أثار بيان مجلس الوزراء السعودي حول «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» (جاستا) ردود فعل في واشنطن، يتوقع أن تتطور في الفترة المقبلة، عبر صدور تعليقات أكثر علنية ووضوحاً تطالب بإدخال تعديلات جدية عليه.

قانون «جاستا»، الذي وصفه البيان السعودي بأنه مبعث قلق بالغ للمجتمع الدولي، وقد يؤثر سلباً حتى على الولايات المتحدة نفسها، بدأ يثير اهتمام بعض الخبراء المعنيين بتقديم الاستشارات للإدارة الأميركية بأقسامها ودوائرها المختلفة.

Ad

واللافت في التعليقات، التي لا تزال حتى الساعة تتجنب الخوض علنياً في توجيه الانتقادات إلى أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، أنها انتقدت بشكل مباشر وأساسي الحزب الجمهوري.

وقالت أوساط مطلعة في واشنطن إن تصويت الديمقراطيين ضد فيتو الرئيس باراك أوباما انتخابي، في وقت لا يسيطرون على الكونغرس، وبالتالي قد لا يتحملون تبعاته السياسية، أما تصويت الجمهوريين، الذين يسيطرون على الكونغرس بمجلسيه، وعلى أغلب لجانه، فكان سياسياً أولاً ثم انتخابياً لاحقاً.

وأضافت أن مسؤولية الجمهوريين بهذا المعنى مضاعفة، وتطرح علامات استفهام كبرى عن أسباب استسهالهم التصويت ضد أحد أهم حلفائهم وشركائهم التقليديين والتاريخيين، والذين يديرون معهم شبكة معقدة من العلاقات السياسية والاقتصادية والمصالح القديمة.

وبينت أن هذا الاستعداء للسعودية ودول الخليج عموماً ليس مفهوماً، في وقت يرفع الجمهوريون انتقاداتهم للإدارة الديمقراطية، متهمين إياها على مدى 8 سنوات متواصلة بأنها أضعفت حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة، وأدارت الظهر لهم، لمصلحة علاقتها بإيران.

وذكرت الأوساط أن الحزب الجمهوري، سواء بلسان قياداته أو مسؤوليه أو مرشحه الرئاسي، صب جام غضبه على سياسات أوباما، بسبب تعامله البارد مع «ثورات المنطقة»، والاتفاق النووي الذي توصل إليه مع طهران، والذي انتقدته دول المنطقة أيضاً.

وتساءلت: ما الذي أراده الجمهوريون عندما أسقطوا الفيتو الرئاسي على «جاستا»، خصوصاً أن القوة المعنوية التي يثيرها إقرار القانون تطيح عملياً كل الانتقادات التي تبدو الآن شكلية إذا قورنت بالعلاقة مع دول الخليج العربي، فالذي ينتقد العلاقة مع إيران لا يستعدي السعودية، وهذا ما قام به الجمهوريون؟

وأشارت إلى أن إقرار القانون معيب بحق الرياض، التي لا ينبغي أن تكافأ على جهودها في مكافحة الإرهاب بهذا الشكل، فالإدارات الأميركية المتعاقبة، بمعزل عن الحزب الذي يديرها، كانت دائماً تشيد بالدور الذي تؤديه السعودية في التصدي للتنظيمات المتشددة وتمدد الفكر الأصولي، لاسيما في السنوات الأخيرة، فضلاً عن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلدان الخليج عموماً والمملكة خصوصاً.

وذكّرت بالجدال الذي دار خلال وبعد الإعلان عن الصفحات السرية التي لم تنشر عن التحقيقات التي أجريت بعد هجمات 11 سبتمبر، ليتبين بعدها أنها لم توجه أي اتهامات إلى السعودية أو إلى أي مسؤول رسمي فيها، خلافاً لما جرى التكهن به، وللحملة التي اندلعت قبل بضعة أشهر بالولايات المتحدة، والتي سعت إلى تصوير تلك الصفحات وكأنها قرار اتهامي ضد السعوديين.

وطرحت تساؤلات جدية حول معنى إصدار قانون جاستا، وما إذا كان مؤشراً على أن العلاقة التاريخية التي كانت تجمع دول الخليج بالحزب الجمهوري انتهت، أم أن الحزب نفسه دخل في مرحلة الانهيار السياسي؟

وذكرت أن بيان مجلس الوزراء السعودي صيغ بنفحة تفاؤلية وبلغة توصيات موجهة إلى الإدارة الأميركية المقبلة قبل فوات الأوان، إذا أرادت أن تحافظ على العلاقة التاريخية مع دول الخليج. فالفشل في إعادة تصحيحها قد يدفع دولاً عدة إلى التفكير جدياً في جدوى علاقتها مع الولايات المتحدة ومستقبلها بعد الذي جرى.