بدأت القوات العراقية، أمس، عملية بمساندة قوات التحالف الدولي لاستعادة السيطرة على قضاء الشرقاط، آخر معاقل تنظيم "داعش" في محافظة صلاح الدين شمال بغداد، الذي تعد السيطرة عليه ضرورية للمضي باتجاه مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.

وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي عن العملية في كلمة متلفزة من نيويورك، عقب لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما، مضيفا أن القوات العراقية ستستعيد أيضا منطقتين في محافظة الأنبار.

Ad

وعبر أوباما بعد اللقاء عن أمله بإحراز تقدم في عملية الموصل بحلول نهاية العام، لكنه أشار الى أن المعركة ستكون صعبة، وقال إن بلاده ستحرص على عدم معاناة المدنيين.

اجتماع عسكري

جاء ذلك، في وقت عقد اجتماع عسكري أميركي - عراقي - كردي رفيع المستوى في أربيل أمس الأول، ناقش تقسيم الأدوار خلال معركة الموصل، بما في ذلك القوى التي ستشارك في العملية. وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، أعلن قبل أيام أن مشاركة قوات "الحشد الشعبي" الشيعية المثيرة للجدل في المعركة تحتاج الى اتفاق سياسي، ورد "الحشد" على هذه التصريحات، مؤكدا انه لا يحتاج إلى موافقة أحد إلا رئيس الحكومة.

إلى ذلك، أعلن ممثل إقليم كردستان في باريس، أمس، أن فرنسا وضعت قوة مدفعية قرب القيارة للمساندة في تحرير الموصل.

البغدادي

إلى ذلك، أفاد مصدر محلي في محافظة نينوى، أمس، بأن اضطرابات هزت مدينة الموصل أرغمت زعيم تنظيم "داعش" أبوبكر البغدادي على الخروج من المخبأ الذي يتوارى فيه بأحد أحياء المدينة.

وقال المصدر، إن البغدادي التقى "مواطنين مدنيين في حي الرسالة"، وإنه كان يستقل سيارة دفع رباعي بيضاء اللون وتحيطه ثلاث مركبات مدججة بالمسلحين يرتدون زيا أسود وعدد من الملثمين في ظهور هو الأول من نوعه في الموصل منذ أشهر طويلة.

حفر خندق

وتبين أمس أن تنظيم داعش يحفر خندقا حول الموصل في شمال العراق، وسقطت المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة في قبضة التنظيم المتشدد في عام 2014 في تقدم خاطف، وسيكون الهجوم لاستعادتها أكبر معركة يخوضها التنظيم.

وعمل التنظيم جاهدا هذا الشهر على حفر خندق باتساع مترين حول المدينة، ووضع خزانات نفط بالقرب منها لعمل نهر من النيران يعطل تقدم القوات ويحجب الرؤية عن طائرات الاستطلاع وفقا لما ذكره مسؤولون عسكريون عراقيون كبار وسكان من الموصل ومسؤولون محليون خارج المدينة.

وتشير أنشطة التنظيم في الفترة الأخيرة إلى أنهم سيتشبثون بالمدينة ويخوضون معركة طويلة ودموية قد تؤدي إلى تشريد أعداد كبيرة من المدنيين.

وقال المتحدث باسم قوة مكافحة الإرهاب، صباح النعماني، إن "خنادق النفط والأنفاق والهجمات الانتحارية لن تنقذ داعش من الهزيمة، لكنها ستجعل من المعركة أكثر صعوبة".

وهناك منفذ من الخندق على مشارف المدينة من جهة الغرب، ليتمكن المقاتلون من التسلل عبره إلى الصحراء وإلى سورية لتوحيد صفوفهم إذا ما قرروا في نهاية الأمر تسليم الموصل.

وقال المحلل واللواء السابق بالجيش العراقي جاسم البهادلي إنه مع بقاء العديد من سكان المدينة بداخلها أصبح المدنيون مصدر قلق للذين يخططون للهجوم المزمع. ويزيد وضع مستودعات النفط حول مناطق سكنية من خطر أن تضرم غارات جوية نيرانا ضخمة فيها.

وأضاف: "نحن واثقون بأن داعش سيقاتل حتى آخر عنصر من عناصره لكي يبقى في الموصل".

وإضافة إلى الخندق أظهرت صور التقطها السكان أن المتشددين أغلقوا أحياء في وسط المدينة بإقامة جدران أسمنتية فوق بعضها البعض في الطرق الرئيسة.

وقال مسؤولون محليون وسكان إن عشرات الشاحنات شوهدت في وقت سابق هذا الشهر تحمل حواجز مماثلة إلى المطار على المشارف الجنوبية للبلاد والتي قد تكون نقطة دخول للقوات المهاجمة.

وقال العقيد في الجيش العراقي، محمد عدنان الطائي، إن المتشددين يستخدمون الجدران لجعل مطار الموصل غير مؤهل لهبوط طائرات فيه.

شبكة الأنفاق

من جانبه، قال عضو المجلس المحلي عبدالرحمن الوكاع إن تكتيكات "داعش" تشير إلى أن التنظيم يعمل جاهدا على تعطيل تقدم القوات الحكومية. ويقول شهود من الموصل إن المتشددين يعملون جاهدين على شق الأنفاق، وهو أسلوب استخدموه في السابق في شن هجمات على القوات العراقية وتخزين الإمدادات والاختباء من الغارات الجوية.

وقال أحد السكان من حي سومر بجنوب شرق الموصل: "استطيع أن أرى الدواعش يحفرون الأنفاق في كل مكان ويغطون مداخلها بأغطية المجاري. الحي الذي يقع فيه بيتي أصبح جزءا من شبكة أنفاق تمتد إلى الأجزاء الأخرى من المدينة".

وأشارت لقاءات عبر الانترنت مع خمسة من سكان الموصل بعضهم مازال داخل المدينة إلى أن التنظيم يحكم قبضته، في محاولة لتجنب الاستياء الشعبي والانتكاسات العسكرية، بما في ذلك اغتيال كبار القادة.

وزادت عمليات تفتيش المنازل في الشهرين الماضيين لملاحقة مقاتلين أعلنوا ولاءهم للتنظيم، لكن يبدو أنهم انشقوا.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، إن عناصر المخابرات في الموصل تقدم إحداثيات دقيقة لمواقع التنظيم لتنفيذ اغتيالات ضده.

قطعة أرض

في سياق آخر، أعدت حكومة إقليم كردستان خطة لتوزيع قطعة أرض سكنية لكل مقاتل من قوات "البيشمركة" مشارك في القتال ضد "داعش".