في إطار هجوم متواصل على ثلاثة محاور للسيطرة على الأحياء الشرقية، خاضت قوات الرئيس السوري بشار الأسد «حرب شوارع» على خطوط التماس مع فصائل المعارضة في حي بستان الباشا وسط مدينة حلب ومستديرة الجندول شمالاً وحي الشيخ سعيد جنوباً.

ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أمس فإن «قوات النظام تتقدم حاليا بشكل تدريجي في وسط المدينة على حساب الفصائل، وتحاول التوسع شمالا نحو حي بستان الباشا»، مشيرا الى انها «سيطرت على عدد من الابنية المرتفعة الموجودة في وسط حلب» وهي عبارة عن مؤسسات حكومية غير سكنية.

Ad

وبينما تسببت غارات روسية وسورية كثيفة، في مقتل 13 شخصاً، ردت الفصائل باطلاق القذائف على الأحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام، ما اسفر أمس عن مقتل خمسة وإصابة 32.

وفي دمشق، أعلنت موسكو أمس أن سفارتها الواقعة في منطقة المزرعة تعرضت أمس الأول لقصف بالهاون مصدره حي جوبر الخاضع لسيطرة فصائل «جبهة فتح الشام» و«فيلق الرحمن» أسفر عن أضرار مادية، معتبرة أن أحد أسباب هذه الجريمة يرتبط بموقف واشنطن من المعارضة وتأجيجها للنزاع.

ويأتي التصعيد العسكري في ظل توتر روسي- أميركي بعد انهيار هدنة استمرت أسبوعا الشهر الماضي، ما دفع واشنطن الى إعلان تعليق محادثاتها مع موسكو بشأن إعادة احياء وقف اطلاق النار.

حل سياسي

وبعد تعهد المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا في بيان أمس الأول بأن «الامم المتحدة ستواصل الدفع بقوة من أجل التوصل الى حل سياسي ينهي النزاع السوري بغض النظر عن نتائج المناقشات المكثفة والطويلة» بين الولايات المتحدة وروسيا، أكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري أمس أن بلاده «لم تتخل» عن سورية، ولم تعدل عن خطة السلام رغم تعليق تعاونها مع روسيا.

وأكد كيري، في كلمة ألقاها في صندوق مارشال الألماني في بروكسل، أن وقف إطلاق النار يجب أن يشمل حظر الطيران السوري والروسي في مناطق محددة، معتبراً أن روسيا اتخذت قرارا غير حكيم وغير مسؤول بدعمها للأسد، وتجاهلت استخدامه لغاز الكلور والبراميل المتفجرة.

ودافع البيت الأبيض، أمس الأول، عن قراره تعليق المحادثات، متهما موسكو بمحاولة «إخضاع» المدنيين من خلال قصفها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست: «لقد نفد صبر الجميع على روسيا»، مضيفاً: «لم يعد هناك ما يمكن أن تتحادث به الولايات المتحدة مع روسيا».

صفقة الشيطان

واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن قرار واشنطن يدل على سعي الأميركيين لعقد «صفقة مع الشيطان والدخول في ائتلاف مع الإرهابيين المعروفين» من أجل إسقاط الأسد، مشددة على أن «القرار يمثل انعكاسا لعجز الإدارة الأميركية عن التعاون لتجاوز الأزمة. أو ربما لم تكن أبدا أي نية للقيام بذلك».

وفي تطور لافت، أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية التابعة لمجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف، مساء أمس الأول، أن المجلس سينظر في اتفاق نشر قوات روسية على «أساس دائم». وقال كوساتشوف: «في حال صادق الدوما على الوثيقة يوم الجمعة. فنحن مستعدون للنظر في الاتفاق خلال اجتماع للجنة المجلس في الـ10 من أكتوبر، ومن ثم تقديمه إلى جلسة عامة للمجلس في الـ ١٢ من الشهر نفسه».

واعتبر المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أنه لولا التدخل الروسي لكانت الرايات السوداء (في إشارة إلى داعش) ترفرف فوق دمشق، مؤكداً أن موسكو لا يمكن لها أن تقبل بإجراءات أميركية أحادية الجانب في سورية.

الهدنة والفيتو

وفي حين تجتمع أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا اليوم في برلين لدراسة الوضع بعد توزيع فرنسا نص مشروع قرار في المجلس لفرض وقف اطلاق النار وانهاء جميع الطلعات الجوية العسكرية فوق حلب، طالب الامين العام للجامعة العربية احمد ابوالغيط أمس بوقف اطلاق نار عاجل في حلب وعموم سورية لإيصال المساعدات.

وقال ابوالغيط، في كلمة افتتح بها اجتماعا غير عادي دعت له الكويت وعقده مجلس الجامعة على مستوى المندوبين لمناقشة الوضع في حلب، إن «ما يجري هو مذبحة بالمعنى الحرفي».

بدوره، أكد المندوب الدائم للسعودية أحمد القطان أن «الصمت العربي والدولي شجع الأسد على التمادي في ممارساته الدموية»، معتبرا ان «سقوطه لا يعني انهيار الدولة، لأن النظام سقط بالفعل».

تهجير ونزوح

وعلى جبهة أخرى، أفاد المرصد أمس بمقتل 34 مدنيا على الأقل بينهم 11 طفلا وسيدة وإصابة 80 آخرين جراء تفجير انتحاري نفذه شخص دون سن الـ18 بحفل زفاف في محافظة الحسكة، مشيراً إلى أن من بين القتلى قيادي في حزب «يكيتي» الكردي الذي يترأسه إبراهيم برو، ألد معارضي حزب الاتحاد والإدارة الذاتية.

وفي ريف دمشق، واصل النظام لليوم الخامس على التوالي استهداف مدينة الهامة في الغوطة الغربية بالبراميل المتفجرة والصواريخ، في محاولة لإجبار الفصائل على قبول اتفاق «التهجير» والخروج مع عائلاتهم إلى الشمال.

وفي الريف الغربي، أسرت المعارضة 10 عناصر من قوات الأسد في منطقة «الديرخبية» بعد عملية انتحارية أسفرت عن تحرير أجزاء واسعة من قرية كوكب واغتنام العديد من العتاد والآليات وتدمير دبابة مصفحة بصاروخ «السهم الأحمر».