كل ولاية أوباما كانت «بطة عرجاء»!

نشر في 03-10-2016
آخر تحديث 03-10-2016 | 00:20
 صالح القلاب عندما يعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه "محبط"، لأن استخدام القوة، أو التلويح بها، ضد نظام بشار الأسد لم يلقيا أذناً صاغية في الإدارة الأميركية باستثناء ثلاثة من أعضائها؛ فإنه أمر طبيعي أن يفعل الروس في حلب وفي سورية كلها كل هذا الذي يفعلونه، وأن يرتكبوا كل هذه الجرائم التي يرتكبونها، وأن يهددوا بأنه إذا استهدفت أميركا هذا النظام فإنهم سيزلزلون المنطقة بأسرها!

ما كان من الممكن أنْ يستمر هذا الصراع، الذي دخل عليه الروس والإيرانيون ومعهم كل هذه الشراذم الطائفية التي يستعرض قادتها عضلاتهم في حلب أمام شاشات فضائيات الكرة الأرضية كلها، كل هذه الفترة المنهكة الطويلة والتي قد تستمر لعقد مقبل، وربما أكثر، لولا تخاذل الإدارة الأميركية وتواطؤها، وهذا هو ما جعل كيري يبلغ بعض قادة المعارضة السورية في اجتماع مغلق تم قبل نحو أسبوعين بأنه "محبط"، وأن عليهم أن يقبلوا بحكومة انتقالية تشارك في انتخابات رئاسية بوجود بشار الأسد.

ولذلك، ومادام المؤكد أنَّ الروس يعرفون كل هذا الذي قاله كيري لبعض قادة المعارضة السورية وأكثر منه، فإنه أمر طبيعي أنْ يبادروا إلى شن حرب إبادة مكشوفة على مدينة حلب، وعلى العديد من المدن السورية الأخرى، وأن يستخدموا في هذه الحرب القذرة حتى الأسلحة المحرمة دولياً، وأن يهزوا قبضتهم في وجه الرئيس باراك أوباما وإدارته، ويحذروه وينذروه بأن أي استهداف لنظام بشار الأسد سيؤدي إلى زلازل في هذه المنطقة كلها!

وبالطبع، فإنَّ مبرري هذا الموقف الأميركي المتخاذل، الذي جعل الروس يتجاوزون كل الحدود ويتصرفون في سورية، وفي المنطقة كلها، بكل هذا التحدي وبكل هذه العنجهية، يقولون إن الأميركيين ينشغلون الآن بمعركة الانتخابات الرئاسية، وأن المعروف أن الإدارة الأميركية وأي إدارة أميركية تصبح في هذه الفترة بمثابة "بطة عرجاء"، لكن على هؤلاء أنْ يدركوا أنَّ هذه الإدارة قد أصبحت "بطة عرجاء" عندما تراجع الرئيس باراك أوباما عن قرار "الضربة العسكرية" ضد نظام بشار الأسد، رداً على استخدامه الشائن للأسلحة الكيماوية والغازات السامة ضد الشعب السوري في العديد من المدن والبلدات والمواقع السورية.

كان ماوتسي تونغ قد قال، عندما اتخذ قرار "المسيرة التاريخية" المعروفة، إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة. والحقيقة أنَّ هذه السياسة الانكفائية المتخاذلة التي انتهت إليها إدارة الرئيس باراك أوباما واستغلها فلاديمير بوتين ليتنمرد كل هذه "النمْردة" وليحضِّر نفسه لاستباحة هذه المنطقة كلها قد بدأت مبكراً بتسليم بيرق القيادة في سورية وفي هذه المنطقة كلها لروسيا، ويومها كانت هذه الإدارة الأميركية قد أصبحت "البطة العرجاء"، قبل أربعة أعوام من موعد الانتخابات الرئاسية.

ولهذا فإن بعض كبار قادة الحزب الجمهوري الذين يؤيدون المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أكثر كثيراً من تأييدهم لمرشح حزبهم دونالد ترامب، نصحوا قادة المعارضة السورية بأن عليهم أن يعتمدوا على شعبهم، وعلى أنفسهم، وعلى بعض أشقائهم العرب وبعض داعميهم الأوروبيين، ويصمدوا إلى أن تمر مرحلة "البطة العرجاء" هذه، وتأتي إدارة أميركية جديدة لديها الرغبة والقدرة على إيقاف بوتين عند حدِّه!

back to top