أحيت فرقة المولوية المصرية، بقيادة منشدها عامر التوني، ليلة مفعمة بالصفاء والسمو بالإنشاد الديني لمناجاة الله ومدح رسوله الكريم، مصحوباً بأنغام الناي ودقات الطبول والدفوف، على مسرح الدسمة، في إطار الليالي التي ينظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، احتفالا باختيار الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية للعام الحالي 2016.

وعبر التوني عن سعادته بوجوده في الكويت التي يزورها وفرقته للمرة الأولى، شاكراً حسن الوفادة وكرم الضيافة، مؤكدا أن هذا ليس بغريب على الكويت وأهلها، فهي بلد كل العرب، بل حصن امان لكل الانسانية.

Ad

وقال التوني، لـ«الجريدة»، إنه حاول ان ينقل الى جماهير الكويت صورة من حلقات الذكر وليالي الإنشاد الديني التي تقام في موالد أولياء الله الصالحين، حيث تصدح الأصوات بطقس ديني صوفي بهيج، تهيم معه الأرواح وتترقى معه النفوس وتتعطل الحواس عن ماديتها.

وأضاف أنه حرص على تقديم موشحات وابتهالات متنوعة لكل انماط الاحتفالات للطرق الصوفية، ومنها على سبيل المثال الميرغنية والشاذلية والرفاعية والبيومية، لإرضاء كل الاذواق واشباع المحبين من ذكر الله ومدح رسوله وأهل بيته.

وبين أنه أسس فرقته في العام 1994 وجاب بها الأرجاء، متخذا نهج الطريقة المولوية، التي أسسها الشيخ والصوفي الشهير جلال الدين الرومي، ودخلت إلى مصر مع الفتح العثماني، وهي مزيج بين الإنشاد الديني والابتهالات ورقص التنورة.

وأشار إلى أن هذه الطريقة تستخدم الشكل الرمزي في أدائها، فالملابس البيضاء التي يرتديها المنشدون رمز للكفن، أي التجرد، والدوران عكس عقارب الساعة يرمز إلى «الطواف» (حول الكعبة)، وهو إحدى شعائر الحج الأساسية، وفي كل الاحوال كل حركة تصاحب الانشاد تؤدي «إيقاعات الروح والجسد لتسمو للخالق الذي هو مركز الكون.. وكل حركة يجب أن تدورفي فلكه، بشكل دائري، وهذه الدائرة هي الذات البشرية.

وقدم المنشد التوني خلال الحفل الذي امتد إلى ما يقارب الساعتين لوحات غنائية من كل ألوان الإنشاد الديني والابتهالات والأدعية من أشعار الحلاج، والسهرودي، وابن الفارض. امتزج فيها الشعر مع اللحن الذي هو في معظمه من مقام الرصد أو الحجاز بإيقاعات متصاعدة في السمو، وساهم فيها المرددون بترديد الجملة الأخيرة من كل مقطع غنائي.

ومن أبرز ألوان الانشاد والابتهالات التي شدا بها التوني خلال الحفل بصوته الشجي الجميل، «يا مليحا قد تجلى» و«أبدا تحن إليكمُ الأرواح» و«تملكتم عقلى وقلبى ومسمعى» و«زدنى بفرط الحب» و«لغة الكلام كما رأيت على فمى» و«قصدت باب الرجا» و«لا تُخْفِ ما صنعت بك الأشواق» و«شربنا على ذكر الحبيب» و«قم فاسقينها» و«يا خير من دفنت في التراب عظامه» و«سبق العشق علينا» و«أمسي وأصبح» و«متى يا حبيب الله» و«ﻻ اله اﻻ الله» و«زدني دﻻﻻ» و«بلغ سلامي على محمد» و«غريب على باب الحبيب» و«ذُبت اشتياقا» واختتم بـ «طلع البدر».

وشارك المنشد التوني وجوقته في الفقرة الاخيرة التي شدا فيها بـ»طلع البدر علينا»، حاناتيان، و«الحاناتى» هو الراقص المؤدي لرقصة التنورة الذي يعبر عما يجيش بالنفس البشرية من مشاعر عن طريق اللف والدوران حول الذات، فتنفرد ألبسته الفضفاضة، وأثناء الدوران يقوم بتأدية حركات لها معان صوفية ويشكل بيديه ورأسه لفظ الجلالة، ثم تتزايد سرعته في الدوران إلى أن تصل إلى ذروتها مع ترديد «يا رسول الله مدد.. يا حبيب الله مدد».