يتنبأ كثيرون بأن يكون «دويتشه بنك» الألماني، «ليمان براذرز» الجديد، في حال واجه تعثرات بمحفظته الثقيلة من المشتقات، في حين تكثر المقارنة بين «ليمان براذرز» 2008 و»دويتشه بنك» 2016 في الآونة الأخيرة.

فقد كان البنك الألماني العملاق، الذي يحذر كثيرون من أن يتسبب انهياره في أزمة عالمية جديدة، يتفاخر حتى وقت قريب بخروجه قويا من الأزمة العالمية عام 2008، بل إن جوزيف أكرمان، الرئيس التنفيذي الشهير للبنك بين عامي 2006 و2012 كان يتباهى بتخفيض رأس المال، بهدف رفع العائد على حقوق المساهمين، في وقت كانت البنوك الأميركية تمد يدها إلى الحكومة لمساعدتها في زيادة رؤوس أموالها.

Ad

لكن الصورة انقلبت الآن، وبات كثيرون يرسمون سيناريوهات قاتمة لمستقبل البنك.

وتعززت هذه المخاوف، بعد أن عبر «دويتشه بنك» بصعوبة اختبارات الجهد الأوروبية، ورسب فرعه بأميركا في اختبارات الجهد التي يجريها الاحتياطي الفدرالي، ثم جاء تقرير من صندوق النقد الدولي في يونيو الماضي، ليصف البنك بأنه أكبر خطر يهدد النظام المالي العالمي.

تعود مشكلة العملاق الألماني بشكل أساسي إلى اعتماده الكبير على نشاطه الاستثماري، خلافا لعودة البنوك العالمية الكبرى إلى التركيز على إدارة الثروات والأنشطة المصرفية التجارية بعد أزمة 2008، ليصبح ذراعه الاستثمارية النعمة والنقمة في آنٍ معاً.

ويواجه البنك انكشافا ضخما على المشتقات المالية، بمحفظة يصل حجمها إلى 42 تريليون يورو، أي أكثر من 10 أضعاف الناتج المحلي الألماني. وهذا يعني أنه إذا حصل مكروه ما للبنك، فلن تكون الحكومة الألمانية قادرة على التدخل لإنقاذه على الطريقة الأميركية في إنقاذ البنوك خلال الأزمة الماضية.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد انهالت مطالبات وزارة العدل الأميركية على البنك لدفع 14 مليار دولار، لتسوية قضية متعلقة ببيع المشتقات في 2008 وما قبل. وإذا لم ينجح البنك في تخفيض المبلغ، فسيكون مضطرا لاتخاذ إجراءات صعبة لإنقاذ ملاءته المالية.

وفي الوقت الحاضر، يسابق البنك الوقت لتفكيك الألغام، وآخر الإجراءات التي قام بها تخصيص 612 مليون يورو لصرف 3 آلاف من قوته العاملة. لكن حتى لو نجح في تفكيكها، فإن البنك لن يعود إلى مستويات الربحية والعائد التي حلم بها أكرمان ذات يوم.

يذكر أن الأسواق العالمية عاشت دراما في نهاية الأسبوع مع سهم «دويتشه بنك»، الذي يواجه شكوكا بملاءته. فقد افتتح السهم تداولات الجمعة بأكبر انخفاض في تاريخه إلى ما دون العشرة دولارات، بفعل المخاوف على سلامة أوضاعه المالية، بعد أن ذكرت وكالة بلومبرغ أن نحو عشرة صناديق تحوّط خفضت انكشافاتها على البنك، توخياً للحذر من أوضاعه المالية، وإثر ذلك هبط اليورو بحدة، ومعه الأسهم الأوروبية.

لكن الأوضاع انقلبت فجأة بعد ظهر الجمعة عندما نشرت وكالة فرانس برس خبرا يتحدث عن اقتراب البنك من التوصل إلى تسوية مع وزارة العدل الأميركية لتخفيض الغرامة على البنك من 15 إلى 5.4 مليارات دولار.

إثر ذلك، سجل السهم أكبر ارتفاع يومي في خمس سنوات عندما صعد بأكثر من 15% خلال الجلسة. وعادت أسواق الأسهم إلى الصعود في أوروبا ووول ستريت.