أنتظرك
أردت أن أخبرك، أنت يا صديقَ ألمِك، أنني أفهمك، أنني أعرف تماماً ما تمر به، أكتب لك أذكّرك وأذكر نفسي أنه مثلما للألم بداية، فله نهاية كذلك، يتحول عندها إلى ومضة بعيدة، عصرة قلب سريعة، والزمن كفيل، سنصحو يوماً لنكتشف أن الانتظار انتهى.
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
تسمح للألم أن يغمرك، تفسح له أن يمر في أحشاء أحشائك، تعاقب نفسك به، تقول أنك لا تستحقه، تشعر أنك تستحقه، تحلم بما كان يجب أن يكون وما كان. وعندما يخفت صوت الألم تناديه، تفتقده، لا تعرف كيف تسير حياتك دونه. لا تغادر أيها الألم، تستصرخه، فأنت راحة الضمير، أنت العذاب الذي أستحق، أعرف كيف أعيش معك وبك، ولا أعرف كيف أستمر دونك، فعلى إيقاعك تمر الأيام، وبدونك تتكون في الروح فجوة لا تمتلئ، وجودك أفضل من العدم، حرقتك أهون ألف مرة من اللاشيء الذي تخلفه عندما تغادر متخلياً عن النفس التي تسكن والقلب الذي عليه تتغذى وبنبضه ودمائه تحيا وتستمر.من أنت عندما يعرٍف الألم حياتك، عندما تصبح أنت هو وهو أنت؟ هل أنت إنسان تحمل ألماً أم ألم تشكل في هيئة إنسان؟ وقع القدر وقرر الوجود، أنت وألمك صحبة، يعطي لحياتك معنى، يريحك بشكل ما، يخفف من شعورك بالذنب، يطهرك، يعرٍفك، يصبح ونيسك في الليالي التي لا تنامها، ويصبح وليفك في الصباحات التي لا تستطيع أن ترى نورها. أحياناً يبدو نقمة وأحياناً يبدو رحمة، ولكن المؤكد أنه موجود، مع كل نبضة تنبضها ونفس تسحبه وضحكة تغتصبها ونفي تؤكده وسعادة تمثلها، هو هناك في أعماقك يتربص بك، وأنت هنا تدرك تربصه وتنتظره بدموعك... مُرحِباً.أردت أن أخبرك، أنت يا صديق ألمك، أنني أفهمك، أنني أعرف تماماً ما تمر به، أكتب لك أذكرك وأذكر نفسي أنه مثلما للألم بداية، فله نهاية كذلك، يتحول عندها إلى ومضة بعيدة، عصرة قلب سريعة، والزمن كفيل، سنصحو يوماً لنكتشف أن الانتظار انتهى، وأن الألم لن يعودنا ضيفاً ثقيلاً، وأن مروره سيكون مرور كرام غرباء، فنسامح أنفسنا ونسامح الدنيا... فلننتظر.