رصدت أمس في المشهد السياسي اللبناني إشارات سلبية، توحي بأن الملف الرئاسي قد لا يجد طريقه الى الحل، بانتخاب زعيم تكتل التغيير والإصلاح العماد النائب ميشال عون في جلسة مجلس النواب رقم 46 المقررة في 28 أكتوبر الجاري.

الإشارة الأولى كانت في اصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على مبدأ السلة، التي باتت بمثابة «حائط الصد» الذي يختبئ خلفه جميع الرافضين لـ»خيار عون». وقد جاء إصرار بري على الرغم من ترحيبه ببيان المطارنة الذي صدر أمس، والذي جدد رفض أي شروط تقيد الرئيس العتيد. كما جاء في ظل صمت ملتبس من «حزب الله»، الذي حرص على بث أجواء متناقضة في وسائل الاعلام، بانتظار موقف قد يعلنه الأمين العام للحزب حسن نصرالله في العاشر من المحرم أو بعده بقليل.

Ad

الإشارة السلبية الثانية، كانت بتصاعد الحديث لدى نواب تيار «المستقبل» بأن النائب سليمان فرنجية لا يزال مرشحهم الرئاسي حتى يصدر العكس، وذلك في ظل حديث رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في موسكو عن عدم تفاؤله بمبادرته الرئاسية.

أما الإشارة الثالثة فهي صمت الأحزاب والشخصيات المسيحية الرافضة لعون، الذي قد ينبئ بعاصفة آتية تضاف إلى العوائق التي تحول دون انتخاب رئيس جديد في 28 أكتوبر.

وفي ظل هذه الأجواء، تسود مخاوف من انهيار كامل للأوضاع في حال فشل انتخاب عون، لأن الأخير سيبادر الى التصعيد في الشارع والحكومة وفي طاولة الحوار وفي مجلس النواب، مدعوما هذه المرة بالتحالف مع زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبموقف من بكركي.

وتتحدث مصادر عن مخاوف كبيرة في الرابية من احتمال عدم وصول عون إلى الرئاسة على الرغم من أن «الجنرال» المرشح الدائم للكرسي المسيحي الأول في البلاد، قد طور مناعة لمواجهة أي فشل جديد. وتشير المصادر الى أن «التيار الوطني الحر» سيجد نفسه في موقع يجبره على التصعيد وأن البلد قد يتجه الى مزيد من التحلل. وكان عون نفسه حذر مساء أمس الأول في اطلالة تلفزيونية من احتمال العودة الى المربع الاول، موزعاً رسائل ايجابية في أكثر من اتجاه، وخصوصاً حيال زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري والطائفة السنية. وأكد عون أن «العلاقة مع الحريري لم تنقطع يوماً، وهو الأكثر تمثيلا للسنة في لبنان، ومن الطبيعي ان يكون على رأس الحكومة». وقال: «تفاهمنا مع الحريري على كل المواضيع وتفهمنا هواجس تيار المستقبل»، مضيفاً: «السعودية تركت موضوع الرئاسة للبنانيين كي يقرروا». وأكد أن «وثيقة التفاهم مع حزب الله ليست موجهة ضد السنة، وأن سلاح المقاومة ضد اسرائيل مشروع والبحث فيه مؤجل». ونفى عون وجود خلاف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال: «انتخاب الرئيس يجب ان يكون منفصلاً عن السلة، ويجب ألا تكون هناك شروط مسبقة على الرئيس». وكان المطارنة الموارنة أيدوا أمس الموقف الذي أخذه بطريركهم مار بشارة بطرس الراعي الأحد الماضي فأكدوا خلال اجتماعهم الشهري أمس «ما أعرب عنه الراعي بشأن التقيد بالدستور في انتخاب رئيس الجمهورية من دون ان توضع عليه اي شروط مسبقة»، مشددين على «التقيد ايضا بالميثاق الوطني»، مرحبين بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس».

ودعوا الى «وضع قانون انتخاب يطلق مسارا لتمثيل حقيقي مشبع من الميثاق والدستور». وشددوا على ان «يلتزم الجميع بمصالحة وطنية شاملة تطوي صفحة الماضي وتعيد الاعتبار الى التسوية التاريخية التي جسدها اتفاق الطائف». وفور إعلان موقفهم، أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري تأييده لبيانهم «بكل مندرجاته والتي لا تتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني وما سُمي بالسلة»: مؤكدا أنه «وزّع على النواب في لقاء الأربعاء سلة مليئة بكعك العباس احتفاءً ببيان المطارنة». وبعد رد بري، أوضحت مصادر بكركي عبر قناة «ال بي سي» أنه «طالما رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤيد نداء المطارنة الموارنة يعني انه لا يضع شرطا على الرئيس، وبالتالي سقط مفهوم السلة المتكاملة».