أكتب هذه المقالة قبل إعلان نتائج الاجتماع النيابي- الحكومي بشأن زيادة أسعار البنزين، وذلك لأسباب تتعلق بالتوقيت الفني لطباعة الصحيفة، ولا أعتقد أن نتائج هذا الاجتماع، رغم أهميته، ستشكل فارقاً كبيراً لما يواجه البلد من تحديات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط (الدخل الوحيد للدولة)، والذي فشلنا جميعاً، حكومة وشعباً، في إيجاد بدائل توازيه لدعم مواردنا المالية.

وسواء استمرت زيادة أسعار البنزين أو أُلغيت، فإن مشكلتنا الاقتصادية ستستمر، لأن مستقبل النفط وأسعاره تَحفُّهما المخاطر والتذبذب وتأثير النفط الصخري وبدائل الطاقة التي تجري يومياً فيها إنجازات مؤثرة في الجامعات والمعاهد البحثية والمصانع والمختبرات، كل هذا يتطلب قرارات اقتصادية كبرى على المستوى الوطني.

Ad

تلك القرارات هي التي يجب أن يسعى لها نواب الأمة في جلسات طارئة ومفتوحة زمنياً، لمناقشة كيفية معالجة الاختلالات المالية والاقتصادية، وكيف يمكن منع الآثار السلبية على الطبقات الأدنى في المجتمع وأصحاب الدخول المحدودة التي تجعل حياتها صعبة بما قد يؤدي الى تهديد الأمن الاجتماعي، وكذلك دعوة من استفاد أكثر من ثروة هذا البلد، على مدى الخمسين عاماً الماضية، إلى أن يقدم اليوم لها حقها منه من ضرائب ورسوم.

كنا نتوقع أن يطلب النواب جلسة طارئة لبحث سلة إجراءات لمواجهة العجز في الميزانية، ووقف استنزاف البلد بمليارات تحول منه للخارج دون رسوم أو ضرائب دخل تصاعدية على المواطن والوافد، وكذلك قرارات تتعلق بالتسليح بمبالغ ضخمة في هذا الوقت الحرج مالياً على الكويت، وأيضاً لمناقشة قيمة المناقصات المليارية التي تذهب لفئات محدودة دون أي أثر لها في الاستثمار المحلي (البورصة)، أو زيادة نسب توظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص.

هناك أيضاً عشرات من مساريب الهدر في الطائرات الخاصة والمناسبات الهامشية، وضرورة لتقنين المساعدات الخارجية وتقليصها، إضافة إلى الأمر الأهم وهو كسب ثقة الناس عبر الكشف عن الأرقام الحقيقية والرسمية لاحتياطيات البلد واستثماراته الخارجية وعوائدها الفعلية، بعد أن تجاوز الزمن "نكتة" ضرورة سرية تلك الأرقام.

وقبل أن يسائل النواب وزير المالية عن زيادة أسعار الوقود، عليهم أن يحاسبوا وزير التجارة على فشل وزارته في الحد من ارتفاع الأسعار بعد رفع أسعار الديزل، وأن يطالبوه إذا كان لديه نقص تشريعي لمواجهة ارتفاع الأسعار والاستغلال التجاري أن يأتي بالقوانين المطلوبة ليقرها له مجلس الأمة.

هذه هي الأمور الأهم من زيادة أسعار البنزين، والمستحقة وطنياً، بعيداً عن الاستعراض السياسي وإضاعة وقت ثمين لبلد يمر بمرحلة دقيقة في ما يخص ماليته واقتصاده.