أغرب ما قيل بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الأردن أن "الإسلاميين"، والمقصود جماعة الإخوان المسلمين، حققوا نتائج مذهلة في هذه الانتخابات، وذلك مع أن هؤلاء لم يحصلوا كحزب "حزب جبهة العمل الإسلامي" عملياً إلا على أقل من عشرة مقاعد من "130" مقعداً، بينما المقاعد الخمسة الأخرى ذهبت لما يسمى "الكوتة" النسائية و"كوتة" الأقليات القومية والدينية، كالشراكسة والشيشان والمسيحيين وغيرهم.ربما بعض غير الأردنيين لا يعرفون أن حزب جبهة العمل الإسلامي هو حزب مرخص، مثله مثل أكثر من ثلاثين حزباً قومياً ويسارياً ووطنياً أردنياً، وأن هذا الحزب، الذي هو، إن أردنا قول الحقيقة، ملحق بالإخوان المسلمين وتابع لهم، هو من قاطع "الانتخابات" السابقة، وأنه بعد تجربة مرة وضعته في عزلة قاتلة طويلة... عاد ليشارك في هذه الانتخابات كـ"عودة الابن الضال"!
لقد ذهب بعض "المبالغين"، قبل أن تكشف صناديق الاقتراع كل الحقائق، إلى التكهن بأن حزب جبهة العمل الإسلامي، بدعم من "إخوانهم" في جماعة الإخوان المسلمين، سيحصل على نصيب الأسد من نتائج هذه الانتخابات، وأنه سيسيطر على البرلمان الجديد، وبالتالي فإنه سيقود السياسة الأردنية على مدى الأعوام الأربعة المقبلة، وسيوجهها كما يريد، لكن ها هي النتائج المتواضعة جداً، التي حصل عليها هذا الحزب، أظهرت أن دوره سيكون ثانوياً وهامشياً، وأن "إخوانه" لن ينهضوا من كبوتهم التي هي جزء من كبوة التنظيم الأم... الذي هو "إخوان مصر" الذي يعرف الكل أن أحواله غدت "لا تسر الصديق ولا تغيض العدا"!ثم إن ما هو غير معروف خارج الأردن أن حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على هذه النتيجة الآنفة الذكر المتواضعة جداً يقابله حصول "إسلاميين" آخرين، حزب الوسط الإسلامي ومجموعة "زمزم" وجمعية الإخوان المسلمين، على العدد نفسه تقريباً الذي حصل عليه هذا الحزب، وهذا يعني أن "الخيل تساوت في الميدان حمحمة"، وأن عمليات الاستقطاب في البرلمان الأردني الجديد ستكون لمصلحة زمزم والوسط وليس لمصلحة هؤلاء الذين بسبب تبعيتهم الخارجية لإخوان مصر خسروا معظم شعبيتهم السابقة في الأعوام الأخيرة.وأيضاً فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الطلاق بين الإخوان المسلمين الأردنيين والدولة الأردنية لا يزال قائماً ومتواصلاً، وأنه غير متوقع أن تعود المياه إلى مجاريها مادام هؤلاء يواصلون الإصرار على عدم فك ارتباطهم بالتنظيم العالمي الإخواني، وهنا فإن المتوقع أن البرلمان الأردني الجديد سيبادر ومنذ البدايات إلى حشر حزب جبهة العمل الإسلامي في زاوية حرجة بالضغط عليه لإنهاء ازدواجية العضوية بينه وبين الجماعة الإخوانية، إن هو أراد أن يكون حزباً أردنياً مستقلاً لا ارتباط له مع أي جبهة خارجية.
أخر كلام
الأردن: حجم «الإسلاميين» بعد الانتخابات الأخيرة!
26-09-2016