على الرغم من الهدوء الذي يعيشه الشارع المصري منذ شهور، استغل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي افتتاح مشروع "غيط العنب" لتطوير العشوائيات في مدينة الإسكندرية الساحلية بكلفة 1.2 مليار جنيه أمس، ليوجه رسائل خارجية وداخلية عدة، وصفها مراقبون بـ "القوية".

فقد تعهد الرئيس خلال كلمة ألقاها عقب افتتاح المشروع، بعدم السماح لأحد بالمساس بالدولة المصرية، وقال: "اطمئنوا، هناك دولة وقوات مسلحة وداخلية، ولن يستطيع أحد أن يمس الدولة المصرية، فالتخطيط المعمول به أن ينتشر الجيش خلال 6 ساعات، لحماية الدولة حال وقوع مكروه".

Ad

وبدا أن السيسي الذي يواجه انتقادات داخليا، نتيجة أزمة اقتصادية هي الأعنف في البلاد، وخارجيا في ما له صلة بملفي الحريات وحقوق الإنسان، يحاول امتصاص الغضب بمطالبة الشعب بالصبر على المشروعات التي يتم تنفيذها، وقال :"لن نسمح بأن تضيع منا، ونضيع الناس معانا، هنحميها وندافع عنها حتى آخر لحظة".

واستهل الرئيس كلمته في افتتاح المشروع بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح ضحايا "مركب رشيد"، الذي كان يقل مهاجرين "غير شرعيين" في طريقهم إلى أحد الشواطئ الأوروبية، وأكد السيسي أنه لا مبرر لسقوط ضحايا، وأن الدولة بمؤسساتها والمجتمع مسؤولان عن عدم تكرار ما حدث، وأنه لابد لجميع الجهات من التعاون مع الدولة للتصدي للهجرة غير الشرعية.

وتابع: "ليه نترك بلادنا، مصر فيها شغل، ومش بقول كدا بسبب موقعي، لكن أقول وأنا مسؤول أمام الله وأمامكم، فأي إنسان يسقط في رقبتي ورقابنا جميعا".

وزادت حدة الانتقادات، على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، عقب حديث الرئيس، حيث دعا إلى إيداع المبالغ الصغيرة "الفكة"، مثل القروش، في حساب خاص، لإدخال الفرحة على المصريين باستغلالها في تنفيذ المشروعات الخدمية، واحتل "هاشتاغ": "صبح على مصر بفكة" موقعاً متقدماً على موقع "تويتر".

وحرص السيسي على تأكيد قوة العلاقات بين مصر ودول الخليج، قائلا: "علاقة مصر بدول الخليج قوية، وعلاقة أمن قومي، ولن يستطيع أحد أن ينال من تلك العلاقة، فالأمن القومي العربي، وأمن الخليج جزء من الأمن القومي المصري".

ردود فعل

وتسبب كشف السيسي عن التخطيط الذي يستهدف نشر الجيش والشرطة في جميع المحافظات المصرية، خلال 6 ساعات، في جدل واسع، حيث قال الكاتب الصحافي، عبدالله السناوي: "حديث السيسي ليس موجها إلى تيار أو فصيل سياسي، وإنما يعبر عن خشيته من اضطرابات اجتماعية مقبلة، نتيجة ارتفاع الأسعار والأوضاع الاقتصادية المعقدة"، وقال السناوي لـ"الجريدة": "الرسالة تحمل إشارة لجاهزية قوات الجيش والشرطة للتعامل مع الأوضاع الداخلية"، لافتا إلى ضرورة إنهاء المظالم السياسية ووضع خريطة اقتصادية واضحة تعمل على الحيلولة دون تفاقم الأزمة.

وقال أستاذ العلوم السياسية قدري إسماعيل: "أعتبر رسالة السيسي موجهة للداخل والخارج، واللجوء للقوات المسلحة أمر ضروري، باعتبارها العمود الفقري لأمن البلاد"، فيما قال القائم بأعمال رئيس حزب "التحالف الشعبي" مدحت الزاهد: "لا يمكن تحميل الرسالة أكبر من محتواها، فالدستور حدد مهام الجيش، وهي تأمين الحدود الخارجية والحفاظ على الأمن الداخلي".

من جانبه، اعتبر الخبير الاستراتيجي والعسكري جمال مظلوم، حديث السيسي بمنزلة رسالة طمأنينة للشعب المصري، بأن الجيش على أتم استعداد للتدخل ومساعدة الأجهزة الأمنية لحفظ الاستقرار، وقال: "هذا النوع من الخطط ليس بجديد، فالجيش تدخل أكثر من مرة لحماية المواطنين وحفظ الأمن وحل الأزمات، في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، وفي أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو".

قدرات قتالية

إلى ذلك، أكد وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، حرص مصر على المضي بخطى متسارعة نحو بناء وتطوير قدراتها القتالية والدفاعية، لحماية ركائز الأمن القومي المصري، وشدد خلال مباحثاته مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان على حرص البلدين على تعزيز مجالات التعاون العسكري، للتصدي لمخاطر الإرهاب ودعم جهود الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.

على صعيد آخر، وفيما له صلة بما تم نشره بشأن تسريب مكالمة هاتفية لأحد الأجهزة السيادية على إحدى الفضائيات الإخوانية، التي تبث إرسالها من تركيا أمس الأول، قال مصدر مسؤول لـ "الجريدة"، إن المكالمة صحيحة وكانت منذ نحو 6 أشهر، وأنه تقرر فتح تحقيق موسع لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء تسريب المكالمة، مؤكدا: "لم يتم تسريبها من داخل الجهاز، نظرا لأن النظام الأمني معقد للغاية، وكل العاملين في الجهاز يتحدثون عبر خطوط وهواتف آمنة لا تسمح بالتنصت عليها"، ورجح أن يكون أحد الأجهزة الاستخباراتية وضع الطرف الثاني تحت المراقبة، وتمكن من الوصول إليه.

روسيا

في السياق، توقع وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل أن تستأنف عملية تصدير المنتجات الزراعية المصرية للسوق الروسي مرة أخرى قريبا، وأفاد بيان للوزارة بأن قابيل واصل اتصالاته المكثفة مع الجانب الروسي لبحث تداعيات فرض قيود مؤقتة على بعض صادرات مصر من الحاصلات الزراعية للسوق الروسي.