«المتطرف» كوربن رئيساً لـ «العمال» البريطاني المقسم

نشر في 25-09-2016
آخر تحديث 25-09-2016 | 00:04
No Image Caption
أعيد أمس انتخاب اليساري الراديكالي جيريمي كوربن رئيسا لحزب العمال البريطاني، ما يترك هوة كبيرة بين قاعدة الحزب وقيادته، ويهدد حظوظ العماليين في العودة إلى السلطة سريعا.

واضطر كوربن للخضوع لتصويت جديد في وقت مبكر، بعدما صوت 172 من أصل 230 نائبا في حزب العمال في يونيو على مذكرة لحجب الثقة عنه، منتقدين تأخره في الدفع نحو منع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وبإعادة انتخابه بـ61.8 في المئة من الاصوات، يضيف كوربن الرافض للتقشف والمؤيد للهجرة نقطتين إلى رصيده الذي سجله العام الماضي، بفارق كبير عن منافسه الوحيد النائب عن ويلز اوين سميث (46 عاما).

وعلى وقع التصفيق، سارع كوربن الى دعوة حزب العمال إلى رص الصفوف، قائلا لمعارضيه أمام مؤتمر الحزب المجتمع في ليفربول: "فلنعمل معا من اجل تغيير حقيقي ولنفتح صفحة جديدة"، مضيفا: "ثمة في حزبنا ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا".

ومع إعلان النتيجة التي نقلت عبر شاشة عملاقة، احتفل نحو 750 من أنصاره الذين كانوا مجتمعين في مركز ثقافي بالمدينة.

وعلق براين تاورز (30 عاما) الذي اتى من مانشستر "أنا سعيد جدا. لم يربح فقط بل حسن نتيجته. نستطيع الآن أن نتصدى لسياسات التقشف".

وبفوزه، يضع كوربن حدا نهائيا لإرث رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير الذي أثارت سياسته الوسطية وقراره التدخل في العراق عام 2003 معارضة الآلاف من أعضاء الحزب.

ويعود فوز كوربن بشكل كبير الى الاعضاء الجدد في الحزب، فقد حصل 300 عضو جديد على بطاقاتهم الحزبية السنة الفائتة ليضاعفوا بذلك عدد أعضاء الحزب الذي اصبح الاكبر في اوروبا.

وأدى مشروع "الثورة الديمقراطية" والأفكار التي تميل الى أقصى اليسار لدى "الرفيق كوربن" الى جذب كثيرين، ما غذى اتهامات بتسلل ماركسيين قدامى وعناصر من أنصار حماية البيئة الى حزب العمال.

وقال الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد باتريك دونليفي: "في كل أنحاء اوروبا، شهدنا نشوء أحزاب مبنية على حركات ناشطين، مثل بوديموس في إسبانيا، أو النجوم الخمسة في إيطاليا، أو سيريزا في اليونان. ومع جيريمي كوربن يقترب حزب العمال من هذا الاتجاه".

أما المعتدلون المدعومون بنتائج استطلاعات الرأي فيعتقدون ان هذه الاستراتيجية ستؤدي الى بقاء حزب العمال في صفوف المعارضة على مدى سنوات عدة او حتى عقود.

وبالنسبة الى المحللين، فإن الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2020 ستصب في مصلحة المحافظين الموجودين بالسلطة، والذين يعتبرون في نهاية المطاف الفائز الحقيقي.

غير ان كوربن لا يوافق على ذلك اطلاقا. وقال: "سنقاتل من اجل الفوز في الانتخابات المقبلة عام 2020".

وبعد اعادة انتخابه، دعا الحزب الى توحيد صفوفه، وحض النواب الذين حجبوا عنه الثقة الى "احترام الخيار الديمقراطي".

وبحسب أوساط كوربن، فإن العديد من معارضيه يستعدون للعودة إلى صفوف الحزب تحت قيادته. لكن الشتائم والتهديدات المتبادلة أثناء الحملة الانتخابية قد تترك ندوبا عميقة.

ولا يبدو أن المصالحة كفيلة بحل مشكلة قائد لحزب العمال غير مرغوب فيه من القيادة، رغم تأييد الناشطين له. كما لا يبدو ممكنا التوفيق بين مواقف المعسكرين داخل الحزب في هذه المرحلة، حتى ان البعض يخشى على مستقبل الحزب. فالنواب المعتدلون المقتنعون بأن وجود كوربن يمنع عودة الحزب إلى السلطة، قد تغريهم فكرة الانفصال لخلق تيار جديد يساري وسطي.

لكن معظم المحللين لا يتوقعون مثل هذا السيناريو، على الأقل في المدى المنظور. ويقول توني ترافرز من كلية لندن للاقتصاد: "سيدخل البعض صفوف الحزب، فيما سيواصل آخرون التمرد. سيتحول حزب العمال الى عائلة تعسة تحاول التعايش".

وقد تؤدي أي هزيمة انتخابية مقبلة إلى تغيير في الحزب، علما أنه لا ضمانات تؤكد أن ذلك سيعني خروج كوربن ومؤيديه. ويقول ستيفن فيلدينغ من جامعة نوتنغهام "حرب الاستنزاف ستستمر".

back to top