بئر المخدرات... لماذا يسقط الفنانون فيها؟
تعود علاقة الوسط الفني بالمخدرات إلى زمن بعيد، فطالما سمعنا عن تعاطي كثير من الفنانين هذه المادة السامة وإدمانها، مما أثر سلباً في مستقبل معظمهم، حتى أن بعضهم تُوفي متأثراً بجرعة زائدة.
تطول قائمة الفنانين المدانين بالإدمان، وكان آخرهم مدحت تيخة، الذي ألقي القبض عليه أخيراً في كمين بمدينة السادس من أكتوبر بمصر، وفي حوزته قطعة حشيش. وكانت سبقته دينا الشربيني بعد القبض عليها داخل إحدى الشقق في منطقة الزمالك، ومعها مواد مخدرة، واعترفت باعتيادها شراء كوكايين من هذه الشقة، وتمت إدانتها وقضت مدة حبسها داخل السجن.الأمر نفسه حدث مع أحمد عزمي الذي ضبطته إحدى الدوريات الأمنية في منزله بمدينة شرم الشيخ وفي حوزته غرامات من الكوكايين والحشيش، فدخل السجن ثم خرج أخيراً بعد قضاء مدة عقوبته.
فنانون راحلون
لم يسلم أيضاً بعض الفنانين الكبار الراحلين من هذه الآفة. قُبض على سعيد صالح في الإسكندرية عام 1995 ومعه مخدر الحشيش، فحكم عليه بالسجن لسنة، فيما ألقي القبض على حاتم ذو الفقار أكثر من مرة محتفظاً بالهيروين في شقة صديق له يتاجر بالممنوعات، بينما تحفظت النيابة على الفنان سناء شافع لمدة أربعة أيام بالقضية نفسها، إلا أنه أنكر تعاطيه المخدرات، وقال إن رجال المباحث لفقوا له التهمة.أما مجدي وهبة فتوفي في 4 فبراير 1990 في إثر هبوط حاد في القلب، وترددت أنباء وقتها عن أنه تناول جرعة عالية من المخدرات أحدثت له هبوطاً حاداً في الدورة الدموية، خصوصاً أنه ضُبط في إحدى المرات يتعاطى الأفيون في سيارته، ولكن أخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة. كذلك رحل المطرب عماد عبد الحليم بعدما تناول جرعة زائدة من المخدرات.وجهات نظر
نقيب المهن التمثيلية في مصر الفنان أشرف زكي لفت إلى ثقته في زميله مدحت تيخة الذي أقسم له ببراءته من التهمة المنسوبة إليه، مشيراً إلى أن دور النقابة مساعدة أبنائها في أوقات المحن، خصوصاً أن تيخة ما زال متهماً وليس مداناً. وبسؤاله عن الإجراءات المتوقعة في حال ثبوت إدانة تيخة أكد زكي أن لكل حادث حديثاً.من ناحيته، نفى المنتج محمد العدل وجود صلة بين الفن وبين الإدمان، مشيراً إلى أن من يتجه إلى الأخير يكون ضعيف الإرادة، رافضاً تعميم الاتهام «أن غالبية الفنانين مدمنون». وأشار إلى أن الإجراءات التي اتخذتها النقابة بمنع بعض الفنانين المدانين بالإدمان كانت قاسية، لا سيما أن دورها أن تحتضن أبناءها وتساعدهم على تجاوز الأزمات والكبوات، وألا تعترض مسيرتهم المهنية.من جانبها، أكدت أستاذة الطب النفسي الدكتورة فيفيان أحمد فؤاد ألا علاقة بين الإبداع وبين الإدمان، كما يدعي بعض المدمنين، مشيرة إلى أن الفنانين فئة عادية جداً في المجتمع فيها الصالح والطالح، من ثم يتعاطى بعض الفنانين المخدرات على عكس فئة أخرى لا تدخن حتى السجائر.تابعت فيفيان: «تعتمد سلوكيات الفنانين وأي شخص في المجتمع على مجموعة محددات من بينها التربية وطريقة التفكير وكيفية التعامل مع الأزمات»، مشددة على أن من يقول إن المخدرات تساعده على الإبداع يحاول أن يبحث لنفسه عن سبب لإدمانه، موضحة أن معظم الفنانين لا يعانون أزمات مادية، وبالتالي فمن السهل عليهم شراء أية مادة مخدرة وتناولها مهما كان سعرها.وأوضحت فؤاد أن البعض منهم يتناول المخدرات باعتبارها إحدى أدوات الترفيه التي تساعده على قضاء وقت جيد، بالإضافة إلى تصوره الخاطئ بأن هذه الآفة هي إحد سبل الوجاهة الاجتماعية الحديثة، مضيفة: «تشجع تجمعات أهل الفن البعض على التعاطي على سبيل التجربة، ثم بعد ذلك يستمر في الأمر».ورأى الناقد الفني كمال القاضي أن جزءاً كبيراً من الفنانين لم يسلم من هذه الآفة. فرغم ثقافتهم ووجودهم بين الأوساط الراقية، فإن بعضهم يتناولها من باب مساعدته على السهر والقدرة على التركيز، مشدداً على أن هذا الزعم خاطئ من الأساس ولا يوجد له أي سند علمي لأن المخدرات تخرج الإنسان من تركيزه.قال القاضي: «يميل الفنان بطبعه إلى الخروج عن الأنساق الاجتماعية المعتادة، والإدمان أحد أشكال هذا الخروج»، موضحاً أن بعضهم يزعم أن المخدرات تساعده على تجديد حيويته وإنعاش ذاكرته وتقديم منتج فني أفضل رغم أن ثمة فنانين كثراً غير مدمنين، ومع ذلك يقدمون أعمالاً جيدة يضرب بها المثل.مدحت تيخة
أكد الفنان مدحت تيخة أنه لن يتحدث كثيراً في اتهامه بحيازة المخدرات، مشيراً إلى أنه سيترك الأمر برمته للقضاء المصري العادل لثقته التامة به، مشدداً على أنه قال في محضر الشرطة إنه لا يعرف شيئاً عن المخدرات المنسوبة إليه، مبدياً استغرابه من تهكم الكثير عليه رغم أن القضية ما زالت في بدايتها ولم يصدر حكم فيها حتى الآن.