تزداد وتيرة الترقب في الولايات المتحدة قبل المناظرة الأولى اليوم بين المرشحين الرئاسيين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، والتي ستشهد صراعاً بين شخصيتين على طرفي نقيض استعدا لها بشكل مختلف.

وتتخذ هذه المواجهة أهمية أكبر، لأنها تأتي قبل ستة أسابيع من الاستحقاق الرئاسي في 8 نوفمبر المقبل، وسط تقارب نتائج الاستطلاعات.

Ad

وأشارت توقعات إلى أن نحو 90 مليون أميركي سيتابعون هذه المبارزة غير المسبوقة مدة 90 دقيقة، حيث قد تؤدي أقل كلمة أو هفوة إلى عواقب قاسية.

واستعدت الديمقراطية كلينتون البالغة 68 عاما بتأن للمناظرة فعلقت حملتها في الأيام الأخيرة.

واعتكفت في منزلها في تشاباكوا شمال نيويورك برفقة مستشاريها وملفاتها، حيث تتمرن مع مقربين يلعبون دور ترامب على جميع السلوكيات التي قد تبدر عن ترامب من مشاكس إلى مراقب أو هادئ وغيرها.

وخضعت نفسية المرشح إلى تحليل مفصل لرصد ما يسبب زلاته، فالمعسكر الديمقراطي يسعى إلى إثارة حفيظته لإثبات أن مزاجيته لا تليق بمنصب الرئاسة.

لذا في حال رد بالهجوم على خصمته فقد يخسر أصوات النساء اللواتي يشكلن 53 في المئة من الناخبين ويبدين أصلا ترددا بشأنه. كذلك من البديهي أن أي هفوة سيتم بثها بشكل متواصل على شاشات التلفزيونات. ونشرت حملة كلينتون قبل المناظرة لائحة طويلة بالأكاذيب المنسوبة إلى ترامب.

في المقابل، ترامب البالغ 70 عاما أكد بارتياح ان الاستعداد للمناظرة يتم بشكل ممتاز. وخصص يومي الجمعة والسبت للاستعداد للمناظرة.

وبعد حوالي 40 عاما من الخدمة العامة أصبحت كلينتون تتقن ملفاتها حيث يجدها 88 في المئة من الاميركيين ذكية، لكن 65 في المئة يعتبرونها تفتقر إلى الصدق فيما يحمل 52 في المئة رأيا سلبيا بشأن هذه السياسية العقلانية الجافة والباردة.

غير أنها تلقت من الرئيس باراك اوباما نصيحة قبل مناظرة اليوم، وقال لها "كوني على طبيعتك واشرحي ما يشكل دافعا بالنسبة اليك"، لا سيما أنها ستحمل اذا انتخبت ارث ولايتيه الرئاسيتين.

من جهته، قال مرشحها لمنصب نائب الرئيس تيم كين: "عندما تضاء المصابيح وتبلغ الضغوط ذروتها، تتألق كلينتون بأفضل أداء لديها".

أما ترامب فإن خبرته معدومة في المناظرات الرئاسية، وسط 90 دقيقة من الضغط الكثيف امام خصمة واحدة مع منسق جلسة واحد، سيكون اليوم مقدم أخبار المساء على قناة "ان بي سي" ليستر هولت لكنه يعتمد على عفويته وعلى سجل منافسته الحافل بالأخطاء.

وقبل المناظرة اجتمع المرشحان الرئاسيان أمس في لقاءين منفصلين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك، حيث يشارك في الجمعية العامة للامم المتحدة.

وفي محاولة للتقرب منهم، وصف ترامب الذي يجد صعوبة في اجتذاب الناخبين السود وأدلى بتصريحات مثيرة للجدل حول التوترات العرقية في شارلوت، متحف التاريخ الافريقي الاميركي الذي دشنه أوباما بأنه رائع، وأشاد بالمساهمة الممتازة للسود في بلادهم.

وقال المرشح الجمهوري أمام آلاف من أنصاره في روانوكي بفيرجينيا إن "السود اسهموا كثيرا وقدموا تضحيات كثيرة في سبيل هذا البلد".

وأضاف ترامب، الذي وجهت اليه تهمة العنصرية حيال عدد كبير من الاقليات: "كثيرون من السود يحققون نجاحات كبيرة في بلادنا، وهذا ما يدفعني الى السعي لحماية نجاحاتهم ودعمها".

واتهم الديمقراطيين بأنهم مسؤولون عن الفقر الذي يصيب السود. وخاطب مجموعة من السود قائلا: "لذلك سأسعى الى ان يتمكن كل طفل اسود من تحقيق الحلم الاميركي".

عشيقة بيل كلينتون

ولإحراج منافسته، هدد ترامب بإحضار جينيفر فلاورز، التي كانت على علاقة غرامية مع الرئيس الأميركي الاسبق بيل كلينتون، إلى المناظرة.

وأعلن ترامب تهديده بعدما أعلن رجل الأعمال مارك كوبان، خصم ترامب وأحد مؤيدي كلينتون، انه سيكون حاضرا في المناظرة.

وغرد ترامب على صفحته على موقع "تويتر" "إذا أراد مارك كوبان... أن يجلس في الصف الأمامي، فربما سأضع جينيفر فلاورز بجواره".

«نيويورك تايمز»

من جانبها، أعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس الأول عن تأييدها لكلينتون بقدرتها على الارتفاع إلى مستوى التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، ونددت بترامب ووصفته بأنه أسوأ مرشح في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.

وخلص مجلس تحرير الصحيفة في مقال افتتاحي نشر أمس إلى أن سجل كلينتون "يظهر نية قائدة عازمة على خلق فرصة للأميركيين المكافحين في وقت يموج بالاضطرابات الاقتصادية كما أنها عازمة على ضمان بقاء الولايات المتحدة قوة للخير في عالم متوحش في كثير من الأحيان".

يذكر أن الصحيفة معروفة بتأييدها لمرشحي الحزب الديمقراطي ولم تؤيد أي مرشح جمهوري للرئاسة منذ دوايت ايزنهاور في عام 1956.

دور كبير لوسائل التواصل

يتوقع المراقبون أن تتفرد وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت بدور خاص في المناظرات الرئاسية هذا العام.

وتتطلب مناظرات هذا العام من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب قدرا كبيرا من الشجاعة ليس فقط لعرض أفكارهما ورؤيتهما، و"التمثيل" أحيانا لإبهار ملايين المشاهدين، ولكن لتقبل النتائج السريعة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنقل وجهات نظر المتابعين للمناظرات، وتؤثر على قرارات غير المتابعين لها. والجديد في مناظرات 2016 سيكون من نصيب "فيسبوك"، فوفقا لخطة أعلنت عنها لجنة المناظرات سيتم الاعتماد، لأول مرة، على فيسبوك كوسيلة يمكن من خلالها طرح أسئلة المستخدمين على المرشحين في المناظرات، كما سيبث فيسبوك المناظرات على الهواء مباشرة.

وكان للراديو والتلفزيون دور مماثل في 1960، فمن استمع إلى المناظرة في المذياع ظن أن ريتشارد نيكسون هو الفائز، بينما من تابعها تلفزيونيا تأكد من فوز كيندي، وهو ما حدث.

فكانت هذه المناظرة أقوى دليل على أن الصورة تغني عن ألف كلمة، فلم تفد لباقة نيكسون كثيرا، وهو الذي أصيب قبل أسبوعين على المناظرة في ركبته، فبدا شاحبا، فيما تألق كينيدي في بزة سوداء، ونظر بقوة إلى الكاميرا، محاولا استمالة الناخبين.

حقائق عن المناظرة الرئاسية

• تعقد المناظرة الرئاسية الاولى قبل 5 اسابيع من الانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر.

• ستعقد 4 مناظرات رئاسية: 3 بين المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وواحدة بين نائبي كل منهما تيم كاين ومايك بنس في فيرجينيا.

• تستضيف جامعة هوفسترا في مدينة همستيد، في لونغ ايلاند على بعد ساعة من نيويورك المناظرة.

وسبق اعتمادها عامي 2008 و2012.

• تمتد المناظرة 90 دقيقة، تقسم الى 6 مراحل من 15 دقيقة بلا توقف إعلاني، تطرح ثلاثة ملفات هي توجهات الولايات المتحدة والازدهار والامن.

•يفتتح منسق المناظرة كل مرحلة بسؤال يجيب عنه كل من المرشحين في دقيقتين قبل اتاحة وقت للتعليق على اجابة الاخر. تخصص 30 دقيقة لمناقشة كل ملف.

• يدير المناظرة ليستر هولت (57 عاماً)، وهو صحافي يلقى التقدير يقدم اخبار المساء على قناة "ان بي سي" التي تتمتع بأعلى نسبة مشاهدين في البلد.

• لم يدع غاري جونسون مرشح الحزب الليبرالي، وجيل ستاين مرشحة حزب الخضر الى المناظرة. فهما لم يحرزا 15% من نوايا التصويت الحد الادنى المطلوب للمشاركة.

• ابتكرت الولايات المتحدة المناظرات التلفزيونية الرئاسية منذ أكثر من خمسة عقود، وتحديدا في 26 سبتمبر 1960، وجرت المناظرة الاولى بين المرشح الديمقراطي الشاب السيناتور جون كيندي، ونائب الرئيس، المحارب القديم في سلاح البحرية، الجمهوري ريتشارد نيكسون.

• تحظى المناظرات في الداخل الأميركي بنسب مشاهدة عالية، وصلت عام 2012 إلى أكثر من 46 مليون أسرة أميركية شاهدت أول مناظرة بين الرئيس باراك أوباما والجمهوري ميت رومني، إلا أن العدد القياسي للمشاهدين كان من نصيب المناظرة بين جيمي كارتر ودونالد ريغان، الذي تقول مؤسسة نيلسن، إنه بلغ 80 مليونا.

• نقلت "رويترز" عن بعض المعلقين توقعهم أن تستقطب أول مناظرة بين ترامب وكلينتون نحو 100 مليون أميركي، وهو ما يقارب عدد متابعي نهائي دوري كرة القدم الأميركية.