بعد نحو شهرين من محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة، وفي ثالث محاولة لاغتيال شخصية حكومية منذ ثورة 30 يونيو 2013، أعلنت حالة الاستنفار الأمني في القاهرة أمس، غداة نجاة النائب العام المساعد لشؤون التفتيش القضائي، المستشار زكريا عبدالعزيز، من محاولة اغتيال تعرض لها بالقرب من منزله بالتجمع الخامس شرقي القاهرة مساء أمس الأول، وعززت قوات الأمن من وجودها في محيط الهيئات الدبلوماسية ومنازل القضاة تحسباً لأي هجمات مشابهة.

ووضع مجهولون سيارة مفخخة في طريق موكب النائب العام المساعد أثناء عودته من مكتبه بمنطقة الرحاب إلى منزله بحي البنفسج بمنطقة التجمع الخامس، وفجروا السيارة ما أسفر عن إصابة 3 من بينهم سائقان ومواطن تصادف مروره بموقع الحادث، من دون وقوع وفيات، ولم يصب النائب العام المساعد بأي جروح.

Ad

وتعد هذه هي المحاولة الثالثة لاغتيال شخصية عامة أو مسؤول كبير في الدولة المصرية، بعد محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، والتي نجا منها في سبتمبر 2013، بينما قتل النائب العام السابق هشام بركات في عملية استهدافه يونيو 2015، ونجا مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة من محاولة اغتيال بالقرب من منزله في حي «6 أكتوبر» أغسطس الماضي.

وفي حين أعلن الاستنفار الأمني للبحث عن أي معلومات قد تقود للتوصل إلى الكشف عن هوية الجناة، قال مصدر أمني إنه تم تشكيل فريق من الأمن الوطني، وفريق من المعمل الجنائي لمعاينة السيارة وتحديد صاحبها، وتم تكثيف جهود البحث لتفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالمحال التجارية القريبة من موقع الحادث لفحصها، في حين أثبت فريق التحقيق أن المادة المستخدمة في التفجير هي «تي إن تي»، وأن التفجير تم عن بعد.

وأشار المصدر إلى أن المعلومات الأولية تشير إلى تورط 6 أشخاص في تنفيذ العملية، بينما كلف النائب العام المستشار نبيل صادق فريقا من محققي نيابة أمن الدولة العليا بسرعة الانتقال إلى منطقة وقوع الحادث، وانتقل المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، خالد ضياء الدين، بصحبة فريق محققي النيابة إلى موقع الحادث، لبدء إجراءات المعاينة.

أداء المهمة

وفي تصريح له عقب نجاته من محاولة الاغتيال، أكد المستشار زكريا عبدالعزيز لـ»الجريدة»، أنه مستمر في أداء عمله بشكل طبيعي، وأن مثل هذه الأعمال الإرهابية «لن تثني رجال القضاء عن أداء رسالتهم، رغم سقوط قضاة شهداء من قبل، كالنائب العام السابق هشام بركات»، وشدد على أنه لا تهاون في محاسبة الإرهابيين وملاحقتهم، وعن الحادث قال: «الانفجار أدى إلى تحطم زجاج سيارات الموكب، لكن ما سبب أكبر توتر لي هو قرب الانفجار من بيتي، وكان أهم أمر بالنسبة لي هو الاطمئنان على سلامة أفراد الأسرة».

إدانات

وفور الحادث، دان مجلس الوزراء محاولة استهداف موكب النائب العام المساعد، قائلا في بيان له أمس الأول، إن «تلك الأعمال الإجرامية لا تزيدنا إلا إصراراً على حماية الوطن والمواطنين، واجتثاث الإرهاب الآثم من جذوره، الوقت قد حان لبناء شراكة دولية للقضاء على ظاهرة الإرهاب الأسود الذي أصاب العديد من العواصم، ويهدد الإنسانية دون تفريق بين ديانة أو جنسية أو عرق».

وتوالت الإدانات الداخلية من قوى سياسية وشيخ الأزهر للحادث، في حين قال مفتي مصر، شوقي علام، إن «الإرهاب والتطرف أصبح خطرا يهدد الجميع، ما يحتم علينا جميعا ضرورة التكاتف والعمل معا على كل المستويات من أجل مواجهة هذا الخطر»، مشددا في بيان على أن «عصابة التطرف والإرهاب يريدون أن يخرسوا أصوات الحق التي تصدع وتحارب منهجهم المتطرف بالحجة والبرهان»، داعيا مؤسسات الدولة المعنية إلى الضرب بيد من حديد على أيدي هؤلاء «الآثمين الذين يعيثون في الأرض فسادا».

نمطية ومخاوف

من جهته، وصف مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد نور الدين، محاولة الاغتيال بـ»النمطية والروتينية»، في تكرار لعملية اغتيال النائب العام السابق، والمعتمدة على تتبع خطوط سير المواكب الرسمية، مضيفا لـ»الجريدة»: «العملية تحمل رسالة واضحة بأن هناك استهدافا واضحا لرجال النيابة العامة والسلك القضائي».

وبينما اتهم الخبير الاستراتيجي، اللواء طلعت مسلم، جماعة «الإخوان» بالوقوف خلف الحادث، قال الخبير الأمني، العميد خالد عكاشة، لـ»الجريدة» إن «هناك مخاوف من موجة إرهابية تصاعدية تنتوي جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية تنفيذها في مصر خلال الفترة المقبلة، تستهدف اغتيال الشخصيات العامة والمسؤولة بهدف تقويض الدولة المصرية وإحراج النظام السياسي».

أجندة مزدحمة

وبينما دان عدد من نواب البرلمان محاولة الاغتيال الفاشلة، يدخل النواب بأجندة عمل مزدحمة مع انطلاق دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي، الثلاثاء المقبل، إذ قال عضو اللجنة العامة للبرلمان، النائب صلاح حسب الله، إن «القوانين التي تحدث عنها الدستور ستحظى بأولوية المناقشة تحت القبة، ومنها قوانين الإعلام والعدالة الانتقالية»، وأشار إلى أنه «من المتوقع إقرار قانون الخدمة المدنية خلال أيام»، مؤكدا أن البرلمان سيناقش خلال الفترة المقبلة قوانين تهم الرأي العام، وأولها قانون «الهجرة غير الشرعية». في غضون ذلك، حسم رجل الأعمال والبرلماني المصري زكي السويدي رئاسة ائتلاف الأغلبية البرلمانية «دعم مصر» أمس، وذلك بعد إغلاق الائتلاف باب الترشح في انتخاباته الداخلية أمس، إذ انسحب كل المرشحين على مقعد الرئاسة دعما لترشح السويدي، الذي أصبح رسميا المرشح الوحيد على رئاسة الائتلاف ما يعني فوزه بالتزكية، في الانتخابات المقررة بعد غد، التي تشهد أيضا منافسات قوية على عضوبة المكتب السياسي للائتلاف.