جامعة الكويت وعقوق أبنائها
ما تشهده جامعة الكويت هذه الأيام من هجمة شرسة تريد النيل منها ومن مكانتها ومنشآتها يجعلنا ندعو الجميع للوقوف حفاظاً عليها وإنصافاً لها ولتاريخها؛ فما قدمته تلك الجامعة منذ إنشائها عام 1966م جعلها رائدة في دفع مسيرة العلم والتطور، لا في الكويت فقط وإنما في منطقة دول الخليج كلها، حيث كان لها إسهامات وبصمة واضحة لرسم طريق ومستقبل كثير من أبناء الخليج.فبرغم كل ما قدمته طوال تلك السنين نجد من يحاول التقليل من قدراتها وإنجازاتها الأكاديمية والعلمية، فقد شاهدنا في الفترة الماضية عدة محاولات من مجموعة ليست بالقليلة من أشباه الأكاديميين للتشكيك في مخرجاتها العلمية والحط من مكانتها وقدرتها على العطاء والتقدم بأبناء بلدنا. وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل تجاوز ذلك بوضع خطة محكمة من خلال المادة 44 من قانون الجامعات الحكومية، والذي يسمح بالاستيلاء على موقع جامعة الكويت في الشدادية ليديرها القطاع الخاص، لتبقى جامعة الكويت ذات التاريخ العريق في منشآت متهالكة ومهلهلة تثير الشفقة، ولا تليق بمكانتها ولا اسمها في الخليج العربي. فبعد طول انتظار، وسنوات من العمل المضني والجاد، وحلم كاد يتحقق لنتوج هذا التاريخ بمنشأة تستحقها الجامعة، لجعلها منارة للحاضر وفخراً للمستقبل لنا ولأبنائنا، أطل علينا من جحظت عيناه فجأة طمعاً في تلك المنشأة فأراد أن يطمس تاريخاً يستحق بكل جدارة أن يكون له صرح علمي نفاخر به العالم أجمع.
ففي الأيام المقبلة، ستحتفل جامعة الكويت بعامها الـ50، وفي نفس الوقت سيبحث مجلس الأمة قانون الجامعات الحكومية، والذي سيقضي على مستقبل الجامعة إذا ما تم إقراره، لذلك في هذه المناسبة المفرحة المبكية وددت أن أوجه عدة أسئلة إلى أعضاء هيئة التدريس، وإلى كل من قدمت له جامعة الكويت من المواطنين خدمة العمر بتوفير فرص تعليمية قادته للحصول على مكانة علمية ورفعة اجتماعية في مجتمعه وفي بلده لم تتحقق لغيره. ما الذي تستطيعون أن تفعلوه لتوقفوا هذا الاستيلاء على هذه المنشأة؟ وكيف نستطيع أن نحمي هذه المنشأة وهذا التاريخ؟ ومن نحاسب إذا ما تم فصل جامعة الكويت عن الشدادية؟ وكيف نحاسب؟لذلك في مقالي هذا، أردت ان استنهض همم أبناء جامعة الكويت للوقوف صفاً واحداً معها في هذه المحنة لنحافظ عليها وعلى مكتسباتها المشروعة والمستحقة، فأنا هنا أخاطب: - كل أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت الذين صبروا وعانوا طوال تلك السنين من تلك المنشآت «أيها الزملاء أما آن الأوان أن تتحدثوا وتُسمعوا العالم رفضكم لمثل هذه القوانين. أما آن الأوان أن تقفوا صفاً واحداً لتجعلوا انفسكم الحصن الحصين لجامعة الكويت ولكل من أراد النيل منها». - جمعية أعضاء التدريس، التي ينالها العتب الأكبر ولأعضائها المتمرسين في العمل النقابي، والتي جاء رد فعلها متواضعاً لا يتناسب مع جَسامة الحدث وعواقبه التي ستشمل الجميع. لذلك نتمنى منهم معالجة الأمور من مبدأ العمل الاستباقي (كفعل لا رد فعل لقضية مهمة وحساسة) مثل الدعوة لاجتماع جمعية عمومية غير عادية لمناقشة موضوع فصل جامعة الكويت عن الشدادية! وسرعة طرح الحلول والرؤى التي تناسب الحدث. فإذا لم تتم دعوتنا لعقد جمعية عمومية غير عادية لمثل هذه المواضيع والظروف فمتى تدعوننا؟ - كل طلاب وطالبات الجامعة، الخريجين منهم والمقيدين للوقوف مع جامعتهم في هذه الظروف، والسعي لأن يحظى الجيل القادم من أبنائهم وبناتهم بفرصة وبيئة تعليمية تكون أفضل مما شاهدوه وعاصروه من المنشآت الحالية والمتهالكة للجامعة والمنتشرة في العديد من مناطق الكويت.- قياديي جامعة الكويت، وبالأخص مجلس الجامعة، الذي نكن له كل الاحترام والتقدير له ولأعضائه لاتخاذ موقف جاد ومؤثر ينهي هذا الكابوس المزعج ويحفظ لجامعة الكويت حقها القانوني ويطمئن الجميع على هذا الصرح الذي طالما حلمنا به وهرمنا ونحن ننتظره. فإذا لم يكن لكم موقف جاد في المحافظة على مكتسبات الجامعة ومنشآتها فمتى يكون؟- وزير التربية والتعليم العالي ومدير جامعة الكويت: أنتم أبناء الجامعة، ومنها وبها عُرِفتم في أوساط المجتمع الكويتي، فهي التي قادتكم لتكونوا ما أنتم عليه الآن. فهل يكون رد الجميل بالتنكر لها والتخلي عنها، فإذا لم تستطيعوا أن تحافظوا على مكتسباتها فلترحلوا وليأت من يستطيع.وفي النهاية أردت أن أًوضح للجميع أن جامعة الكويت اليوم أشبه ما تكون بالأم التي فجعت بعقوق بعض أبنائها الذين رعتهم طوال تلك السنين لتفخر وتفرح بهم وبإنجازاتهم عاماً بعد آخر، ولكن خذلانهم لها أدهشها وأقعدها بلا حول ولا قوة، فاليوم جامعة الكويت تناجي الجميع «فإما أن تتحدثوا الآن وتدافعوا عنها وعن مكتسباتها أو فلتصمتوا إلى الأبد».* كلية التربية ـ جامعة الكويت