي مؤشرات إلى ضربات على الموقع بواسطة أسلحة". وتابع: "ليس هناك حفرة، وهيكل الآليات لم يتضرر ولم تتأثر بعصف ضربة جوية".

ويرى الجيش الروسي أن مقاطع الفيديو هذه التي لم يصورها الجيش الروسي لا تكشف سوى عن "نتيجة حريق اندلع كأنما بالمصادفة عند شن المتمردين هجوما ضخما في اتجاه حلب".

ووفق الجيش الروسي، فإن مقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا، قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) شنوا هجوما الاثنين في ريف حلب، "مدعوما بإطلاق نار غزير بالمدفعية والدبابات، وبقاذفات صواريخ متعددة من نماذج مختلفة". وكان "الكرملين" أعلن في وقت سابق أن الجيش الروسي يحقق في الحادث.

قصف

ميدانيا، تعرضت الأحياء الشرقية في مدينة حلب، أمس، لقصف مدفعي وجوي كثيف. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط أكثر من 27 برميلا على شرق المدينة خلال النهار، بعد قصف كثيف مساء امس الأول استمر حتى ساعات الصباح الأولى. وفي الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، تعرض حي الموكامبو للقصف. على جبهات أخرى، شهدت الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات عنيفة بعد ساعات على إعلان الجيش السوري بدء عملية واسعة ضد الفصائل المقاتلة.

وفي وسط البلاد، قال الناشط المعارض حسان أبونوح إن قوات النظام استهدفت بالمدفعية مدينة تلبيسة، إحدى أبرز معاقل الفصائل المعارضة في محافظة حمص.

وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، حلقت الطائرات الحربية في اجواء مناطق عدة، بينها مدينة سلقين التي تسيطر عليها "جبهة فتح الشام" المتحالفة مع فصائل مقاتلة.

اجتماع نيويورك

دبلوماسيا، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أن وقف إطلاق النار في سورية "لم ينته"، رغم استئناف القصف في هذا البلد، وذلك بعد محادثات مع روسيا وعدد من الأطراف الرئيسية المعنية بالملف السوري.

وقال كيري، في تصريحات مقتضبة للصحافيين أثناء مغادرته فندقا في نيويورك عقب لقاء المجموعة الدولية لدعم سورية، إن المحادثات ستستأنف مجددا في وقت لاحق من هذا الاسبوع.

وأكد مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا أنه لايزال هناك أمل في إحياء وقف إطلاق النار، الا أنه أقر بأن المشاركين في المحادثات اتفقوا على أنه في خطر. والتقت المجموعة التي تضم 23 بلدا برئاسة كيري ولافروف في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال المشاركون إن المحادثات كانت قصيرة ومتوترة.

وصرح وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، للصحافيين إن "الجو السائد كان أن أحدا لا يريد التخلي عن وقف إطلاق النار". وأضاف: "بصراحة فإن عملية كيري ولافروف هي المساعي الوحيدة الآن، وعلينا أن نعيدها الى مسارها".

وصرح وزير خارجية فرنسا جان-مارك إيرلوت بأن الاجتماع كان متوترا، إلا انه قال إن على الدول الأخرى أن تساعد موسكو وواشنطن الآن في التغلب على الخلافات. وقال: "لقد كان اجتماعا دراماتيكيا، وكان الجو العام كئيبا. هل يوجد أمل؟ لا أستطيع الإجابة عن ذلك بعد، لكن علينا أن نبذل كل ما بوسعنا".

وأضاف: "المفاوضات الأميركية الروسية وصلت الى حدها. والكثير لم يقل بعد. الروس والأميركيون لا يمكنهم أن يقوموا بذلك وحدهم".