يشكل معرض «صمود وإصرار» دعوة إلى الإفادة من الأماكن العامة، الاطلاع على الأعمال الفنية والتفاعل معها، وإقامة نوع من حوار بين أعمال الفنانين في مساحة عامة تعبق بالتاريخ. أما القيّمة عليه فهي فاليري رينولد، صاحبة شركة استشارية للفن في أمستردام موجهة إلى هواة جمع القطع الفنية.

تقع حديقة رينيه معوض، حيث يُقام المعرض، في قلب بيروت في «الصنائع»، أنشئت عام 1907 إبان الحكم العثماني، وتبلغ مساحتها 22 ألف متر مربع، وتجاور مدرسة للفنون والحرف. أما تسمية «الصنائع» فتشير إلى الإبداع أو الحرفية. بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض (عام 1989)، أطلق اسمه على الحديقة، وأصبحت في العقود الأخيرة رمزاً للصلابة والتضامن ومركزاً للتلاقي. ومنذ إعادة تأهيلها عام 2014، استعادت الحديقة وظيفتها السابقة كمساحة للحوار والتواصل، وتعمل المسؤولات عن الجمعية (رانية طبارة ورانية حلاوي وريا فرحات، اللواتي جمعتهنّ رؤية مشتركة للفن المعاصر ودوره الأساسي في المجتمع لجهة التوعية وتعزيز التماسك)، على جعل الحديقة مساحة للإبداع والابتكار، وازدهار الأحلام وتطور المخيلات الخلاقة.

Ad

تكامل وتبادل

في مؤتمر صحافي عقد لإطلاق المعرض أوضحت المسؤولات عن الجمعية أن الأعمال المشاركة مستوحاة من شعار المعرض «صمود وإصرار»، وأن المصالحة بين الماضي المؤلم والحاضر الفوضوي ممكنة، ويتيح الفن إيجاد علامات مرجعية ترسم طريقاً منيراً.

يذكر أن فنانين عالميين سينفذون أعمالهم في موقع المعرض، ما يتيح لهم التفاعل مع الممارسات الفنية المحلية واستخدام مواد متوافرة في المنطقة.

تتخلل المعرض مناقشات عامّة، تُظهر أن الفن ليس ثقافةً فحسب، بل يتكامل مع أعمال المجتمع، وتهدف هذه الحوارات الحرة إلى إبراز فكرة أن الفن تراثٌ راسخٌ للجميع. كذلك تسلط اللقاءات مع الفنانين وخبراء الفن المعاصر الضوء على الإنجازات المحلية وتأثيرها في المشهد الفني الإقليمي والدولي، وتنظم ورش عمل تعريفيّة بأشكال مختلفة من التعبير، كالهندسة المعمارية، ودمج الخط العربي في الفن المعاصر.

«آرت إن موشن» جمعيّة غير ربحية، تهدف إلى تشجيع الحوار الثقافي عبر الفن في الأماكن العامة، وإلى جعل الفن وسيلة لجمع الناس على تنوّع فئاتهم، من خلال أنشطة ومعارض وعروض متنوعة، تتمحور حول تشجيع أشكال التعبير الفني كلها، في سياق لبناني، وإقامة تبادل مع هيئات فنية دولية وتشجيع اللقاءات مع الفنانين اللبنانيين وجعل الفن في متناول الجميع.

مشروع ثقافي

اعتبر وزير الثقافة في لبنان روني عريجي، في خلال المؤتمر الصحافي، أن هذه التظاهرة تضفي على حديقة الصنائع نكهة حضارية فنية ثقافية، تحتاج إليها العاصمة، معتبراً أنها خطوة جريئة لجمعية «آرت إن موشن». ورأى أن تكوين فضاءات فنية في ساحات المدينة وشوارعها هو خلق حوار تفاعلي بين الفنانين والجمهور وإقحام الفن في حراك يوميات المدينة.

أضاف أن «فنون التشكيل والأداء المسرحي وحلقات العمل وسائر فنون الشارع على المنصّة المفتوحة، احتكاك مباشر بعين المواطن وحسّه، ومحاولة ارتقائية بالذوق العام، وتوعية للحسّ الجماليّ للجمهور الواسع». وإذ ثمّن هذا المشروع الثقافيّ، أمِل «باحتكاك خلاّق بين أهل الفنّ مع أعمالهم بالمواطنين»، متمنياً تعميم هذه المبادرة في شوارعنا وساحاتنا.

أما وزير السياحة هنري فرعون فلاحظ أن الشهرين الأخيرين حفلا بحركة استثنائية وبنشاط ثقافي وفني رغم الوضع السياسي غير المستقر.

ووصف المعرض الذي سيقام في حديقة الصنائع بأنه «مشروع طموح ومهم ويستكمل مشاريع ثقافية مهمة شهدتها الساحة اللبنانية في الفترة الأخيرة، مؤكداً أنها ستتسع أكثر إذا تحقق استقرار سياسي أكبر.

الفنانون المشاركون

يشارك في المعرض 24 فناناً هم: مصطفى علي (سورية)، زياد عنتر (لبنان)، بقجة ديزاين (لبنان)، شوقي شوكيني (لبنان)، كارين ديبوزي (فرنسا)، نانسي دبس حداد (لبنان)، يزن حلواني (لبنان)، زينة حمادي (لبنان)، غالب أمين حويلا (لبنان)، نبيل حلو (لبنان)، توماس هاوسياغو (بريطانيا)، عبد الرحمن كتناني (فلسطين)، فيكا كوفا (هولندا)، هناء مال الله (العراق)، رندة نعمة (لبنان)، مروان رشماوي (لبنان)، لطفي الرمحين (سورية)، هُمام السيد (سورية)، كزاندر سبرونكن (هولندا)، كزافييه فيلان (فرنسا)، محترف يوك (فرنسا)، آدا يو (كازاخستان)، كاثي فيدرز(بلجيكا)، غسان زرد (لبنان).