يدلي المغاربة غداً بأصواتهم في انتخابات تشريعية لا يتوقع أن تحمل تحولا كبيرا بالمشهد السياسي للمملكة، لكنها ستكون حاسمة بالنسبة للصراع المحتدم حالياً بين حزب «العدالة والتنمية» الحاكم المحسوب على «تيار الإخوان المسلمين» وبين حزب «الأصالة والمعاصرة».وانتهت المدة الزمنية لحملات الدعاية الانتخابية للأحزاب التي انطلقت قبل 11 يوما مساء أمس.
ودعي نحو 16 مليون مغربي مسجلين في اللوائح الانتخابية للإدلاء بأصواتهم غدا من أجل اختيار 395 نائبا في 92 دائرة انتخابية وفق نظام الاقتراع اللائحي النسبي. وتم اعتماد أربعة آلاف مراقب محلي و92 مراقبا دوليا لتتبع سير ونزاهة الانتخابات.ووصف وزير الداخلية محمد حصاد، المناخ العام للحملة الانتخابية بـ»الإيجابي»، مؤكدا أن العاهل المغربي محمد السادس وجه بـ»توفير الظروف والإجراءات المناسبة، لضمان إجراء هذه الانتخابات في جو من الشفافية والنزاهة». وفي 2011، بلغت نسبة التصويت من أصل 13.6 مليون ناخب مسجلين في اللوائح 45 في المئة، في حين قاطع 55 في المئة العملية الانتخابية التي تشهد اليوم عودة السلفيين المغاربة للترشح والمشاركة القوية تحت لواء أحزاب متفرقة. وتبنى المغرب منذ الاستقلال خيار التعددية الحزبية. ويشارك اليوم نحو 30 حزباً في الانتخابات، لكن ثمانية منها فقط تملك القدرة على تكوين فريق برلماني وفق الشروط التي يحددها القانون.وتصدر حزب «الأصالة والمعاصرة» نتائج الانتخابات المحلية التي جرت نهاية 2015.وسيختار المغاربة عبر صناديق الاقتراع بين تجديد الثقة في الإسلاميين وخصومهم المطالبين بـ»الحداثة»، علما بأن التوقعات ترجح عدم حصول مفاجآت في ظل احتفاظ الملك بمعظم السلطات.وللمرة الاولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل هذا الاستقطاب القوي بين حزبين أساسيين، هما «العدالة والتنمية» الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، وحزب «الأصالة والمعاصرة» الذي تأسس في 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد. ولا يسمح النظام الانتخابي المغربي بفوز أي حزب بالأغلبية المطلقة للأصوات، ما يضطر الحزب الفائز بالمرتبة الأولى إلى البحث عن حلفاء يؤثرون في الغالب في وعوده الانتخابية وطريقة تسييره للقطاعات الوزارية.
إصلاحات محتشمة
وفي وقت تعتبر فيه المعارضة الحزبية والنقابات واتحاد رجال الأعمال أن اصلاحات الحكومة في عهد الإسلاميين «ضعيفة» و»محتشمة»، يقدم بنكيران اصلاحاته على أنها «أنقذت القارب من الغرق»، في إشارة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة للبلاد. ومن أهم ملفات الإصلاح التي لم تتجرأ الأحزاب المغربية في السابق على الاقتراب منها، لأنها تمس جيب المواطن مباشرة، رفع الدعم عن المواد الأساسية التي أنهكت كاهل موازنة الدولة، وخصوصا دعم المحروقات، إضافة الى إصلاح أنظمة التقاعد التي أشرفت على الإفلاس. ولا يقترح «الأصالة والمعاصرة» برنامجا انتخابيا مختلفا كثيرا عن برنامج «العدالة والتنمية» في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، لكنه يقدم نفسه كـ»مدافع عن الحريات» وبديل لتحسين ظروف المرأة ومكانتها في السياسة والمجتمع.من جهته، رهن بنكيران مصيره السياسي بتصدر حزب «العدالة والتنمية» للانتخابات، وقال إنه سيعتزل الحياة السياسية إذا لم يفز الحزب الذي يقوده بالاستحقاق.وأضاف في مقابلة خاصة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية في الرباط، أنه لا إصلاح في المغرب بدونه، مؤكدا أن بنية النظام تسمح بمزيد من الإصلاح.ودعا بنكيران المغاربة إلى اعطائه أصواتهم، موضحا أن «الأهم لحزبه هو القيام بعمله والبقاء على ولائه للملك، دون الانبطاح».الجدير بالذكر أن «العدالة والتنمية» يتجنب المواجهة المباشرة مع القصر الملكي، ويتهم خصمه السياسي، وبدرجة أقل وزارة الداخلية التي تدعم «الاصالة والمعاصرة»، بأنهما أداة لـ»التحكم» و»انعكاس للدولة العميقة»، متهما الطرفين في كل مناسبة باستخدام «الأساليب الاستبدادية» للسيطرة على الحياة السياسية.