الدعم الحكومي... لمصلحة مَنْ؟!
ما سيتم توفيره من إلغاء دعم البنزين لمدة عشر سنوات قادمة سيذهب إلى أرصدة كبار المضاربين في السوق المحلي، ومثله أو أكثر منه للمضاربين في السوق العقاري، وهو الأمر الذي يكشف طبيعة النهج الاقتصادي النيوليبرالي الذي تتبناه الحكومة وتقوم بتنفيذه.
في الوقت الذي تدافع فيه الحكومة عن سياساتها الاقتصادية النيوليبرالية الواردة في "وثيقتها الاقتصادية"، مدعية أنها لن تمس جيوب المواطنين والمقيمين بل سترشد الدعم الحكومي وتجعله يذهب إلى مستحقيه، فإنها تتخذ قرارات تكشف طبيعة توجهها العام، ونوعية سياساتها الاقتصادية المنحازة التي تؤكد أنها تعمل جاهدة على تخفيض الدعم الاجتماعي الضروري أو إلغائه، في حين أنها مستمرة في تقديم الدعم المالي لمن لا يستحقه فعلاً. كيف؟ من أجل توضيح الصورة لنأخذ، على سبيل المثال لا الحصر، ما قامت به الحكومة مؤخراً عندما ألغت جزءاً كبيراً من الدعم عن البنزين فارتفعت أسعاره، وهو ما يوفر على الميزانية العامة للدولة، بحسب البيانات الرسمية، ما مقداره 120 مليون دينار، في حين قامت، في المقابل، بضخ (100) مليون دينار من المحفظة المليارية (مقدارها 1.5 مليار دينار) في السوق المحلي، حيث "منحت الهيئة العامة للاستثمار شركة الوطني للاستثمار، ذراع البنك الوطني، وشركة كامكو للاستثمار، ذراع مجموعة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو)، 50 مليون دينار لكل منهما وذلك من أجل إدارتها في السوق المحلي، مع العلم أنه سبق أن منحت الحكومة شركات استثمارية بينها "المركز المالي" أموالا من المحفظة المليارية بلغت 300 مليون دينار". (القبس 28/ 9/ 2016).
وهذا ليس معناه فشل سياسة ضخ الأموال العامة في سوق مضاربات الأوراق المالية والسوق العقاري، وذلك لمصالح خاصة فحسب، بل إنه يوضح أيضا لمصلحة مَنْ تنحاز الميزانية العامة للدولة، فما سيتم توفيره من إلغاء دعم البنزين لمدة عشر سنوات قادمة سيذهب إلى أرصدة كبار المضاربين في السوق المحلي، ومثله أو أكثر منه للمضاربين في السوق العقاري، وهو الأمر الذي يكشف طبيعة النهج الاقتصادي النيوليبرالي الذي تتبناه الحكومة وتقوم بتنفيذه، وزيادة أسعار البنزين ليست سوى البداية فقط، فخلال أشهر قليلة سيُلغى دعم الكهرباء والماء، وسيُخفض أو يُلغى دعم السلع والخدمات الأساسية، وستُزاد الرسوم، ويُصفّى دور الدولة في النشاط الاقتصادي عن طريق خصخصة كل شيء تقريباً بما في ذلك النفط، والتعليم، والصحة، والخدمات العامة والاجتماعية، ومعظم المؤسسات والشركات العامة بحسب ما جاء في "الوثيقة الاقتصادية" للحكومة.من زاوية أخرى فإن هناك شبهة تعارض مصالح، أشرنا إليها من قبل، وهي ناتجة عن أن بعض متخذي قرار ضخ الأموال العامة في السوق المحلي لهم مصلحة مباشرة في ذلك، حيث إن بعض الوزراء وعددا من أعضاء المجلس لديهم شركاتهم الخاصة التي تعمل في السوق المحلي، ناهيك عن شركات أقربائهم من الدرجة الأولى التي ستستفيد من قراراتهم.