فاطمة عبدالرحيم: لا أتعمّد استفزاز الجمهور بأدواري
الفنانة البحرينية ترى أن الدراما ليست للوعظ بل للمتعة
تتميّز الفنانة البحرينية فاطمة عبدالرحيم بقدرتها على قراءة الشخصيات التي تجسدها لما تملكه من خبرة طويلة في التمثيل، بدأتها منذ كانت طفلة شاركت في أعمال مسرحية للأطفال في مملكة البحرين. والآن هي نجمة، ليس في البحرين فحسب أنما في الخليج كله بما تقدّمه من رصيد فني حافل بأعمال تلفزيونية كثيرة، أبرزها «بحر الحكايات»، و«نيران»، و«أخوة الشر»، و«حنين»، و«الساكنات في قلوبنا»، و«باب الريح» أخيراً، وبمسرحيات عدة من بينها «العصابة في الوادي»، و«دايخ في زمن بايخ» و«خفيف خفيف» أخيراً، وأفلام سينمائية هي «الزائر»، و«حكاية بحرينية»، و«مريمي» أخيراً، فضلاً عن أنها فنانة تتمتع بجرأة شديدة في اختيار شخصيات يعتبرها البعض مثيرة. ذلك كله، من منطلق حبها للفن ورغبتها في عدم تأطيرها في نمط تمثيلي واحد... ألتقيناها فكان معها الحوار التالي.
حدثينا عن أخر مشاريعك الفنية.أنا في مرحلة قراءة عدد من النصوص الدرامية الجديدة، ولم أستقر على واحد منها بعد. كنت خلال الفترة الماضية شاركت في بطولة مسرحية في مملكة البحرين بعنوان «خفيف خفيف»، وهي عبارة عن لوحات فنية منفصلة تضمّ عدة اسكتشات ولوحات استعراضية ناقشنا من خلالها قضايا اجتماعية مهمة في المجتمع الخليجي، إنما من خلال أسلوب كوميدي هادف. وهي من تأليف اسحاق عبدالله وحسن العويناتي وإخراجهما، وشارك في بطولتها عدد كبير من النجوم أمثال: سعاد علي وصابرين بورشيد وسامي رشدان وآخرون.
اتهامات كثيرة
كيف تجدين ردود الفعل التي رافقت عرض مسلسلك «باب الريح»، خصوصاً ما يتعلق بمشهد تقبيل القدم؟وصلتني ردود فعل واتهامات كثيرة تقول إنني تعمدت تسريب هذا المشهد ، فيما يعرف معظم المتابعين لي عبر حسابي على «انستغرام» أنني كنت أعرض مشاهد أخرى عدة حُذفت من العمل. لكنني فوجئت بأن مشهدي مع الفنان علي كاكولي هو الوحيد الذي استفزّ الجمهور.هل ناقشتم كفريق أسباب منع بعض المشاهد؟نعم. كانت وجهة نظر المسؤول في القناة حيث عُرض العمل أن المشاهد التي أقدمها جريئة وتحمل إساءة إلى المرأة عموماً. إلا أنني لم أقتنع بهذا الرد لأن المشاهد تأتي في السياق الدرامي للشخصية، وهو لامرأة تعامل بطريقة سيئة من أهل «الفريج» حيث تسكن، ومنبوذة منهم بسبب امتهانها الرقص في الأعراس، بل وأشاعوا أنها فتاة ليل بينما هي ليست كذلك في الحقيقة. كذلك حرمت من ابنها. من ثم كانت هذه المشاهد التي حُذفت مبررة درامياً. للأسف، كثيرون يحاسبوننا على أساس أننا نعيش في المدينة الفاضلة. في الأحوال كافة، أنا سعيدة بتجربتي في المسلسل. وكنت قدمت عام 2010 الشخصية نفسها من خلال فيلم سينمائي بحريني قصير بعنوان «مريمي» لمخرج المسلسل نفسه علي العلي، وجسد شخصية «عثمان» الفنان البحريني جمعان الرويعي، في حين أدّاها في المسلسل الفنان الكويتي علي كاكولي. شاركنا بالفيلم في مهرجانات عدة، أبرزها مهرجان دبي السينمائي، حيث حصلت على شهادة تقدير كأفضل ممثلة عن دوري. ولكن لأن غالبية الجمهور لا تتابع الأفلام السينمائية كان رد الفعل حول الشخصية أكبر عندما عُرض المسلسل.في الحقيقة، مشاهد شخصيتي في العمل رئيسة في غالبيتها، وتطلّب كل منها جهداً وتركيزاً ليخرج بأفضل صورة. حتى أن منزلي حيث كنت أعيش في العمل كان متعباً جداً بالديكور والإضاءة ليتلاءم مع أجواء الشخصية.شخصيات خيالية
كيف تقيّمين رأي بعض النقاد داخل الكويت بأن دراما رمضان لهذا العام كانت مكررة؟على العكس، شاهدنا أعمالاً جديدة في طرحها مثل «ساق البامبو» للفنانة الكبيرة سعاد عبدالله، و«جود» للفنانة هدى حسين، كذلك «باب الريح» الذي تضمّن شخصيات خيالية ولكنها تلامس الواقع، وتميّز بطرحه الجريء. فعلاً تابعت من خلال هذه الأعمال الدرامية موضوعات جديدة وطرحاً مغايراً.ما ردك على من يتهمك بأنك تتعمدين استفزاز الجمهور عبر تقديم أدوار جريئة؟هذا الكلام غير صحيح، لأنني أقبل الشخصيات الفنية الصعبة بدافع حرصي على تقديم عمل فني ممتع للمشاهد، في حين لا أستمتع عندما أقدّم دور فتاة أو امرأة عادية، وكثيراً ما اعتذر عن أدوار فنية لا أشعر بها. لكنني رغم ذلك لا أتعمّد استفزاز الجمهور أبداً. لأنني أحب تجسيد الأدوار المركبة والصعبة وأرفض تأطيري في نمط تمثيلي واحد، تجد أن أعمالي الفنية ليست كثيرة على مدار العام. ولكن عندما أقدم عملاً فنياً يكون مؤثراً ويترك بصمة لدى الجمهور. عموماً، أتأنى في اختياراتي الفنية ومرتاحة بذلك.شخصية مسالمة
لماذا نسمع بين الحين والآخر عن مشاكل وهجوم بينك وبين زملائك في الوسط الفني؟ على العكس. أنا شخصية مسالمة جداً، ولكن ثمة أمور مادية مع بعض المنتجين وهي ليست خلافات.هل أنت راضية عن أجرك؟لست راضية عن أجري إطلاقاً.هل تعانين مساومات المنتجين حول أجرك؟للأسف، المنتجون كلهم يساومون على أجر الفنان، والمشكلة أنها مساومة على تعبه.هل تؤثر هذه المساومات سلباً في إبداعك؟لا ينظر كثير من المنتجين إلى الأمور الفنية والإبداعية، وكل ما يهمهم بيع العمل. أصبحوا بخلاء في انتقاء الجودة، ويستسهلون الاستعانة بنجمات مواقع التواصل الاجتماعي رغم عدم موهبتهن في مجال التمثيل، فهم هنا لا ينظرون إلى عمق الشخصية الفنية، في حين كان المنتج سابقاً يتعب كي يحظى بتعاون مع فنانة مبدعة تضيف إلى العمل الفني. شخصياً، أقرأ النص أكثر من مرة، وأبحث عن زوايا مؤثرة في مسيرة الشخصية، فتتكون لدي رؤية فنية متكاملة عن دوري.تحصيل حاصل
هل أنت ضد الاستعانة بنجمات مواقع التواصل الاجتماعي؟لا مشكلة في الاستعانة بهن، ولكن أقصد أن المنتج لم يعد يتعب نفسه للتعاون مع فنان بعينه يضيف إلى العمل من خبرته وإبداعه، إلا في حالة خاصة، عندما يتفق المخرج والمنتج على اسم معين، تجدهما يحرصان عليه، وتكون بقية الأدوار تحصيلاً حاصلاً.من المخرج أو المنتج الذي تشعرين براحة للعمل معه؟المخرجان اللذان ارتاح للتعاون معهما السوري باسل الخطيب والبحريني علي العلي. أشعر بلغة تفاهم بيننا، خصوصاً أن ثمة مخرجين لا يسمحون للممثل بمناقشتهم في أداء المشاهد رغم أن الداراج الآن العمل بنظام الفريق. إنتاجياً، أحب التعاون مع الفنان أحمد الجسمي لأنه يتمتع بشخصية مريحة في التعامل مع الآخر، وأمين وصادق وملتزم ويقدر الفنان الذي يعمل معه. كذلك يهمني التعاون مع الفنان منقذ السريع الذي يراعي نفسية الفنان ويقدّر ظروفه الخاصة.متى تزوريننا في الكويت؟لا غنى عن الكويت، فهي بلدي الثاني وفي قلبي وعقلي دائماً.الفن بين التعليم والمتعة
تحدثت الفنانة فاطمة عبدالرحيم أثناء الحوار عن رأيها في أن يكون الفن منصة للتعليم، فقالت: «كفنانة أعمل في مجال التمثيل منذ سنوات، وتعديت مرحلة البحث عن الانتشار، وعن رسالة في العمل، أرى أن ليس على الفن أن يقدم أعمالاً تربوية أو تعليمية أو تثقيفية، فنحن مثلاً نرتاد دور العرض السينمائي وندفع ثمن التذكرة لأجل المتعة وليس لأمر آخر».تتابع: «أعتقد أننا لو تعاملنا مع الفن كمتعة سنقدم أعمالاً أكثر بهجة للجمهور، لأنني أؤمن بأن الدراما التلفزيونية ليست للتربية والتعليم والوعظ، وأرى أن الأهم أن يؤدي الممثلون دورهم بإحساس وليس بالضرورة أن يكون محاكاة للواقع، لأن الأخير قاس ومرير. مثلاً، قال كثير من الجمهور إن شخصيتي في مسلسل «باب الريح» ليست من الواقع الخليجي، وأنا أرد بأن ليس بالضرورة أن أجسد شخصيات واقعية، بل أن أقدّم فناً ممتعاً». تضيف: «حتى لو تحدثنا عن الواقع وعدنا إلى الوراء، سنجد أن الشخصية التي جسدتها وُجدت في الواقع الخليجي سابقاً، وهي حاضرة اليوم من خلال أشكال مختلفة تساير العصر. ولو تمعنا في الحفلات والجلسات الغنائية الشعبية القديمة نلاحظ أن فيها فتيات ونسوة يرقصن، فمهنة الرقص موجودة منذ القدم في منطقة الخليج، كما أن الرقص في حد ذاته تعبير عن فرح وسعادة، ونحن نرقص في الأعراس والحفلات، وعندما يود المرء الاستمتاع بوقته فأنه يرقص كذلك، سواء كان رجلاً أو شاباً أو امرأة أو طفلاً، وأؤكد لك أن الكل يرقص سواء في السر أو في العلن».