يتمتع اليساري جيريمي كوربن بفرص كبيرة لإعادة انتخابه غدا رئيسا لحزب العمال البريطاني، نتيجة استمرار عدد كبير من الناشطين في تأييده، وخلافا لإرادة القيادة، ما من شأنه أن يترك أزمة الحزب المستمرة منذ سنة مشرعة على كل الاحتمالات.

ويلقى القيادي تقديرا كبيرا من قبل مؤيديه الذين انضم 300 الف منهم الى حزب العمال منذ صيف 2015، لإنشاء أكبر حزب في أوروبا.

Ad

وسيعرف حزب العمال الذي انتقل الى المعارضة منذ 2010 ويعقد مؤتمرا في ليفربول، من سيتولى قيادته في أوج الأزمة التي تهزه: هل هو كوربن المناضل الراديكالي (67 عاما) أو أوين سميث (46 عاما) النائب عن ويلز الذي لا يتمتع بشهرة كبيرة؟

ويتمتع جيريمي كوربن بفرص كبيرة على ما يبدو لإعادة انتخابه، لأن صوت كل من أعضاء الحزب الـ 550 الفا، لا يقل أهمية عن صوت أي نائب. وبالتالي، يتمتع بطل التصدي لسياسة التقشف، بدعم النقابات التي أسست الحزب في 1900.

من جهته، قال استاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن تيم بايل: "شهدنا كثيرا من الأمور التافهة في 2016"، ملمحا بذلك إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: "لكن خسارة جيريمي كوربن سيكون مفاجأة كبيرة أيضا"، فيما يعطي الاستطلاع الوحيد المتوافر للرأي داعية السلام 68 في المئة من الأصوات.

ويقول المحللون ان هذه العودة الى نقطة البداية، ستؤدي بالتأكيد الى تمديد الازمة التي يتخبط فيها حزب العمال منذ هزيمته أمام المحافظين في الانتخابات التشريعية في 2015، وحتى الى تهديد وجود الحزب نفسه.

وقال تيم بايل: "لا يمكن أن نستبعد حصول انشقاق".

ويبدو عمليا أن من المتعذر إيجاد حل للمشكلة. ففي حين يحصل جيريمي كوربن على تأييد الناشطين، يعرب معظم النواب وأكثرية من كوادر الحزب عن كراهيتهم له. وتؤكد ذلك استطلاعات الرأي، فهم يعتبرون أن سياسته اليسارية المتطرفة لا تساعد في عودة حزب العمال الى تولي زمام الحكم.

والحفرة الكبيرة منذ البداية، باتت هوة عندما صوت البريطانيون مؤيدين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو. ووافق النواب الذين أغضبتهم سلبية كوربن على مذكرة لحجب الثقة بأكثرية ساحقة بلغت 172 صوتا من أصل 230.

واستقال ايضا 20 عضوا في حكومة الظل، وهي حكومة مفترضة للمعارضة، تعبيرا عن استيائهم أيضا.

وقال المتخصص في شؤون حزب العمال في جامعة نوتينغهام ستيفن فيلدينغ إن "انقلابا بهذا الحجم كان يفترض أن يحمل معظم القادة على الاستقالة"، باستثناء جيريمي كوربن الذي يقول إنه لا يريد خيانة ثقة الناشطين.

وما يثير قلق الحزب، هو أن شخصه ومشروعه لتفجير ثورة ديمقراطية، لا يشكلان على ما يبدو مصدر وحي كبير للجمهور.

وقال الزعيم السابق نيل كينوك (74 عاما) في تحقيق تلفزيوني، "إذا لم يتغير الوضع سريعا وبصورة جذرية، فلن أرى بالتأكيد حكومة عمالية في حياتي".

واعتبر تيم بايل انه "اذا ما أعيد انتخاب كوربن، فلن يعود حزب العمال الى الحكم قبل 2030 على الأقل".

ويوجه الى كوربن تهمة تشجيع ناشطين من اليسار المتطرف على التسلل الى الحزب. وقال إن ماركسيين قدامى وعناصر من أنصار حماية البيئة قد التقوا في حركة "مومنتوم" التي تلتهم مثل "الطفيليات" حزب العمال من الداخل من أجل تحويله شيئا جديدا.

ويبدي عدد كبير من النواب العماليين استياءهم من هذه الإمكانية، وانصرفوا الى التفكير في إنشاء حزب جديد من وسط اليسار.