القضاء يؤيد «مراقبة محدودة» لوسائل التواصل الاجتماعي
• الحكومة تتشدد ضد الهجرة السرية... والسيسي يوجه بملاحقة المهربين
• مساعٍ لحل الأزمة مع روسيا
في وقت تصاعدت المخاوف من ملاحقة أجهزة الأمن لنشطاء مواقع التواصل، بدأت الدولة المصرية التحرك لمواجهة تداعيات غرق مركب هجرة غير شرعية، إذ ناقشت الحكومة أمس، مشروع قانون لمواجهة هذه الهجرة، غداة إعراب الرئيس السيسي عن أسف مصر لوقوع الحادث، الذي أسفر عن وفاة 167 شخصاً على الأقل.
في وقت يواجه النظام المصري انتقادات في ملف حقوق الإنسان، واتهامات بالتضييق على الحريات العامة، بدأت أجهزة في الدولة التحرك للتضييق على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا "فيسبوك" و"تويتر"، بعدما أوصت هيئة مفوضي الدولة في مجلس الدولة، بتأييد قرار وزير الداخلية، مراقبة محدودة لمواقع التواصل، في ضوء مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار مخاوف واسعة من استغلال الأجهزة الأمنية للسلطة المحدودة وتوسيعها لملاحقة نشطاء الفضاء الإلكتروني.ولم يخف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استياءه من مواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من تصريح، كان آخرها خلال حديث صحافي مع شبكة "سي إن إن" الأميركية وبثته الأخيرة السبت الماضي، مؤكدا أن شركات "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل" عليها فعل المزيد لمواجهة خطر استخدام الإرهابيين لمواقع التواصل الاجتماعي، وشدد على أن هذا ليس قيدا على الحريات، لكنه برر مطلبه بأن "الخطر كبير".وأوصت هيئة مفوضي الدولة بتأييد قرار وزير الداخلية، وذلك وفقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، ما دفع أحد المصريين إلى رفع دعوى قضائية مختصما وزير الداخلية ووزير المالية بصفتيهما، للمطالبة بإلغاء قرار وزير الداخلية.
وبينما قال مصدر مصري مسؤول لـ "الجريدة"، إن رأي هيئة المفوضين استشاري، وسيعرض على محكمة القضاء الإداري ليكون لها القول الفصل، أكد مصدر أمني أن الهدف من المشروع "التعرف على الأشخاص الذين يمثلون خطرا على المجتمع، بعدما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للشائعات والمعلومات المغلوطة، فأصبح من الضروري العمل على الحفاظ على كيان الدولة، وذلك دون المساس بالحريات التي كفلها الدستور".وكشف مصدر رفيع المستوى لـ "الجريدة"، أن وزارة الداخلية طبقت نظام المراقبة الإلكترونية منذ ثلاثة أشهر بالفعل، وأن الأجهزة المعنية قامت بعملية تجريبية لمراقبة عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة حسابات عناصر تنتمي لجماعة "الإخوان" الإرهابية، كما راقبت الجهات الأمنية حسابات خاصة على موقع "تويتر" لمصريين انضموا لتنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك تحسبا لقيامهم بأي عمل إرهابي داخل مصر، مشددا على أن عمليات المراقبة تمت في أضيق الحدود.
مخاوف التضييق
تحركات القاهرة المعلنة للتضييق على الفضاء الإلكتروني، فجرت مخاوف قطاعات من النشطاء السياسيين من مصادرة المجال العام وإطلاق حملة جديدة لتكميم الأفواه، إذ شدد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة، على أن رقابة "الداخلية" لمواقع التواصل، تعد نوعا من أنواع الرقابة المحظورة في أغلب دول العالم، نظراً إلى انتهاكها حقوق الأفراد ومبدأ الخصوصية.وقال الناشط الحقوقي المحامي طارق العوضي، إن المحكمة الإدارية غير ملزمة بتوصية هيئة المفوضين، مؤكدا أن القانون يمكن ألا يتعارض مع حرية الأفراد في حال تطبيقه بشكل صحيح على كل من يطلق دعوات تحريضية ضد منشآت أو أفراد، أما في حال استخدام القرار الجديد لمصادرة الآراء المختلفة للنظام السيسي فسيعد ذلك "انتهاكاً صارخا لمجال حقوق الإنسان والحرية الفردية".الهجرة السرية
يأتي ذلك فيما تتواصل عمليات البحث عن الجثث، بعد 5 أيام من كارثة غرق مركب هجرة سرية (غير شرعية) بالقرب من مدينة رشيد الساحلية على البحر المتوسط، ارتفع عدد الغرقى إلى 167 بعد انتشال جثتين أمس، وتواصل قوات الإنقاذ البحري جهودها لانتشال جثث بقية ضحايا المركب التي كانت تقل أكثر من 400 شخص.وبدأت أجهزة الدولة المصرية تحركاتها، بعدما اجتمع الرئيس السيسي مع اللجنة الأمنية المصغرة، بحضور رئيس الحكومة شريف إسماعيل، أمس الأول، لاستعراض الموقف بالنسبة إلى حادث غرق مركب الهجرة غير الشرعية.وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، علاء يوسف، بأن الرئيس السيسي أعرب خلال الاجتماع عن أسف مصر، قيادة وشعبا، لوقوع مثل هذه الحوادث التي تتسبب في إزهاق الأرواح، موجها الأجهزة المعنية لملاحقة المتسببين في الحادث، وتكليف الحكومة التنسيق مع مجلس النواب لإنهاء الإجراءات المتعلقة باعتماد قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية.قانون الهجرة
توجيهات السيسي عرفت طريقها إلى التنفيذ سريعا، إذ نفى وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المستشار مجدي العجاتي، ما تردد عن تقاعس الحكومة في مكافحة عمليات الهجرة غير الشرعية، مؤكدا في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن الحكومة تنبهت مبكرا لهذه المشكلة، وسارعت إلى إنشاء اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وأعدت مشروع قانون لهذا الغرض منذ عام ونصف العام.وأشار العجاتي إلى أن مشروع القانون عرض على جميع الوزارات المعنية، ويناقش حاليا في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، التي ستنتهي منه غدا الثلاثاء ليناقش بعدها في البرلمان في بداية دور الانعقاد الثاني الذي يبدأ في الرابع من أكتوبر المقبل، موجها خالص العزاء لأسر ضحايا الحادث الأليم، مؤكدا أن القاهرة تولي موضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية أهمية كبيرة، باعتباره يمثل قضية قومية.زيارات متبادلة
في الشأن الاقتصادي، تكثفت تحركات المسؤولين المصريين والروس لإنهاء الأزمة التجارية بين البلدين، بما يسمح بعلاقات أكثر دفئا، إذ بدأ وفد مصر أمس، زيارة إلى روسيا لبحث قرار موسكو حظر استيراد حاصلات زراعية مصرية، الصادر منتصف الشهر الجاري، بينما يزور وزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف القاهرة الأسبوع الجاري، لبحث أحدث تطورات استئناف الطيران بين البلدين، في أعقاب زيارة وزير الطيران المصري شريف فتحي إلى موسكو الأسبوع الماضي للغرض ذاته.وعقب انتهاء زيارة فتحي لروسيا، قالت وزارة النقل هناك، في بيان أمس الأول، إن هناك تقدما كبيرا في مشروع الاتفاق الحكومي بين البلدين حول أمن الطيران المدني، ما يرجح قرب إصدار روسيا قرارها بإلغاء تعليق رحلاتها الجوية إلى مصر، عقب سقوط طائرة روسية في سيناء نهاية أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 224 راكبا معظمهم من السياح الروس. وبينما استقبل السيسي وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقر الرئاسة المصرية أمس، لمناقشة تطور العلاقات بين البلدين، حيث أجريا مباحثات مثمرة، قتل مدني وأصيب 6 آخرون إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون على طريق رفح - الشيخ زويد في سيناء أمس.
مقتل مدني وإصابة 6 بانفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون في سيناء