ما المرحلة التالية في العلاقات الأميركية - التونسية؟

نشر في 04-10-2016
آخر تحديث 04-10-2016 | 00:00
 المونيتور تعود علاقات تونس بالولايات المتحدة إلى عام 1799 حين وقّع البلدان بحضّ من جون آدمز اتفاق تجارة وصداقة، وعندما أعلنت تونس استقلالها عن مستعمريها الفرنسيين عام 1956، كانت الولايات المتحدة القوة العظمى الأولى التي اعترفت بسيادة هذه الدولة. يخبر المحلّل السياسي التونسي يوسف شريف صحيفة المونيتور: "كانت المساعدة الأميركية بالغة الأهمية في السنوات الأولى للجمهورية، وخصوصاً في مجال بناء البنية التحتية، الجيش، والتدريب التقني".

عندما كانت هذه الدولة الإفريقية الشمالية عالقة بين ليبيا والجزائر المواليتين للاتحاد السوفياتي، اعتبرت الولايات المتحدة تونس دولة موالية للغرب تساهم في الحفاظ على الاستقرار خلال الحرب الباردة، وفق شريف، وهكذا ظلت العلاقة بين البلدين ودية وهادئة، مع أنها لم تخلُ من بعض مصادر الخلاف. وفي عام 1985 بلغ التوتر بين البلدين ذروته، عندما شنت القوات الإسرائيلية هجوماً جوياً على مقر منظمة التحرير الفلسطينية قرب العاصمة تونس وقتلت نحو 47 إلى 200 شخص، ورفض رونالد ريغان حينذاك إدانة الاعتداء، مهدداً بقطع العلاقات بين البلدين. بعد خمس سنوات، في عام 1991، تفاقمت مجدداً المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في تونس بسبب غزو الرئيس العراقي صدام حسين الكويت، ولكن منذ الثورة "بدأت الحكومة الأميركية تخص تونس باهتمام أكبر بكثير، مما أدى إلى توطيد العلاقات بين البلدين... مع تنامي التعاون الاقتصادي والأمني والحوار الدبلوماسي"، حسبما تؤكد سارا يركس، باحثة زائرة في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، لصحيفة المونيتور.

ركّزت إدارة أوباما على مساعدة تونس في المجالين الاقتصادي والأمني، فحصلت هذه الدولة الإفريقية الشمالية منذ عام 2011 على قروض ورزم مساعدة بمئات ملايين الدولارات، ويشير شريف إلى أن هذه المنح والقروض بلغت 150 مليون دولار في عام 2016 وحده.

رغم ذلك يعتبر النقاد أن باستطاعة أوباما القيام بالمزيد وأن عليه ذلك، مشيرين إلى أن الرزم المالية التي تلقتها تونس أقل بكثير مما مُنح لجيرانها في المنطقة، مثل مصر، والأردن، وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك يعبّر البعض عن قلقهم من أن الولايات المتحدة لم تدرك أن عملية انتقال تونس الديمقراطية ما زالت مستمرة، وأن هذا البلد يحتاج إلى مساعدة أمنية واقتصادية أكبر. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لا بد من التساؤل: هل يبدّل عهد دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون الرئاسي هذا الوضع؟

تجيب الباحثة سارا فوير: "لا أتوقع عموماً أي تغيير جذري في العلاقات الثنائية الجديدة بين الولايات المتحدة وتونس، بغض النظر عن الفائز". لم يدلِ مرشح الحزب الجمهوري ترامب بأي تصريح علني عن تونس، وفي حال فاز في الانتخابات فسيكتفي بالنظر إلى هذه الدولة من منظار أمني.

أما مرشحة الحزب الديمقراطي كلينتون، التي شغلت منصب وزير الخارجية خلال الثورة التونسية، فتُعتبر مرشحاً أقوى في مجال السياسة الخارجية، ومن المرجح أن تواصل الحض على تقديم رزم مالية لتونس.

ولكن كما تشير فوير، لن ينجم تأثير رئاسة ترامب أو كلينتون الأبرز عن علاقات الولايات المتحدة المباشرة مع تونس، بل عن "التبدلات المحتملة التي قد تشهدها صراعات كبيرة أخرى قد يكون لها انعكاس بالغ على تونس وسورية، العراق، وليبيا. على سبيل المثال، إن قرر أحد هذين المرشحين تبني مقاربة أكثر حدة في التعاطي مع ما يدور في ليبيا، فمن المتوقع أن نشهد عودة عدد كبير من المشاركين في صراع مماثل إلى تونس، وخصوصاً إن تعرض تنظيم داعش لهزيمة حقيقية".

لا شك أن هذا تطور مأساوي بالنسبة إلى تونس، بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات الأميركية.

سارة سولي

back to top