أحبط الكولومبيون، أمس، عملية السلام التي سعت لإنهاء أكبر نزاع مسلح في القارتين الأميركيتين، وألحقوا هزيمة كبرى مفاجئة بحكومتهم، حين صوتوا بغالبية ضيقة لمصلحة رفض اتفاق السلام التاريخي مع متمردي حركة القوات المسلحة الثورية (فارك).

وتحدى الناخبون المستاؤون من أعمال "فارك" الدموية محاولة حكومتهم إنهاء النزاع الذي بدأ قبل 52 عاما، ورفضوا الاتفاق، خلافا لتوقعات استطلاعات الرأي.

Ad

وتعد هذه النتيجة قفزة إلى المجهول بالنسبة إلى مستقبل كولومبيا. فقد أمضى الطرفان 4 سنوات يتفاوضان على اتفاق، ثم عرضاه على المصادقة في استفتاء، لكن من دون إعداد خطة بديلة.

وفاز معسكر الرافضين بنحو 54 ألف صوت، ما أدى إلى تقدمهم بأقل من نصف نقطة، كما أعلنت السلطات الانتخابية.

وأقر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس بأنه سيواصل العمل من أجل السلام، بالهزيمة في الاستفتاء، قائلا في خطاب متلفز: "لن أستسلم وسأواصل السعي الى السلام".

وأضاف: "لقد استدعيتكم لتقرروا ما إذا كنتم ستدعمون أم لا ما قد اتفقنا عليه من أجل إنهاء النزاع مع فارك، والغالبية قالت لا".

وأشار إلى أن "الوقف النهائي لإطلاق النار والأعمال الحربية من الجانبين سيبقى قائما وساريا"، كما كان معمولا به منذ دخوله حيز التنفيذ في 29 أغسطس.

واستدعى سانتوس أمس "جميع القوى السياسية، خصوصا تلك التي اختارت أن تصوت بلا من أجل الاستماع إليها وفتح آفاق للحوار واتخاذ قرار بالطريق الذي سنتبعه".

بدوره، وعد زعيم "فارك" رودريغو لوندونو المعروف باسم تيموشنكو خيمينيز بمواصلة جهود السلام. وقال إن وقف إطلاق النار لايزال ساريا.

وأضاف في خطاب ألقاه في هافانا، حيث تم التفاوض على الاتفاق إن "فارك تأسف بشدة لأن القوة المدمرة لهؤلاء الذين يملأ الحقد قلوبهم قد أثرت على رأي الشعب الكولومبي". وتابع: "بإمكان شعب كولومبيا الذي يحلم بالسلام أن يعتمد علينا، السلام سينتصر".

كان مؤيدو الاتفاق يأملون في أن ينهي فعليا ما يعتبر آخر نزاع مسلح كبير في أميركا اللاتينية، لكن تصويت أمس وجه ضربة قوية لسانتوس وللاتفاق الذي وقعه مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا.

وقارن المعلقون هذه النكسة بالنتيجة المفاجئة التي أحدثها قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي.

وصوت الكولومبيون بنسبة 50.21 بالمئة لمصلحة رفض الاتفاق مقابل 49.78 بالمئة، بحسب النتائج التي نشرت الكترونيا بعد فرز اكثر من 99.9 بالمئة من الأصوات. وكانت نسبة المشاركة متدنية وبلغت نحو 37 في المئة.

وسبق أن قال بعض ضحايا المتمردين إنهم يدعمون الاتفاق، لكن استطلاعات الرأي يبدو أنها لم تحتسب بشكل جيد رغبة الكولومبيين في معاقبة "فارك".

وعبر معارضو الاتفاق عن غضبهم من التنازلات التي قدمت للمجموعة المسلحة، وبينها العفو عن بعض أعضائها الذين لم يرتكبوا جرائم كبرى مثل مجازر أو تعذيب او اغتصاب.

ميثاق وطني

من جانبه، دعا زعيم حملة رافضي الاتفاق الرئيس السابق الفارو أوريبي إلى ميثاق وطني للعمل من أجل السلام. لكن من غير الواضح كيف يمكن المضي قدما الآن في جهود السلام.

والاتفاق كان ينص على نزع أسلحة 5765 من متمردي "فارك" وتحويل هذه المنظمة إلى مجموعة سياسية تتولى مقاعد في الكونغرس الكولومبي. كما ينص الاتفاق على تعويضات للضحايا وإجراء محاكمات ووقف إنتاج المخدرات الذي كان يؤجج النزاع.

آراء الخارج

خارجيا، اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير الرفض المفاجئ للمواطنين لاتفاق السلام مفاجأة سيئة.

أما النرويج التي توسطت بجانب كوبا في المباحثات، فقد عبرت عن خيبة الأمل من النتيجة.

أرقام

• 52 عاماً عمر النزاع

• 5765 عدد مقاتلي "فارك"

• 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود و6.9 ملايين نازح حصيلة النزاع

• 297 صفحة و6 فصول لاتفاق السلام

• 29 أغسطس دخل حيز التنفيذ أول وقف لإطلاق النار

•23 منطقة أمنية و8 مخيمات كانت ستقام من أجل تسريح المقاتلين

•180 يوماً يخرج من بعدها المقاتلون بلا سلاح

• 48 قاضياً بينهم 10 أجانب كانوا سيحاكمون المتمردين وعناصر الدولة المتورطين في انتهاكات